قبل أسابيع من موسم التوريد.. فاقد القمح يهدر «عيش» المصريين.. 19مليون طن من المحصول فقدتها مصر فى 10 سنوات بسبب سوء التخزين والنقل .. بيانات جهاز الإحصاء تكشف: إهدار 40% من محصول القمح عام 2015

الأحد، 12 مارس 2017 01:57 م
قبل أسابيع من موسم التوريد.. فاقد القمح يهدر «عيش» المصريين..  19مليون طن من المحصول فقدتها مصر فى 10 سنوات بسبب سوء التخزين والنقل .. بيانات جهاز الإحصاء تكشف: إهدار 40% من محصول القمح عام 2015 موسم توريد القمح
كتب منى ضياء

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أسابيع قليلة ويبدأ موسم توريد القمح الجديد فى منتصف إبريل المقبل، وهو ما يعيد للذاكرة قضية الفساد الكبرى، التى تم كشف تفاصيلها العام الماضى، من خلال لجنة تقصى الحقائق، التى شكلها مجلس النواب والتى توصلت لوجود عمليات توريد وهمية للقمح بلغت 200 ألف طن عام 2016 بلغت قيمتها ما يعادل 560 مليون جنيه، وذلك فى المواقع التى فحصتها اللجنة كعينة، بما ينبئ عن وجود حالات مماثلة فى المواقع التى لم يتم فحصها.
 
هذه القضية بكل تفاصيلها المتشعبة كشفت حالة الفساد التى تشوب منظومة القمح بكل مراحلها، والتى يجب أن يكون هناك ضمانات لتلافيها فى الموسم الجديد، خاصة مع هذه السلعة الاستراتيجية التى تشكل أهمية كبيرة للأمن الغذائى المصرى، الذى يعانى نقصا كبيرا فى الاكتفاء الذاتى من هذه السلعة.
 
وخلال السنوات الماضية تراجعت نسبة الاكتفاء الذاتى من محصول القمح فى مصر، لتصل إلى 49.1% فقط من حجم الاستهلاك، وذلك عام 2015 طبقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وهذا لا يعنى تراجع المساحات المزروعة من القمح أو انخفاض الإنتاجية، بل على العكس تماما، فقد ارتفع إجمالى حجم الإنتاج المحلى من 7.2 مليون طن عام 2010 إلى 9.6 مليون طن عام 2015، وفى الوقت نفسه زاد حجم الفجوة الغذائية من محصول القمح الذى تحتاج مصر لاستيراده لتغطية السوق المحلى والتى تعادل حجم الإنتاج المحلى أو تتخطاه بقليل لترتفع من 5.4 مليون طن عام 2010 إلى 10 ملايين طن تقريبا عام 2015، طبقا لبيانات جهاز الإحصاء، وهو ما توضحه الرسومات البيانية التالية.
 
وقد يبدو أن تحقيق الاكتفاء الذاتى من محصول القمح ذى الأهمية الاستراتيجية الهائلة أمر بعيد المنال، ولكن كلمة السر نحو بداية تحقيق هذا الهدف تكمن فى «الفاقد»، حيث كشفت بيانات نشرة حركة الإنتاج والتجارة الخارجية من السلع الزراعية الصادرة عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء وصول الفاقد السنوى من القمح إلى أعلى معدلاته عام 2015 محققا ما يقرب من 4 ملايين طن، تعادل نسبتها حوالى 40% من إنتاج محصول القمح المحلى فى هذه السنة، ونفس النسبة أيضا من القمح الذى استوردته مصر فى تلك السنة.
 
وتظهر هذه البيانات وجود خلل هائل فى كميات القمح التى نفقدها سنويا خلال عمليات التداول والتسويق، حيث بلغ متوسط نسبة هذا الفاقد 500 ألف طن سنويا خلال الفترة من عام 2001 وحتى 2009، ومنذ عام 2010 أخذ هذا الفاقد منحنى تصاعديا ليقترب من 2 مليون طن فاقد فى تلك السنة حتى بلغ أقصاه عام 2015 مسجلا حوالى 4 ملايين طن تقريبا، والجدير بالذكر أن نتائج موسم عام 2016 لم تظهر بعد، وقد تكون أكثر من ذلك، وهى السنة التى شهدت كشف أكبر قضية تلاعب فى توريد القمح لصالح مستوردين، كشفها مجلس النواب.
 
اللافت للنظر فى هذه البيانات أنها تتعلق فقط بالفاقد «الطبيعى» الذى يحدث منذ الحصاد وأثناء النقل والتخزين والتسويق، ولا يتعلق بوقائع الفساد الناتجة عن التوريد الوهمى الذى كشفته لجنة تقصى الحقائق العام الماضى، وهو ما ينبئ بأن القياسات الرسمية للقمح المهدر أقل من الواقع الفعلى الذى يمكن كشفه إذا ما تم فحص كل الشون والصوامع وأماكن التخزين.
 
ومن حساب كل من بيانات جهاز الإحصاء عن الفاقد لسنوات مختلفة، وبيانات البنك المركزى عن واردات القمح أيضا لسنوات مختلفة، فقد أنتجت مصر قمحا خلال السنوات العشر «2005 - 2015» بلغت كميته الإجمالية حوالى 93.1 مليون طن قمح، وفقدت خلال هذه الفترة 19.3 مليون طن قمح، نتيجة سوء التخزين وعمليات النقل والحصاد وغيرها، وهو ما يعنى أن مصر فقدت حوالى 21% من إنتاجها من القمح المحلى خلال السنوات العشر الماضية، وهى نسبة كبيرة جدا لدولة تعد أكبر مستورد قمح فى العالم.
 
هذه النتيجة لا تصب سوى فى صالح مستوردى القمح، حيث تكشف كل من بيانات البنك المركزى وجهاز الإحصاء ارتفاع معدلات استيراد القمح سنويا لسد الفجوة الغذائية المتزايدة بسبب زيادة عدد السكان واستمرار زيادة حجم الفاقد السنوى من القمح.
 
وأنفقت مصر حوالى 18 مليار دولار لاستيراد القمح من الخارج خلال فترة السنوات العشر المالية، اعتبارا من 2005/2006 وحتى 2015/2016، بمتوسط 1.7 مليار دولار سنويا، وهو ما توضحه بيانات البنك المركزى.
 
ويصل حجم القمح المستورد سنويا بما يعادل حجم الإنتاج المحلى، حيث بلغت كميته حوالى 9.4 مليون طن عام 2015، وهى السنة التى بلغ حجم الإنتاج المحلى من القمح 9.6 مليون طن، أى أننا نستورد بحجم ما ننتج سنويا من القمح.
 
وهنا يتضح أن حجم الفاقد من القمح فى السنة الأخيرة 2015 على سبيل المثال، وهى أعلى نسبة فاقد تحققت على الإطلاق يشكل 40% تقريبا من كمية القمح المستوردة من الخارج، التى بلغت قيمتها الإجمالية حوالى 1.7 مليار دولار فى السنة الأخيرة للدراسة.
 
وبحسبة بسيطة يمكن أن نعرف أنه إذا ما تم تقليل حجم الفاقد السنوى من القمح إلى النصف، فيمكن أن نوفر حوالى ربع الكمية المستوردة من الخارج، هذا بخلاف استمرار مكافحة عمليات الفساد والتوريد الوهمى للقمح، وهو ما يعنى أيضا أن تحقيق نسب أكبر من الاكتفاء الذاتى لمحصول القمح فى مصر ليس بعيدا على الإطلاق.
 
ويكشف الدكتور مسعد عبد العليم، الأستاذ بقسم بحوث القمح بمعهد البحوث الحقلية التابع لمركز البحوث الزراعية، أن مصر تعتبر الأولى على العالم، من حيث متوسط إنتاجية وحدة المساحة من القمح الربيعى، كما تتميز الأصناف المصرية بارتفاع نسبة البروتين، ورغم ذلك تحتل المرتبة الأولى كأكبر مستورد للقمح فى العالم، وذلك لعدة أسباب من أهمها عمليات الفقد أثناء حصاد وتداول الحبوب وحتى الاستهلاك بصوره المختلفة.
 
وقدرت دراسة أجراها المركز عام 2007 أن حجم الفاقد من محصول القمح بواقع 20 – 25% سنويا- بحسب عبد العليم- ولكن البيانات الحديثة التى كشفها جهاز الإحصاء فى نشرة حركة الإنتاج والتجارة الخارجية من السلع الزراعية الأخيرة الصادرة فى يناير 2017 - والتى حصلت «اليوم السابع» على نسخة منها - تكشف أن حجم هذا الفاقد ارتفع فى السنة الأخيرة للدراسة 2015 ليصل إلى 40% تقريبا من محصول القمح، أو ما يعادل ربع كمية القمح المتداولة فى السوق المصرى سواء المحلى أو المستورد، خاصة أنه يتم فقد كميات من القمح المستورد أيضا أثناء عمليات النقل كما تكشف الدراسات.
 
وبحسب الدراسات فإن أكبر فاقد فى القمح خلال المراحل منذ الحصاد وحتى النقل، يتركز فى نقل المحصول بحوالى 64% من نسب الفقد، وهو ما يوضحه الرسم التالى: 
 
أما فى مراحل «التخزين والطحن والخبيز» فإن النسبة الأكبر من الفاقد تتركز فى مرحلة التخزين بنسبة 63%، وهو ما يوضحه الرسم التالى: 
 
ولأن القمح هو المحصول الأوفر فى احتوائه على بروتين ومواد كربوهيدراتية ودهنية ومجموعة كبيرة من الفيتامينات، فلا يقتصر على غذاء الإنسان، بل يمثل عنصر جذب للطيور والقوارض جراء سوء التخزين فى شون ترابية، وهو ما أوصت كل الدراسات بسرعة تطويرها لتقليل نسب الفاقد من القمح.
 
وأكد الدكتور أحمد أبو رواش الأستاذ بمعهد الاقتصاد الزراعى بوزارة الزراعة، أن إمكانية توفير 50% من حجم فاقد محصول القمح سنويا، يسهم فى توفير ربع القمح المستورد تقريبا وتوفير العملة الصعبة، بما يؤدى لتحسين موقف ميزان المدفوعات المصرى.
 
وبحسب أبو رواش لا يقتصر فقد القمح على المزروع محليا فقط، بل يمتد للمستورد أيضا، حيث يتم فقد كميات منه أثناء عمليات التفريغ والنقل من الموانئ إلى الصوامع والمطاحن عن طريق النقل البرى والنقل بالسكك الحديدية.
 
وقامت الدراسات العلمية بتوضيح أساليب الفقد ونسبها بصور دقيقة منذ سنوات طويلة، ومع ذلك لا تزال نسب الفاقد فى ارتفاع مستمر حتى بلغت أقصى معدلاتها فى 2015، وهى أحدث السنوات المتاح بياناتها حتى الآن.
 
وكشف تقرير لجنة تقصى حقائق فساد القمح العام الماضى، عن كميات كبيرة من القمح غير صالحة للاستهلاك الآدمى بالشون والصوامع التى أجرتها الشركة العامة للصوامع من القطاع الخاص لتخزين القمح، وهو ما يرجع لعدم اتباع الطرق السليمة فى تخزين القمح، ووصول الحشرات والفطريات والقوارض إليها، وخلطها بالأتربة والأقماح المستوردة، والأقماح القديمة، وهو ما يتطلب إعادة النظر فى العديد من الإجراءات بالموسم الجديد، وعلى رأسها ضوابط تأجير الشون والصوامع الخاصة، وكيفية اتباع الأساليب الجيدة فى التخزين لتقليل نسب الفاقد، وبالتالى تخفيض حجم الفجوة الغذائية من القمح لتخفيض الاعتماد على الاستيراد الخارجى.
 
ومن جانبه قال مجدى ملك، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب ورئيس لجنة تقصى حقائق القمح لـ«اليوم السابع»، إن الفاقد الذى كان يتم الاستيلاء عليه فى المراحل المختلفة كان يصل إلى ما يقرب من 30% وفق بيانات موضوعية، ويرجع جزء كبير منها بسبب الثغرات فى منظومة القمح، ووجود سعرين للقمح، حيث تدعم الدولة الفلاح المصرى، وأيضا منظومة الخبز التى تعد المخرج النهائى لمحصول القمح.
 
وأكد ملك أنه يجرى حاليا وضع ضوابط جديدة لمنع الاستنزاف الذى كان يحدث بمراكز التخزين فى السنوات السابقة سواء الشون أو الصوامع أو الهناجر، كما تعمل وزارات الاتصالات والتخطيط والإنتاج الحربى على الانتهاء من قاعدة بيانات المستحقين للدعم لتدارك الأخطاء السابقة.
 
وقال ملك: «حتى الآن لم يتحدد أماكن الاستلام والتخزين للقمح، حيث تمت بالفعل اجتماعات بين وزارتى الزراعة والتموين بحضور ممثلين عن النواب قبل التعديل الوزارى، لكن لم يتم الانتهاء من تحديد المراكز بعد ونأمل إنجاز ذلك قبل بدء موسم التوريد».
 
وعن ضوابط تأجير مراكز التخزين من القطاع الخاص التى أوصت لجنة تقصى الحقائق بها فى تقريرها العام الماضى، أشار ملك إلى أن سعة مراكز التخزين التابعة للقطاع العام ارتفعت من 2.5 مليون طن العام الماضى إلى 5.5 مليون طن للموسم الجديد، وسيتوقف الاحتياج للقطاع الخاص على حسب المناطق الجغرافية التى لا تكفيها مراكز التخزين الحكومية، وفى هذه الحالة سيتم استئجار الصوامع من القطاع الخاص بمقابل مادى دون السماح بتدخل أصحاب مراكز التخزين فى تسويق المحصول أو استلامه من الفلاحين.
 
وقال: «هذا العام لن يكون هناك وسيط بين الحكومة والفلاحين فى استلام وتوريد الأقماح».
 
وقال ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان وعضو لجنة تقصى حقائق القمح، إنه قد يكون هناك خطأ فى حسابات فاقد القمح الرسمية بخلاف عمليات السرقة والنهب التى لم تشملها الحسابات، خاصة أن اللجنة كشفت فى تقريرها وجود حيازات وهمية للأراضى لا وجود لها من الأساس، وهو ما ينتج عنه خطأ فى كل الحسابات.
 
وأكد عمر لـ«اليوم السابع» أنه تم الاتفاق على ضوابط جديدة لاستلام القمح للموسم الجديد مع وزيرى الزراعة والتموين السابقين، ولكن لم يتم الاجتماع بالوزراء الجدد بعد التغيير الوزارى، وسيكون التعامل مع القطاع الخاص فى تأجير الصوامع فى أضيق الحدود وعند الحاجة الملحة فقط، ولن يتم تدخل أصحاب هذه المراكز فى عمليات الاستلام والتوريد على الإطلاق.
 
ولفت إلى أن دخول الصوامع الجديدة ضمن المشروع الإماراتى وهى 25 صومعة رفع السع التخزينية الجديدة لمراكز التخزين الحكومية إلى 5.5 مليون طن الموسم الحالى، مقابل 2.5 مليون طن فقط الموسم الماضى، وهو ما يعنى أن الحاجة لتأجير مراكز القطاع الخاص ستكون فى أضيق الحدود.
توريد القمح (1)
 
توريد القمح (2)
 
توريد القمح (3)
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

عبد المقصود عبد العال

نسبة الفاقد الاسطوريه التى لم تسجل فى موسوعة جينيز للارقام القياسيه

الم يخطر ببال المتابعين لهذه النسبه والتى بدأت فى الارتفاع والقفز المفاجىء منذ عام 2010 ان الفرق لا يمثل فاقد تخزين بل انه مبالغ مدفوعه لموردى قمح عن توريدات وهميه على النحو الذى نشر العام الماضى ، فلا يمكن أن يصل الفقد الى هذه النسبه والتى لم تكن تتجاوز قبل ذلك التاريخ 1 او 2 % على اكثر تقدير ، ولم يخطر ببال المتابعمين انها نسبه اسطوريه جديره بأن تسجل فى موسوعة جينس التى تخصص للارقام القياسيه المذهله وهل المشكله فى من سوف يتولى سداد رسوم القيد فى الموسوعه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة