شيماء سمير

أنا من جيل سعد نبيهة

الثلاثاء، 21 أغسطس 2018 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع الساعات الأولى لأول أيام العيد أدرك كم كنت طفلة سعيدة رغم فقر الإمكانيات وقتها، فالسيناريو المتكرر الذى يتحدث عنه جيل الثمانينات والتسعينات من تجهيز ملابس العيد لارتدائها فى الصباح وصولًا للعب مع أطفال الجيران، وجميع الطقوس التى تربينا عليها والتى كنا ننتظرها كل عام ليست مجرد شعارات نطلقها فقط من باب "النوستالچيا"، ولكنها بالفعل كانت أجمل ما يميز العيد عندنا، لم يعد يتبقى من العيد وبهجته سوى اسمه، تلك الحقيقة التى أصبحت أمرا واقعا نعيشه جميعًا.

أذكر أننى كنت أنتظر العيد ببهجة لا أراها فى عيون أطفال الجيل الحالى، تلك التى كانت تدفعنى لعدم النوم ليلة العيد بعد الانتهاء من مساعدة ليست بالكبيرة لأمى فى تجهيز المنزل من أجل استقبال هذا الحدث المهم، ثم أذهب للصلاة وأنا أرتدى ملابس يوم " الوقفة " مع حجابى البدائى الذى كنت استعيره من خزانة والدتى، وبعدها أعود من الصلاة التى لا أشعر بالعيد من دونها لأجد أمى وقد جهزت لنا وجبة الإفطار، وبعدها تأتى صديقتى الوحيدة وقتها لنلعب سويًا أو نشاهد التليفزيون ونقضى العيد معًا بهذه الطريقة.

لم يكن جيلى يمتلك الأيباد أو الموبايل أو يعرف طريقًا إلى الألعاب الإلكترونية التى يجيدها أغلب الأطفال الآن عن ظهر قلب، وكان كل إرثنا فى الدنيا من ألعاب حديثة ومتطورة هو " الأتارى "، وكنا نلعب بأدوات بسيطة، فبين الكوتشينة وبنك الحظ والشطرنج والعروسة نقضى أوقاتنا، وحين كنا نشعر بالملل من تلك الألعاب كانتا الورقة والقلم هما الحل الذى نلجأ إليه غالبًا لممارسة بعض الألعاب الذهنية بهما، كما لم يعرف المراهقون وقتها معنى للتحرش بالفتيات الذى أصبحنا نشاهده فى الحدائق والمتنزهات مؤخرًا من أطفال لم تتعد أعمارهم العشرة أعوام، تلك الظاهرة الدخيلة علينا والتى أصبحت بمثابة وباء منتشر فى المجتمع المصرى، أما أطفال اليوم فنجدهم منتشرين فى المولات والشوارع وعلى الكورنيش لا يفعلون شيئًا سوى التسكع أو مضايقة الآخرين، والأغرب من ذلك هو أن تجد كلا منهم ممسكا بيد فتاة تصغره أو تكبره بأعوام قليلة ويلتقطان "السيلفى” لتخليد تلك الذكرى فى مشهد رومانسى يستدعى التدخل السريع من الأهل والمجتمع، ويجعلنى أتذكر اللحظة التى كنت أرى فيها أخى يمر بجانبى فى الشارع فينظر كلانا إلى الأرض خجلًا وكأن أحدنا لا يعرف الآخر.

مشهد بعض الصبية استفزنى صباح اليوم وهو ما دفعنى لكتابة هذا المقال، وأثار لدى الكثير من التساؤلات حول أسباب اختفاء الحياء والأدب لدى أبناء الجيل الحالى، وبدأ يلح على ذهنى سؤال وهو ماذا حدث فى المجتمع ليصبح لدينا مثل هذه الأخلاق شبه المعدومة؟ لا أعمم بالطبع ولكننى أشفق على فقر هذا الجيل من كل شيء، بداية من السعادة الحقيقية والأدب والحياء والتربية، وأتساءل كيف سيكون هؤلاء الأطفال آباء وأمهات المستقبل، رغم افتقارهم لكل هذه الأشياء المهمة، لذا قررت أن اعترف وأفخر أننى كنتُ طفلة من جيل سعد نبيهة.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة