سامح جويدة

الأخطاء الصغيرة واعتياد القبح فى الشوارع

الأربعاء، 18 أبريل 2018 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل الكوارث الكبرى تأتى من أخطاء صغيرة.. ونحن شعب أدمن الأخطاء الصغيرة. حتى أن أغلبنا فقد القدرة على الإحساس بها ولو ببعض تأنيب الضمير.
 
فمن السهل على الكثيرين إلقاء مخلفاتهم وقمامتهم فى الشوارع بداية بالكانز الفارغ وانتهاء بردش الطوب ومخلفات البناء، لتتحول شوارعنا إلى مكب كبير من النفايات وتحاصرنا القمامة فى الذهاب والإياب، ومهما كان وضعك الاجتماعى فسوف تواجه جيرانا معفنين يستمتعون بالقبح والقذارة وكأنه أسلوب حياة.
 
قد يلعب الجهل والفقر دورا كبيرا فى ذلك، ولكن إلى متى سنظل نبرر القبح و الزبالة التى سادت حياتنا بتلك المبررات الميتافيزيقية التى لا سلطان لنا عليها.. خاصة أن الكارثة تنطلق كالوباء بل تكاد تكون أسرع من حركة التعمير نفسها، فما من منطقة جديدة إلا وتكدست فيها أطنان من المخلفات والقمامة، وأصبحت من معالمها المعروفة، فتجد فى كل منطقة شارعا منكوبا أو مكانا موبوءًا اتفق على أنه صفيحة الزبالة، حتى المنتجعات السكنية الراقية اقتحمها هذا الوباء، وأصبح انتشار المخلفات والقمامة فى شوارعها من الأمور العادية التى اعتاد عليها السكان.
 
رحلة سريعة فى شوارع القاهرة أو أى محافظة ستؤكد لك فداحة ما نحن فيه، وأن الأمر تخطى حدود الجهل والفقر ليدخل بين حدود الإنسان والحيوان.. فالموضوع ليس بالسهولة التى يتصورها البعض، لكن المصيبة أننا اعتدناه لدرجة أن أول ما يلفت نظرنا فى أى دولة أجنبية أو عربية هو النظافة.. ووصل بنا الحال لأن نحقد على الآخرين بسبب نظافتهم وليس لتقدمهم أو لحضارتهم أو لمواردهم.. تضاءلت طموحاتنا حتى وصلت إلى القاع، وهى أن نحصل فقط على النظافة. يقال إن القاهرة فى الأربعينيات حصلت مرتين على لقب أجمل مدينة فى العالم.. وإذا صدقنا هذه الأسطورة فإننا أمام سبب من اثنين، فإما أن يكون أجدادنا أنظف منا بمراحل، وأننا لامؤاخذة مش أوى، أو أن مدن العالم كلها كانت محطمة بعد الحرب العالمية الثانية ولم يجدوا إلا القاهرة.
 
وأتصور أن السبب المخجل هو المقنع، ويجب أن نعترف بذلك إذا أردنا التغيير وأن يتضمن اعترافنا أنها مسؤولية مجتمع وأفراد قبل أن تكون مسؤولية دولة وحكومة، خاصة أن دور الدولة الأصلى هو المنع مش الجمع، بمعنى أن على الدولة إصدار قوانين رادعة تمنع الناس من إلقاء مخلفاتهم بشكل عشوائى، وليس أن تتكفل الدولة بجمع القمامة، فأى دولة مهما كانت قدراتها لن تنظف لك البسطة التى تفصلك عن جارك أو سلالم العمارة، وأعرف شوارع يتم تنظيفها من أطلال الردش ومخلفات البناء والقمامة كل صباح لتمتلئ بأكوام أكبر حتى المساء.
 
الموضوع يحتاج إلى ردع سريع، وقوانين تنظم سلوكيات الناس فى هذا الشأن مثل القانون الأخير الذى يلزم الناس بعدم تنظيف سياراتهم فى الشوارع بخراطيم المياه، وبدفع غرامة 10 آلاف جنيه فورية نظير ذلك. نحن نحتاج هذه النوعية من القوانين لتنظيف حياتنا، فالجيران الذين يلقون قمامتهم فى طرقات العمائر، أو الزبالون الذى يكومونها على جنبات الشوارع، أو قائد السيارة الذى يرمى مخلفاته فى منتصف الطريق، كل هذه السلوكيات يجب أن يكون لها وضع قانونى حتى يتجنبها الناس ويخافوا من عقوبتها، ماداموا لم يخافوا على صحة وبيئة من حولهم. وأتصور أن الرقابة الجماعية يجب أن تكون أساس ذلك، لأن هذه النوعية من الأخطاء قلبت شوارعنا إلى جحيم، وتهدد حياة الملايين بالتلوث والأمراض، ناهيك عن الاعتياد على القبح والرائحة.
 
القانون هو الحل، ولا توجد حكومة محترمة فى العالم لا تجرم مثل هذه السلوكيات، بل قد تدفع غرامة طائلة فى العديد من الدول لمجرد أن تطفئ سيجارة على أرض الشارع، ولا أتصور أن يفشل شعب له تاريخنا فى مواجهة مشكلة مثل القمامة، ولا يوجد مبرر لاستمرارها، إلا لأننا بالفعل لامؤاخذة مش أوى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

عبد الله المصري أدم

مجرد محاوله

تقسيم الأحياء والشوارع السكنيه "لمناطق إمتياز" , يُمنح ترخيص نظافة كل منها لمن ينطبق عليه شروط محدده . ليتولي الحاصل علي الترخيص "شراء" القمامه بالوزن من الوحدات السكنيه والمنشأت مباشرة بتعريفه محدده لكل تصنيف ضمن أربع تصنيفات : "أولاً : العضويه - مخلفات نباتيه , حيوانيه , . . . " , "ثانياً : الغير عضويه - معدنيه , بلاستيكيه , زجاجيه , . . ." , "ثالثاً : مخلفات بناء , . . ." ," رابعاً : مختلطه" , ليقوم بتوريد تلك القمامه لمراكز تجميع عموميه تتبع الدوله بسعر توريد أعلي (إضافةً لقيمه ثابته كمقابل رفع أي مخلفات من الشوارع) . علي أن يتم إلغاء الترخيص حال وجود أي مخلفات بالشوارع داخل حدود منطقة الإمتياز .

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة