سليمان شفيق

غسيل الأشخاص وتسليع الثوار

الأربعاء، 05 أكتوبر 2011 07:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كدت أشتبك بالأيدى مع سائق تاكسى، الطريق طويل، السائق لا يكف عن الثرثرة، شغلت نفسى عنه بالحديث فى الهاتف، أدرك السائق من المحادثة التليفونية بأن مهنتى صحفى.. سارع بالهجوم على الثورة.. وتهكم على الصحافة والصحفيين.. زجرته متسائلا عن سر غضبه، قال: أنا خريج كلية التجارة وأعمل فى مصلحة الأمن العام صباحا وعلى تاكسى مساء.. هل تعلم كم سيارة سرقت منذ قيام الثورة؟ وأجاب: "أكثر من ربع مليون سيارة.. ولم ترجع الشرطة سيارة سوى سيارة الفنانة بسمة!"، وأضاف ورغم أننى أعمل بالشرطة فقد تعرضت للسطو المسلح على سيارتى، ولجأت إلى كبار رجال الداخلية ونصحونى بالتفاوض مع اللصوص، وحدث ودفعت عشرة آلاف جنيه وعادت السيارة، أشعل سيجارة.. وأكمل متسائلا: هل تعرف عدد المقالات التى كتبت عن سيارة الفنانة بسمة؟ نظرت إليه فى غيظ قائلا: بسمة فنانة محترمة ومشهورة ومن حق الرأى العام أن يشعر بالفزع لما حدث معها، رمقنى بخبث وأشار بسبابته إلى صدره مبتسما: "إحنا الرأى العام"، ألقى بالسيجارة من نافذة السيارة وهو يضيف: يبدو أنكم تعاملوننا مثل تلك السيجارة!!، فقلت له: من نحن؟ ومن أنتم؟، أجاب: إحنا الشعب وأنتم الصحفيين، الثورجيه اللى طول النهار معندهمش حاجة غير الكلام فى الصحف وبرامج التليفزيون وكله بثمنه.. يا أستاذ هل تعلم أن ترقب الوصول حتى الآن لم يلغَ لا قبل الثورة ولا بعد الثورة؟ وكل يوم فيه حوالى من 20 إلى 30 شخصا بيوقفوهم فى المطار.. وحضراتكم طوال الوقت تتحدثون وتتكلمون عن باسبور د. عمرو الشوبكى، ثم قهقه، وهو يسأل: إنما إيه حكاية إنشغالكم بلون بدلة المشير الكحلى؟ (لم أتمالك نفسى.. طلبت منه الوقوف.. توقف.. ألقيت له الأجرة.. وتركت السيارة).

ترجلت حتى المنزل.. تأملت حديث السائق، حاولت أن اطمئن نفسى على أن ذلك السائق من الفلول ومخبر.. لكن شيئا ما دفعنى للبحث عن الموضوعات التى نشرت عن سيارة بسمة (108) أخبار ومقالات وموضوعات فى نفس أسبوع الحادث، أكملت بحثى عن الموقف الذى تعرض له د. عمرو الشوبكى فى المطار، 37 خبرا ومقالا وموضوعا فى الثلاثة أيام التى تلت الواقعة!! بحثت عن الموضوعات التى اهتمت بلون البدلة الكحلى التى ارتداها المشير طنطاوى فى جولته 8 موضوعات ومقالات!!

لم أكمل رحلة البحث خوفا من شعور مجهول انتابنى بأن قطاعات كبيرة من الصحفيين والإعلاميين لم تسعفهم قدراتهم المهنية لمواكبة بركان الحرية الذى انفجر بعد ثورة 25 يناير، استثمارات كبيرة تتدفق فى صناعة الإعلام من كل حدب وصوب، وصارت القاهرة سوقاً ومرتعاً للمال الإعلامى أكثر من بيروت، عمليات "غسيل أشخاص" وصناعة نماذج إعلامية وسياسية رديئة وتحت الطلب لما هو قادم، ولكن أخطر ما يقوم به الإعلام هو "تسليع" شباب الثورة، أقصد تحويلهم إلى سلعة إعلامية لزيادة عدد المشاهدين أو القراء، على سبيل المثال شاب فى بداية عقده الرابع يكتب 9 مقالات فى الأسبوع ما بين كبريات صحف القومية والخاصة، ويقدم برنامجاً.. ويستضاف فى الكثير من البرامج والمحافل.. كيف يتأتى ذلك وكبار الكتاب المحترفين يكتبون مقالا يوميا بمعاناة، وربما هناك فريق صحفى أو بحث يساعدهم!

عدت إلى هوايتى فى البحث فوجدت 48 شابا وشابة من شباب وشابات الثورة تحولوا إلى كتاب مقالات وأعمدة، تذكرت مصير أغلب القادة الشباب لثورة مايو 1968 فى فرنسا.

وكيف استخدمت المخابرات الفرنسية والأمريكية الإعلام فى إجهاض قدراتهم وتفريغهم من ثوريتهم، وتحويلهم إلى شخصيات مريضة بحب الظهور والإعلام، حتى أن البعض منهم ماتوا فى مصحات نفسية!! تركت قلمى وأنا أتمتم: ربى لا أسألك رد القضاء ولكنى أسألك اللطف فيه!!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

درش

ربنا يكرمك

عدد الردود 0

بواسطة:

يوسف سليمان

النقد الذاتي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة