محمد بركة في حواره لـ "اليوم السابع": آيس هارت في العالم الآخر أول رواية تعبر إلى ما وراء الموت.. الموازنة بين الكم والكيف ضرورة.. بعض روايات نجيب محفوظ سيطويها النسيان.. وعملي بالصحافة أثر على وقلل من إنتاجيتى

الأحد، 12 فبراير 2023 06:00 م
محمد بركة في حواره لـ "اليوم السابع": آيس هارت في العالم الآخر أول رواية تعبر إلى ما وراء الموت.. الموازنة بين الكم والكيف ضرورة.. بعض روايات نجيب محفوظ سيطويها النسيان.. وعملي بالصحافة أثر على وقلل من إنتاجيتى محمد بركة
حوار عبد الرحمن حبيب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يمثل محمد بركة حلقة من حلقة جيل التسعينيات بعناوين رواياته التى تثير الالتفات بدءًا من كوميديا الانسجام إلى 3 مخبرين وعاشق ثم الفضيحة الإيطالية وصولاً إلى حانة الست وآيس هارت فى العالم الآخر.
 
قد يبدو بركة مغرمًا بإثارة الجدل لكنه في الحقيقة يعبر عما بداخله بوضوح كما يقول، فلم تكن راويته ذائعة الصيت حانة الست محاولة للفت الانتباه بقدر ما كانت مشروعًا روائيًا رآه مواتيًا وملحًا، لكن ماذا عن آيس هارت وماذا عن العالم الآخر؟ هل يبدو العنوانان اللذان ركبهما ليكونا عنوان روايته الأحدث "مصنوعان للفت النظر"، إنه يقول لا، مؤكدًا أن عنوان روايته الصادرة عن منشورات إيبيدى قبل أيام منطقى يعبر عن الأحداث، فما هى القصة؟ سيجيب بركة في حواره مع "اليوم السابع" عن الأسئلة المتعلقة بالماضى والحاضر، الرموز والزملاء، القدامى والمجايلين، وقطعة الكريز التى طفت فوق سطح التورتة عندما كان واحدًا من الفائزين في مسابقة أخبار الأدب للقصة قبل تسعة وعشرين عامًا، وإلى نص الحوار:

أصدرت روايتك الأخيرة تحت عنوان "آيس هارت فى العالم الآخر" ما هي دلالة الاسم، وما معنى آيس هارت؟

بطل الرواية رسام، لديه قطة تسمى آيس هارت، وهى نوع من القطط الفارسية ذات البياض الثلجى، إذا "آيس هارت" هنا تشير إلى لون، كما تشير أيضًا إلى القلب البارد وهو القلب الذى يمتلكه بطل الرواية أيضًا، وهو مصدر العطب رمزيا وماديا فمنه يتسرب الموت ومنه يتسرب البرود وفقدان الشغف.
 
فى سياق أحداث الرواية تلعب قطة البطل "الرسام" آيس هارت دورًا إذ تتفحم بعد احتراق مرسمه وعليه تظل دليلاً على الحدث الرئيس وهو حريق الجاليري، أو بمعنى أدق تظل الأثر الباقى من كل تركه فى مرسمه، هناك إشارة رمزية أخرى ففى بعض مصادر التراث تتحول الحيوانات إلى رماد فى العالم الآخر.

هل تتعرض الرواية إلى العالم الآخر كفكرة أم بالتفصيل وهل هي مجرد أفكار في عقل البطل؟

لا توجد رواية مصرية حاولت من قبل الكتابة عن العالم الآخر سوى آيس هارت فى العالم الآخر وقد تصديت لهذه المهمة باعتبارها سردية جديدة عن منطقة لم يتطرق إليها أحد وإن تطرق إليها السابقون فقد جرى ذلك على استحياء ودون تفصيلات، وباعتبارها مجرد هلاوس أو أفكار فى عين أو رأس البطل، لكننى فى روايتى هنا أضع تصورًا كاملاً يتضمن تشكيلاً تخيليًا واضحًا عن العالم الآخر.

وكيف صورت العالم الآخر فى روايتك الجديدة؟

تصورت أن هناك لحظة ارتباك تصيب الجسد والعقل حين ينتقل الإنسان إلى العالم الآخر ثم حالة الحزن التى تنتاب الإنسان لتبدأ الروح فى التحرك لكنها حركة لا تخلو من التساؤلات النهمة التى تشبعها بعض الإجابات التى تتلقاها، كما يظهر للروح كائنات شريرة أو طيبة، هى حالة واضحة تمامًا أصورها كما رأيتها في الخيال، في البداية فكرت أن أسمى الرواية العالم الآخر لكننى اكتشفت أن هناك رواية للكاتب الراحل نبيل فاروق بنفس الاسم، ثم توصلت فى النهاية إلى الاسم الحالي "آيس هارت فى العالم الآخر".

قبل تسعة وعشرين عاما فزت مع تسعة عشر مبدعًا بجائزة أخبار الأدب فى القصة  ماذا تمثل لك التجربة وهل تعتبرها مدخلك للكتابة؟

قبل تسعة وعشرين عامًا وتحديدًا فى عام 1994 أطلقت أخبار الأدب جائزة فى القصة القصيرة وجاء مانشيت الصحيفة بعد إعلان الجوائز "عشرون كاتبًا هديتنا إلى مصر"، كانت مناسبة كبيرة وعظيمة ومهمة لى وللكتاب الآخرون لحضور جمال الغيطاني ونجيب محفوظ حفل تسليم الجوائز، كنت أصغر المشاركين على الإطلاق وكان من بين الفائزين مجموعة من الكتاب أذكر منهم هويدا صالح وأحمد أبو خنيجر وأحمد غريب وأحمد راسم فهمى الذى لا أعلم أين ذهب الآن إذ ما زلت أذكر نصه المدهش حتى اللحظة، هذا المناسبة بلا شك كانت مدخلاً إلى عالم الكتابة.

وهل تذكر القصة التى شاركت بها؟

كانت تحت عنوان "أبو بخيت" وتدور حول فكرة البخت فى حياة الإنسان عبر هذا الرجل الذى هو بطل القصة، أرسلت القصة فى ذلك الحين مع صديقى الكاتب شريف صالح ليشارك بها لأنه بلدياتي من "كفر سعد البلد"، وقد كانت المشاركات فى ذلك الحين ترسل بالبريد أو تسلم باليد، ومن المفارقات أننى أرسلت نسخة غير منقحة ثم أعدت تنقيحها بعد إعلان النتائج وحين جاء موعد نشر القصص الفائزة كما هو متبع طلبت إلى الكاتب الكبير الراحل جمال الغيطاني أن ينشر العمل المنقح وقد وافق على الفور وما زلت أشعر تجاهه بالامتنان حتى الآن.

يلفت النظر كثيرًا غزارة إنتاجك فى الفترة الأخيرة مقارنة بما سبق فكيف ترى الموازنة بين الكم والكيف وما الأهم من وجهة نظرة غزارة الإنتاج أم جودته، وهل تعتبر غزارة الإنتاج دليلاً على الموهبة؟

أرى أن الكم مهم أهمية الكيف، يمكننى إنتاج روايتان فى السنة ولا أرى فى ذلك إنتاجًا زائدًا، من الأساطير الشائعة أسطورة تقديس الكيف على حساب الكم بمعنى أن تجد من يقول لك إنه استغرق خمسة أعوام لكتابة رواية فيقدر له الآخرون ذلك باعتبار الجودة مضمونة، أو كأنها مرتبطة بالوقت الذى يستغرقه الكاتب لإنجاز عمله، الأفضل كثيرًا من الاهتمام بالكيف أو الجودة فقط الاهتمام بالكم والكيف معًا.
 
ما يبقى من كل كاتب بعد نهاية رحلته عدد محدود من الروايات التى علقت فى أذهان القراء وحفرت مكانتها لأسباب تتعلق بانتشارها التجارى أو تحويلها للدراما وأكبر مثال على ذلك هو نجيب محفوظ، فعدد رواياته يتجاوز الخمسين، الأعمال الفارقة منها محدودة، أظن أنها دون العشرة، والباقى روايات عادية.
 
أعتقد أن هناك أهمية ما للكتابة المنتظمة، هناك أعمال لنجيب محفوظ سيطويها النسيان، وبعضها كان تدريبات على الكتابة، لا أريد أن أستخدم تعبيرات قاسية وأقول مثلا إن عددًا من أعماله مكانها المتحف، لكن ما يمكننى قوله إن أى كاتب لديه عشرات الروايات تتفاوت قوتها من ناحية المستوى الفنى بطبيعة الحال.

"حانة الست" تمثل نقطة انطلاق بالنسبة لك لأنها كانت مفاجأة أن يكتب روائى عن أم كلثوم بهذه الصيغة فكيف جاءت الفكرة؟

بدأت الفكرة منذ سنوات ثم اختمرت فى النهاية، وعندها بدأت مشروعى الروائي عن أم كلثوم، كتبت 84 ألف كلمة ثم حذفت حوالي 40 ألف كلمة أي نصف الرواية تقريبا لأننى شعرت أن الأجزاء المحذوفة يمكن الاستغناء عنها، لدى هوس بفكرة التكثيف كوني بدأت مسيرتي بكتابة القصة القصيرة، لدى طموح دائم بأن يصبح النص مثل الوتر المشدود، معظم النصوص المتاحة فى السوق يمكن أن تحذف منها صفحات، وأنا لا أحب ذلك، أحببت أن يصطبغ النص فى "حانة الست" بصبغة الإيقاع السريع والتكثيف.

لك تجربة في الشعر قبل الرواية والقصة فلماذا لم تكتمل التجربة وماذا عن تجاربك السابقة فى النشر؟

بدأت فعلاً بكتابة الشعر، لدى قصائد لم تنشر لكننى لم أفكر أبدًا في نشرها، أما عن تجاربي في النشر فكانت متفاوتة، أصبت بخيبة الأمل كثيرًا، وشعرت بالإحباط، فى واقع خانق ونشر معطل وبائس، تجربة النشر في التسعينات وبداية الألفية الجديدة كانت أكثر صعوبة من الآن، دفعت ألف جنيه لنشر مجموعتى القصصية الأولى "كوميديا الانسجام" التى صدرت عام 1999 عن مركز الحضارة العربية وبعدها قدمت 3 مخبرين وعاشق عن دار ميريت وصولاً إلى الفضيحة الإيطالية، ثم انقطعت عن الكتابة والنشر لفترة وسط أسئلة عن جدوى الكتابة والنشر حتى عدت بعد الثورة.

عملت صحفيًا على مدار سنوات اشتغلت فيها بالأدب.. كيف ترى تأُثيرات الصحافة على الكتابة الروائية؟

تأثير سلبى بلا شك، عملى بالصحافة أُثر على كثيرًا وقلل من إنتاجيتى كثيرًا خلال السنوات الماضية، ما فعلته خلال آخر سنتين أننى فقط نظمت علاقتى بالصحافة، لتكون أقل ما كانت عليه، ما فتح مجال أرحب للكتابة الإبداعية، الكتابة الصحفية تستنزف المعين الكتابي الإبداعي بطريقة أو بأخرى، هذه وجهة نظرى من واقع تجربة.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة