أكرم القصاص - علا الشافعي

عاطف البرديسى يكتب: الراديو صديقى

الجمعة، 24 مارس 2017 08:00 ص
عاطف البرديسى يكتب: الراديو صديقى أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعيداً عن صخب التلفاز وبرامجه التى أصبحت مكررة ومملة، لا أستطيع مفارقة جهاز الراديو الذى أعتبره صديقى المقرب.

برامج الراديو تذكرنى بالماضى الجميل وكيف كان يجتمع حوله أهل القرى؛ وحتى أهل المدن لسماع برامجه الشيقة التى كان يعيشها المستمع بخياله ويتابعها أول بأول.

تبقى للراديو ولمحطاته التى كنا نتصبح بها يومياً ونمسى بها عشية نكهة خاصة لم يستطع طول الزمان عليه أن يلغيها، ولم تستطع التطورات التقنية الحديثة أن تتجاوزه ؛فما جاء بعده من تلفزيونات وفضائيات وانترنت الخ.. لم تلغى الراديو، فأشهر المحطات الاذاعية مازالت مستمرة حتى الآن ولها جمهورها العريض بل ان المزيد من الاذاعات يفتتح بشكل دائم وتلقى اقبالا وجمهوراً

وخلافاً لما تصوره كثيرون، لم تتأثر محطات الإذاعة سلباً بثورة التكنولوجيا حيث حافظ الراديو على تألقه بين عشاقه وتمددت قاعدة جماهيره فى أنحاء العالم.

ويكتسب الراديو أهميته وانتشاره الواسع وتغلغله فى المجتمعات النائية وبين الأميين والمستضعفين فى كل مكان.

وفى العديد من البلدان يروى كثيرون قصص عشق طويلة ربطتهم بالراديو، حيث كان المصدر الأول للمعلومات والترفيه، ووسيلة ناجحة للتحرر والكفاح.

والعصر الذهبى للراديو بدأ عام 1922 عندما أنشئت هيئة الإذاعة البريطانية لتكون ملهمة لشعوب أوروبا وأفريقيا وآسيا والشرق الأوسط.

ووسط زمن الراديو الجميل ولدت الإذاعة المصرية ومحطات عربية أخرى كان لها دور بارز فى نقل ما يحدث فى المنطقة حينها من صراعات عسكرية وسياسية وفكرية.

فى تلك الحقبة كان الراديو مبهراً للشعوب ورافداً مهما للتحرر والوعى بالنظر إلى كونه أصبح متاحاً فى المقاهى والأندية ووصل صداه إلى القرى النائية فى معظم الأقطار.

ولا يزال الراديو يقوم بدور حيوى فى حالات الطوارئ وعند حصول الكوارث حيث يستخدم للتواصل فيما بين الجهات المسئولة عن تقديم الخدمات الأمنية والإغاثية.

وإعلاءً لشأن الراديو فهو بالنسبة لمن يعيشون فى مجتمعات ممزقة أو من يجدون أنفسهم محاطين بالكارثة أو يبحثون بلهفة عن الأخبار، تنقل الإذاعة من المعلومات ما به تُغاث الأرواح.

ومازال الراديو يحافظ على تألقه فى القرى والمدن ويمثل أهمية كبيرة للأميين الذين لا يجدون فرصة للحصول على الثقافة والمعرفة إلا عن طريق الاستماع.

وإلى جانب ذلك يحتل الراديو حيزا مهما وسط النخبة الثقافية ومحبى الموسيقى وقائدى السيارات، ويحافظ على وجوده فى المحلات التجارية وصالونات الحلاقة والمطاعم، بالنظر إلى أن الإذاعة لا تشغل سوى حاسة السمع ولا تؤثر سلبا على أداء العمال خلافا لمشاهدة التلفزيون أو تصفح الجرائد

ما أروع الزمن الجميل.. زمن الراديو، وكم أتمنى أن يعود

فعندما كنا صغاراً كنا نلتف حوله نستمع إلى إذاعة القرآن الكريم ومن ثَم الاستماع إلى برامجه الخفيفة، وما أروع إذاعة صوت العرب التى يصل صداها إلى الوطن العربى يستمعون منه تفسير القرآن الكريم للشيخ الشعراوى رحمه الله

كانت هناك متعة وشغف لا نشعر به ونحن أمام التليفزيون، ومانراه من مشاهد العُرى والألفاظ البذيئة ومشاهد مخجلة لا ترقى للمشاهد

إن للراديو متعة خاصة إذاعة القرآن الكريم، محطة أم كلثوم، إذاعة الشرق الأوسط، وإذاعة صوت العرب، أجيال كثيرة نشأت على صوت هذه الإذاعات، بل أنه حتى الآن هناك الكثير من الأسر المصرية تجعل الراديو يعمل ليلاً ونهاراً تبركاً بآيات القرآن.

للهدوء والإستماع متعة لا يعلمها إلا أصحاب العقول الراقية، إن للراديو سحر وجاذبية خاصة، فما زال هناك مجال للاستماع والاستماع به، فالكثير منا يستمع إلى المحطات الإذاعية فى ظل الأعباء الموجودة فى حياتنا اليومية، فعن طريق الراديو يمكننا متابعة كافة أنماط الأحداث فى وقت قياسى وأثناء ذهابنا للعمل، وفى السيارة.

وعلى الرغم من أن الاذاعة تواجه بشكل عام تحديات كثيرة فى الوقت الحاضر مع انتشار وسائل إعلام أخرى، مثل الفضائيات ومواقع الانترنت، التى تجتذب قطاعاً واسعاً من الجماهير، غير أنها تظل بالنسبة لكثيرين صديقاً وفياً يشتاقون لسماعه، ويرون فيه وسيلة مريحة لتلقى الأخبار ومتابعة البرامج فى أى وقت، وتتميز الإذاعة بكونها الوسيلة الأكثر حيوية والأكثر تفاعلاً والأكثر جذباً إذا أنها تتماشى مع التغيرات وتطرح طرقا جديدة للتفاعل والمشاركة.

ففى زمن تعمل فيه مواقع التواصل الاجتماعى على بعثرة الجمهور ووضع حدود لنا وإدخالنا فى "الفقاعات الإعلاميّة" حيث يتداول الجميع نفس الأفكار، والأسلوب تقريبا لتعم الرتابة والروتين حياتنا اليومية تتميز الإذاعة بقدرتها الفريدة على توحيد المجتمعات وتعزيز الحوار الإيجابى من أجل إحداث التغيير وستظل الأذن قبل العين أحيانا موطن العشق ومفتاح الحواس وسيظل الراديو صديقى.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة