يوسف أيوب

إيران تعادى نفسها

الخميس، 03 مايو 2018 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان متوقعاً أن نصل إلى درجة القطيعة بين المغرب وإيران، لأن طهران لا تريد أن تصفى الأجواء مع الدول العربية، بل تسعى دوماً لافتعال المشاكل والأزمات، فهى لم تكتفِ بالتصعيد المستمر مع دول الخليج وتحديدا السعودية والإمارات والبحرين، بل إنها أدخلت المغرب على خط أزماتها الإقليمية، من خلال العبث فى أمنها وإرسال أسلحة إلى بوليساريو، عن طريق «عنصر» فى السفارة الإيرانية بالجزائر، وفقاً لما أعلنته الخارجية المغربية أمس الأول الثلاثاء.
 
من حديث وزير الخارجية المغربى ناصر بوريطة الذى خرج معلناً قطع العلاقات مع إيران متهما حزب الله اللبنانى بـ«التورط» فى إرسال سلاح للبوليساريو، يبدو لنا أن المغرب قطع شوطاً كبيراً قبل أن يتخذ قراره الأخير، فالوزير قال إنه زار طهران، حيث أبلغ نظيره الإيرانى جواد ظريف قرار المملكة، وأنه عاد إلى الرباط برفقة السفير المغربى هناك، وهو ما يشير إلى امتلاك المغرب الأدلة الكاملة التى تدين إيران، وتؤكد أيضاً استهدافها لأمن المغرب ومصالحه العليا.
إذا عدنا إلى ما قاله الوزير المغربى فسنجد أنه قدم لنا كل البراهين التى تؤكد التورط الإيرانى، آخذاً فى الاعتبار أن هذا الأمر ليس وليد اليوم، بل هو مستمر منذ عامين تقريباً، أو كما قال تحديداً وزير الخارجية المغربى ناصر بوريطة فى 2016 حين تشكلت لجنة لدعم الشعب الصحراوى فى لبنان برعاية حزب الله، تبعها زيارة وفد عسكرى من حزب الله إلى صحراء تندوف بالجزائر، حيث توجد مخيمات للاجئين الصحراويين تسيطر عليها بوليساريو، وجاءت نقطة التحول فى 12 مارس 2017 حين اعتقل فى مطار الدار البيضاء قاسم محمد تاج الدين بناء على مذكرة اعتقال دولية صادرة عن الولايات المتحدة تتهمه بتبييض الأموال والإرهاب، وهو أحد كبار مسؤولى مالية حزب الله فى أفريقيا، ومن وقتها بدأ حزب الله يهدد بالثأر بسبب هذا الاعتقال وأرسل أسلحة وكوادر عسكرية إلى تندوف لتدريب عناصر من البوليساريو على حرب العصابات وتكوين فرق كوماندوز وتحضير عمليات عدائية ضد المغرب، ومنها إرسال صواريخ سام 9 وسام 11 أخيرا إلى بوليساريو.
 
كما أشار وزير الخارجية المغربى ناصر بوريطة إلى امتلاكه أدلة ومعطيات وتواريخ تظهر تورط عنصر واحد على الأقل بالسفارة الإيرانية فى الجزائر فى تنظيم كل هذه العمليات على مدى عامين على الأقل.
 
كل هذه الأحاديث وأيضا زيارة وزير الخارجية المغربى ناصر بوريطة لطهران تشير إلى أن المغرب لم يكن فى تفكيره أن يلجأ إلى قراراه الأخير إلا بعد أن فاض بها الكيل، لأن المغرب يبدو أنه أراد زيادة التأكد من الأمر، ودار بينه وبين المسؤولين الإيرانيين حوارات مطولة، انتهت إلى اقتناع المغرب بأنه لا فائدة مرجوة من استمرار العلاقة مع هذا النظام الإيرانى الذى يتفنن فى الأضرار بكل الدول العربية من خلال دعم جبهات وخلايا معارضة بداخل هذه الدول، فى محاولة إيرانية مفضوحة ومكشوفة لإثارة الفوضى فى المنطقة، ولتمكين عناصرها من السيطرة على هذه الدول لتكون تابعة لطهران، إما بشكل مباشر أو غير مباشر، والأمثلة أمامنا كثيرة ولا تحتاج للسرد، لأنها معروفة للجميع.
 
من الواضح أن النظام فى إيران لم يتعلم من أخطائه، بل مستمر فى سلسلة الأخطاء التى ستكلفه الكثير، بفتح جبهات متعددة لن تفيده، بل ستزيد من مشاكله، ففى الوقت الذى كان من المفترض أن يبحث عن إعادة ترتيب علاقاته الإقليمية، وإجراء مصالحة مع دول المنطقة، نراه يزيد من عزلته، وكأنه يخطط لعزل وخنق نفسه بنفسه، ففى الوقت الذى تعلن فيه الولايات المتحدة رفضها للاتفاق النووى الذى أبرمته طهران مع الدول الست الكبرى فى صيف 2015، وتقديم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو عرضاً مفصلاً بالوثائق قال إنها تشكل «دليلا جديدا قاطعا على برنامج الأسلحة النووية الذى تخفيه إيران منذ سنوات عن أنظار المجتمع الدولى فى محفوظاتها النووية السرية»، نرى طهران مستمرة فى معاداتها للدول العربية، وهو ما يوضح على أى مدى ممكن أن تصل الأزمة بإيران.
 
النظام الإيرانى يراهن على جيوبه المنتشرة فى الدول العربية، ويعتبرها كروتا مضمونة فى أى صراع مستقبلى بينه وبين الولايات المتحدة، مثلما فعل بدعمه حزب الله فى لبنان والحوثيين باليمن، والشيعة فى العراق وسوريا والبحرين وغيرهم، والآن وصل إلى المغرب، وهو ما يكشف لنا حقيقة النوايا الإيرانية التى لن تهدأ إلا بفرض سيطرتها على المنطقة، أو نهاية نظام الملالى فى إيران.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة