أكرم القصاص

عدم الانحياز.. بناء توازن فى عالم التحولات

الأحد، 21 يناير 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
القمة التاسعة عشرة لحركة عدم الانحياز، بالعاصمة الأوغندية كامبالا، وبالرغم من مرور 69 عاما على تأسيسها فى باندونج، و63 عاما على انعقاد أول مؤتمر لها فى يوجوسلافيا، لكن القمة أعادت التذكير بأهمية أن تتجمع الدول الناهضة لاستعادة قدرتها على الفعل فى ظل نظام عالمى مختل، تأسست الحركة من 29 دولة، وهى الدول التى حضرت مؤتمر باندونج عام 1955، والذى يعدّ أول تجمع منظم لدول الحركة، التى جاءت بتفكير زعماء مصر جمال عبدالناصر، والهند جواهر لال نهرو، وإندونيسيا أحمد سوكارنو، ويوجوسلافيا جوزيف بروس تيتو.
 
انعقد المؤتمر الأول للحركة فى بلجراد عام 1961، وحضره ممثلو 25 دولة، ثم توالى عقد المؤتمرات وآخر قمة عقدت فى أذربيجان 2019، والتى سلمت رئاسة القمة لأوغندا، بمشاركة 120 دولة.
 
ومع بعض الاختلافات فإن الأجواء الحالية بالعالم - أثناء وقبل حربىّ أوكرانيا، وغزة - تُذكر إلى حد بعيد بما كان عليه الحال فى ذروة الحرب الباردة، والاستقطاب بين المعسكرين السوفيتى والأمريكى، وحلفى وارسو والناتو، واتسعت الحركة لتشمل ما يقرب من نصف دول العالم، ونجحت فى أن تواجه الاستقطاب، وخلال العقود التالية وصل عدد الأعضاء المنظمين للحركة إلى أكثر من 120 دولة.
 
ومع اختلاف الظروف، فإن ما يجرى الآن من إعادة تشكيل للعالم بما يتناسب مع الموازين النسبية للدول، مع القدرة على بناء تجمعات قابلة للتوسع، وإنتاج تعاون يخفف من ضغط ازدواجية النظام العالمى، يجعل تجمع «بريكس» ضرورة تفرضها التطورات والتحولات فى السياسة والاقتصاد، وبالتالى فالتجمع ليس نبتا مفاجئا، لكنه نتاج تفاعلات متعددة، بأشكال جديدة. 
 
وتنعقد القمة 19 فى كامبالا وسط العدوان الإسرائيلى على غزة، وفى ظل نظام عالمى مختل، فاقد لقدراته على التدخل أو حماية المدنيين فى غزة بعد ما يقرب من أربعة أشهر، وأيضا النظام العالمى نفسه يعانى على مدار سنوات من اختلال كبير، يعجزه عن التدخل لوقف الحرب فى غزة، وقبلها أو كرانيا، فضلا عن خلل يصل إلى النظام الاقتصادى العالمى، والحاجة لإصلاحه ومواجهة الثغرات التى تضاعف من ارتباك العالم.
 
 ولهذا شغلت الحرب على غزة، ومشكلات أفريقيا فعاليات القمة، واتفقت الدول المشاركة على ضرورة وقف العدوان على غزة، وأكد  وزير الخارجية سامح شكرى الحاجة أهمية تعزيز دور حركة عدم الانحياز وإحياء مبادئ باندونج، فى مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية المتزايدة أمام الدول النامية، مشيرا إلى أن مصر كانت سبّاقة فى إرساء وصون مبادئ باندونج، لا سيما احترام القانون الدولي، وسيادة الدول، وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، والالتزام بمقاصد وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، لإقامة عالم مستقر يقوم على التضامن الدولى والازدهار المشترك. 
 
وأكد شكرى فى كلمة مصر أمام القمة نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن الاجتماع يأتى فى توقيت يواجه فيه عدد من أعضاء الحركة تهديدا مباشرا لأمنه واستقراره، بل ولبقائه.
 
 إن منطقة الشرق الأوسط تشهد أزمة واسعة النطاق، إثر استمرار إسرائيل فى عدوانها الغاشم على قطاع غزة، ما خلّف - حتى الآن - أكثر من 24 ألف شهيد، أغلبهم من النساء والأطفال، ولتدمير بلغ حدا غير مسبوق لم تسلم منه المنشآت الطبية، والإنسانية، والبنية التحتية الأساسية، ودور العبادة، وقامت إسرائيل باستهداف العاملين بالمجالين الطبى والإنسانى، وموظفى الأمم المتحدة، والصحفيين.
 
وقد اتفقت دول عدم الانحياز على ضرورة مواجهة العدوان وتوقفه، وعلى صعيد القارة الأفريقية، تطرقت كلمة مصر الدعوة لكل الأطراف لإعلاء مصالح السودان والالتزام بوقف إطلاق النار، وشددت على دعمها التام لوحدة أراضى جمهورية الصومال الفيدرالية الشقيقة، وسيادة الصومال على كامل ترابه، وشجب أية إجراءات أحادية يتخذها أى طرف إقليمى لتهديد وحدة وسلامة الصومال، وحذر من مخاطر الإرهاب، وتهديد الأمن الغذائى، فى القرن الأفريقى فضلا عن تغير المناخ وندرة المياه، الأمر الذى يتطلب إعلاء روح التعاون واحترام قواعد القانون الدولى للمجارى المائية العابرة للحدود، بدلا من اتباع إجراءات أحادية، لا تأخذ فى اعتبارها الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على كل الأطراف، ما يهدد الاستقرار الإقليمى.
 
وأشار إلى أن الدول النامية تواجه أعباء اقتصادية متزايدة، خاصة ما يتصل بأزمة الديون وتفاقم العجز فى الموازنات العامة، ما يحتم إيلاء الدول المتقدمة مزيدا من التجاوب مع مطالب مبادلة الديون وتحويل جانب منها إلى مشروعات تنموية مشتركة تساهم فى دفع التعافى الاقتصادى وتعزيز النمو الشامل والمستدام، إضافة إلى العمل لدفع مؤسسات التمويل الدولية لمساندة ودعم جهود الدول النامية.
 
انعقاد قمة عدم الانحياز يجدد التأكيد بأهمية اصلاح النظام العالمى، وعلى مدار سنوات تنطلق الدولة المصرية ـ التى كانت دوما ضمن تحركات الاستقلال ـ  فى بناء سياستها الخارجية من مصالحها ومصالح شركائها القاريين والدوليين، وتوزيع العوائد والفرص، وطرح مبادرات للتعاون فى مواجهة التداعيات المختلفة للتحولات الدولية على الاقتصاد.
 
تسعى مصر والرئيس عبدالفتاح السيسى إلى بناء علاقاتها مع مراكز النمو الاقتصادى والتجارب الناشئة والمتقدمة فى الاقتصاد، بما يضمن فرصا عادلة متكافئة لكل الأطراف، وأيضا تبادل الخبرات والفرص بالشكل الذى يمكن كل الأطراف من تحقيق أهدافها فى التنمية والتقدم. 
 
ومع اختلاف الأجواء تظل الضرورة قائمة لتقوية التجمعات المستقلة، عدم الانحياز وغيرها من التجمعات القارية، التى تسعى لبناء توازن فى عالم شديد التغير.
 
p
 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة