مها عبد القادر

العمل.. الاستدامة والسلام

الأربعاء، 10 أبريل 2024 08:07 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عندما نستطيع وفق ما يتاح لدينا من قدراتٍ ومقدراتٍ ماديةٍ وبشريةٍ أن نلبي احتياجاتنا ومتطلبات المرحلة الراهنة، وفي نفس الوقت لا نهدر حقوق الأجيال المستقبلية؛ لتجد ما يساعدها على استكمال مسيرة الإعمار فإن هذا يحقق ماهية الاستدامة في صورتها الصحيحة والعميقة التي لا تقبل التأويل أو التحريف، وتلك آية تنشدها الدولة لتستكمل نهضتها المنشودة في مجالات التنمية بتنوعاتها المختلفة.

وحينما يشيع السلم والسلام والأمن والأمان في ربوع الوطن بفضل وعيٍ صحيحٍ يمتلك تطلعًا تجاه مستقبلٍ مشرقٍ يحمل بين طياته الأمل، وتستثمر فيه الطاقات بكل إيجابيةٍ في ميادين العمل المتنوع والمتعدد؛ فإن هذا يؤدي بالضرورة لتعضيد ماهية السلام المستدام؛ فتحرص الأجيال تلو الأجيال على أن تحافظ على موارد البيئة وتقي مقدراتها من طرائق التجني عليها بحجة الانتفاع المجحف، ومن ثم تصبح البيئة صديقةً لبني البشر وداعمةً له بصورةٍ إيجابيةٍ.

وهنا تتضح العلاقة الارتباطية بين مكون الاستدامة والسلام؛ فيصبح العمل مثمرًا نافعًا يانعًا في مكنونه ومكونه، ومن ثم ينتفع به الجميع دون استثناءٍ، ونصل بمراحله للمستويات المرتقبة، بل وتستمر الجهود ليرتقي لمستوى الريادة والتنافسية في شتى تنوعاته وأنماطه؛ فيصير المجتمع محبًا للعمل حريصًا ومسئولًا على تحقيق غاياته الكبري والتي تمثل ما تصبوا إليه الدولة في استراتيجياتها الطموحة التي تتبناها وتسخر كل الإمكانيات من أجل تحقيقها وفق مراحلها المخطط لها.

وجديرٌ بالذكر أن العدالة المطلقة تتوقف على إمكانية الدولة حيال توفير تنمية توصف بالمستدامة في مجالاتها الاقتصادية والبيئية لتنعكس على المجتمع بكامل مكوناته وطبقاته دون تمييزٍ أو انتقائيةٍ، ومن ثم بات الاستثمار سبيلًا آمنًا لتحقيق متطلبات الحياة الاجتماعية الكريمة؛ فبواسطته يتم توفير فرص العمل، ومن خلاله يتوفر النقد الأجنبي اللازم لتوفير الدعم اللوجستي للصناعات التي توطنها الدولة.

وفي ضوء مفرزات التنمية تتمكن الدولة من إتاحة الفرص للجميع لنيل تعليم متميز يساعد في تأهيل أبناء الوطن لاكتساب مهارات سوق العمل المتجددة والمتعددة والتي صارت مرتبطةً بالتقنية بشكلٍ كبيرٍ، كما ينال الجميع الرعاية الصحية الكاملة؛ فلا مكان لقوائم انتظارٍ أو صعوبةٍ في توفير مقومات الصحة العامة، وبدون شكٍ أضحى بناء الإنسان فكريًا وصحيًا استثمارًا حقيقيًا في الدول التي تسعى للنهضة والإعمار بصورةٍ مستدامةٍ.

وإذا ما تكاملت مقومات البناء المشار إليها سلفًا؛ فإن ضمانة العيش الكريم قائمة؛ فلا فقر ولا عوز ولا ظلم ولا قهر لمجتمع سواعده تعمل في مناخ يتسم بالديمقراطية والتعددية الفكرية المحمودة والمسئولية المشتركة تجاه رفعة الوطن ورقيه وعلو قدره ورفعته؛ فتصبح لغة الحوار وثقافات المناقشات والتفاهمات هي المعالجة البنائية التي تسهم في إيجاد حلولٍ مبتكرةٍ لشتى المشكلات والتحديات التي تواجه الدولة.

ولا ننكر بحال ضرورةٍ الشراكة الداخلية لمؤسسات الدولة بداية من الأفراد والقطاع الخاص والعام؛ حيث يجب أن يكون الهدف موحد تجاه مصلحة الدولة العليا، وهذا يحدث بالضرورة نوع من التكافل والتضافر حيال التحديات التي تواجه الوطن في شتى المجالات، ويؤدي إلى تنمية حقيقية تسهم في زيادة الإنتاجية وتوفر مناخٍ داعمٍ للعمل والاستقرار المجتمعي.
ويصعب أن نتجاهل أهمية القيم المجتمعية النبيلة في مناحي الحياة العملية والمعيشية على حدٍ سواء؛ فهي الضامن الذي يؤدي بالفرد والجماعة للوصول لمراحل الإتقان المتطلبة في إنجاز مهام الأعمال، وبدونها تعلو المصالح الشخصية فوق المصالح العامة، وهذا من شأنه يطيح بإنجازات الدولة ومن تصبح هشةً في كل ما تقوم به من أعمالٍ ومشروعاتٍ؛ لذا بات التمسك بالنسق القيمي أمرًا لا يمكن التخلي عنه؛ فهو بمثابة سفينة النجاة التي تحقق الإتقان في العمل وتضمن شيوع حالة السلم والسلام داخل المجتمع وبين المجتمعات قاطبةً.

حفظ الله وطننا الغالي وقيادتنا الرشيدة وشعبنا الأبي بقوة وعزة وفخر وتحيا مصر.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة