سامح جويدة

«خليها تصدى».. بداية فرض إرادة المستهلك فى السوق المصرى

الأربعاء، 13 فبراير 2019 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يعد سلاح المقاطعة من أقوى الوسائل الجماعية فى مواجهة الاستغلال، فيعتمد على خفض الطلب إلى أدنى حد ممكن حتى يفيض المعروض ويزيد عن حاجة السوق وينخفض سعره تلقائيا، تبعا لنظرية العرض والطلب. أو يضطر صاحب السلعة إلى تخفيض أرباحه لإرضاء المستهلكين وإنهاء المقاطعة.. وللأسف كنا نفشل دائما فى استخدام هذا السلاح الفعال على المستوى السياسى والاقتصادى، ونكتفى فقط بشعارات رنانة وخطب عصماء بدون توجه جماعى فعال فى المقاطعة، فكل المصريين كانوا يعلنون مقاطعة المنتجات الأمريكية مثلا حينما يستفزهم دعم الولايات المتحدة للعدوان الإسرائيلى، ولكنهم يستمرون فى تدخين وأكل وشرب كل ما هو أمريكى وتتحول شعارات المقاطعة الثورية إلى «هى جت على علبة السجائر يعنى».. حتى الجبن الدنماركية فشلنا فى مقاطعتها أثناء نشر الرسوم المسيئة للرسول «صلى الله عليه وسلم» بصحف الدنمارك، بمجرد أن نزلت فى عروض التخفيضات بالسوبر ماركت حتى أننى سمعت مناقشة بين رجل وزوجته انتهت بشراء كرتونة مع التعهد بالاستغفار مع كل لقمة. 
 
بطبيعة الحال لو قارنا بيننا وبين تاريخ المجتمعات الأخرى فى المقاطعة لفهمنا الفرق الشاسع.. فالهنود قاطعوا كل المنتجات الغذائية والملابس وجميع احتياجاتهم الأساسية التى احتكر الاستعمار البريطانى صناعتها وتوزيعها، وظلت مقاطعتهم لسنوات فكانوا يصنعون ملابسهم جميعا بالغزل اليدوى حتى أن الثوب كان يأخذ أسابيع لصناعته، ويأكلون ما يزرعونه فقط، أو يصنعونه فقط، وفى أضيق الحدود، وشارك فى هذه المقاطعة كل فئات الشعب أغنياء وفقراء وجمعتهم الإرادة وحكمة غاندى الأسطورية «كلوا مما تنتجون والبسوا مما تصنعون وقاطعوا بضائع العدو»، واستمرت هذه المقاطعة حتى خسرت بريطانيا كل مواردها الاقتصادية فى الهند وانسحبت منها.. وأيضا اليابانيون الذين قاطعوا كل المنتجات الغربية والأمريكية بعد انهيارهم الكامل فى الحرب العالمية الثانية، وأصروا أن يستهلكوا ما ينتجونه ويزرعونه فقط، رغم أن كل البنية التحتية والمنشآت الاقتصادية كانت مدمرة بالكامل، ورغم كل هذا البؤس والدمار رفضوا تماما التعامل مع كل ما هو أجنبى، وبدأوا حضارتهم من جديد، وكأنهم من العصور الوسطى حتى وصلوا إلى ما هم فيه الآن من تقدم وقوة وعلم. 
 
أحكى لكم هذا لنفهم أهمية هذا السلاح الرادع فى مواجهة الاستغلال وأهميته فى تكوين ماهية الشعوب وتشكيل إرادتها ومقدراتها.. أقوله وأنا أتعجب من مجتمع عريق مثلنا يئن من مواسم غلاء البطاطس أو البامية ولا يفكر فى مقاطعتهم حتى تنخفض أسعارها اضطراريا بل يصر على الولولة والتفاخر بالشراء!!.
 
مجتمع اعتاد الخضوع لصاحب السلعة وكأنه صاحب الفضل، وليس صاحب مصلحة، حتى أن أغلبنا يفاصل البائعون على استحياء رغم أنه يدرك مغالاتهم واستغلالهم فى كثير من الأحيان.. لذلك جاءت حملة #خليها تصدى لتكون بداية حقيقية لفرض إرادة المستهلك واستخدام حقه الشرعى فى التصدى للغلاء والاستغلال والاحتكار، جاءت لتعلن للجميع حق المشترى فى تحديد سعر منطقى للبضاعة التى يدفع ثمنها وحقه فى الرفض والمقاطعة إذا كان السعر غير عادل، وأتصور أن نجاح هذه الحملة سوف يفرض على السوق المصرى قواعد جديدة ومهمة تنهى قصص الأرباح الهائلة والمستفزة لرجال الأعمال وسطوة رأس المال على الأسواق. 
 
وسوف تنتقل هذه الحملة إلى كافة المجالات الاقتصادية حتى يعود التوازن السعرى للعديد من المنتجات والبضائع التى تعانى من الاحتكار وعدم وجود ضوابط ورقابة على الأرباح الناتجة منها، وذلك بسبب العديد من السياسات الاقتصادية المنحرفة التى اعتمدنا عليها لعقود طويلة.. 
 
الآن جاء دور المستهلك المصرى ليقول كلمته ويضع شروطه وإن كان عليه أن يصبر ويلتزم بالمقاطعة ولا يلتفت للعديد من حملات التشويه والتشتيت التى سوف تواجهه وعلى أقطاب السوق المصرى ورجال أعماله أن يفهموا أن المعادلة تتغير لصالح المستهلكين، وعليهم أن يقللوا أرباحهم حتى تتوازن المعادلة المنفعية ويشعر المستهلكون بالرضا، وبأن ما يدفعوه يوازى فائدة ما يحصلون عليه.. حملات المقاطعة بلا شك لصالح المواطن المصرى، ويمكن أن تعيد الانضباط للكثير من الأسعار المنفلتة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة