أكرم القصاص - علا الشافعي

هل تنهى مفاوضات جنيف 4 أعراس الدم فى سوريا؟ الأبطال عرب وعجم وشخصيات أممية وثوار وأشباه ثوار وأنصاف حكام .. بوتين: منع التدخل الخارجى يضمن وحدة سوريا .. ودى ميستورا يشيد بمصافحات الوفود

الجمعة، 24 فبراير 2017 03:02 م
هل تنهى مفاوضات جنيف 4 أعراس الدم فى سوريا؟ الأبطال عرب وعجم وشخصيات أممية وثوار وأشباه ثوار وأنصاف حكام .. بوتين: منع التدخل الخارجى يضمن وحدة سوريا .. ودى ميستورا يشيد بمصافحات الوفود المفاوضات السورية فى جنيف
ماهر عبد الواحد- وكالات انباء

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هل يكتب المجتمعون فى قصر الأمم المتحدة بجنيف شهادة ميلاد جديدة لأحلام السوريين، وتخرج سوريا من محنتها، أم تزيد الولاءات المتعددة والمصالح المتضاربة للقوى الإقليمية والعالمية من أوجاع أهل الشام، بعد 6 سنوات من الحرب والدمار، فطقس جنيف وعصافيرها وأشجارها وكل ما فيها يبشّر بقرب حلول الربيع فى ربوعها ، لكن الملهاة السوداء الجارية فى أحد أعرق قصورها والتى يشارك فيها عرب وعجم ومسئولون أمميون وإقليميون وموالون ومعارضون وثوار وأشباه ثوار وأنصاف حكّام، لا توحى أبدا بربيع سورى قريب ولا بعهد ينهى أعراس الدم المتوالية فى البلد الجريح منذ نحو 6 سنوات.

 المبعوث الأممى الخاص إلى سوريا، ستيفان دى ميستورا، لم يجد حولا ولا قوة، سوى دعوة السوريين إلى المصافحات، فغرّد قائلا"ربما رأيتم بعض المصافحات، إن الشعب السورى فى حاجة إلى هذه المصافحات من أجل حل هذا النزاع" على الرغم من أن السلام فى هذا البلد الذى يشهد حروبا دموية طاحنة تديرها مصالح دولية متناقضة ومتشابكة لا يمكن أن تصنعه المصافحات بالأيادى وإغداق القبلات والأخذ بالأحضان، حسب ما نشرته شبكة"روسيا اليوم".

الأمم المتحدة التى تتولى بواسطة جهاز أممى مكلف التوسط لحل الأزمة السورية تصرف عليه ملايين الدولارات، لا تمتلك جدول أعمال واضحا لمؤتمر جنيف، ولا مبادئ خطة عمل للخروج من النفق، ولا حتى خارطة طريق تحضّر للوصول إلى جنيف قبل الدخول فى معمعة المحادثات والمهاترات والتصاريح والتصاريح المضادة، لذك اكتفى ممثلها بالقول أنه سيواصل تشجيع أطراف "الأزمة السورية على إقامة الحوار بينها" مع إضافة تعهده بالاستمرار"بتحفيز المشاركين فى المفاوضات للمضى قدما فى تحقيق جميع أحكام القرار 2254 ولتحقيق التوافق بين كيانات المعارضة"، مشددا فى الوقت ذاته، على أنه لا يقوم إلا بدور الوسيط المحايد. وهو بالفعل مبعوث أممى مجرّد من الأدوات والأسلحة الدبلوماسية، إذ لم يضع لا مجلس الأمن ولا اى جهة دولية فاعلة بتصرفه أى سبب من أسباب القوة والضغط يعينه على خوض غمار مهمته الصعبة إلى حدّ الاستحالة فى خضم المواقف الدولية المتلاطمة والمتناقضة!.

 

قبل هذا المبعوث الأممى الخاص، خاض الأمين العام السابق كوفى أنان، والدبلوماسى الجزائرى الدولى الأخضر الابراهيمي، غمار مغامرة البحث عن حلول للأزمة السورية فاضطرا للاستقالة بعد اصطدامهما بالأبواب الدولية الموصدة أمام الحلول فى سوريا، على أقلّه حتى اللحظة الراهنة، لذلك لم يكن مستغربا أن يصدح دى ميستورا بمرارة قائلا أنه" لا يتوقع معجزة من هذه المفاوضات" موضحا بصوت لا يخلو من القلق أن هناك "خلافات كثيرة جدا" ليس فقط بين الموالاة والمعارضة فى سورية، وإنما بين أطراف المعارضة المتعددة الأهواء والمشارب والمصالح والولاءات.

لذلك تغنّى دى ميستورا بإنجازه اليتيم وربما الوحيد حتى الآن، فصرّح قائلا بأن "تقدما كبيرا تم إحرازه خلال الأسابيع، وحتى ربما الساعات الماضية، لتشكيل وفد موحد وشامل من المعارضة السورية"، معتبرا أن قرار مجلس الأمن الدولى رقم 2254 "يحدد بشكل دقيق من يجب أن يشارك من المعارضة فى هذه المفاوضات" التى تشبه جعجعة سوق عكاظ.

وإذا كانت الحكومة السورية سمّت وفدها بهدوء ودون كثير عناء، فإن المعارضات السورية انشغلت بالاشتباك على الجبهة السياسية، فى حرب لاقتناص أحقية تمثيل منصاتها وفصائلها وما أكثرها إلى مفاوضات جنيف 4.فأعلنت القوى السياسية المعروفة باسم "منصة موسكو" انها لن تقبل أن تكون تحت وصاية معارضة الرياض التى لن تخرج من دائرة التأثير الخارجى ولن يكون لها مشروع وطنى مستقل عن الأجندات الخارجية.

واتهمت رئيسة لجنة منصة "أستانا" للمعارضة السورية، رندا قسيس، المبعوث الأممى إلى سوريا بعدم الجدية، بسبب تعويله على الهيئة العليا للمفاوضات فى تشكيل وفد المعارضة السورية إلى محادثات جنيف، وعابت على الهيئة عدم تمكنها من تشكيل وفد موحد يضم منصتى القاهرة وموسكو، مجددة تأكيد فاتح جاموس على أن المنصات الأخرى لا يمكنها القبول بأن تكون تحت رئاسة أحد ممثلى منصة الرياض.

أما جهاد مقدسي، رئيس منصة القاهرة للمعارضة السورية فأكد، أن مجموعته لن تنضم إلى الوفد المفاوض فى جنيف الذى شكلته الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للائتلاف الوطني، المنبثقة عن منصة الرياض للمعارضة. وقال بأن مجموعة القاهرة للمعارضة السورية اقترحت تشكيل الوفد المفاوض إلى جنيف 4 على أساس المنصات الثلاث، من القاهرة وموسكو والرياض، لكن الهيئة العليا رفضت تلك الصيغة.

باختصار هذا هو واقع تشرذم وتضارب وتناهش المعارضات السورية التى تشبه عارضات الازياء أكثر من الثوار، مع أنها تسمى نفسها معارضة "معتدلة"، فكيف سيكون الحال فيما لو دعيّت المعارضات الأقل اعتدالا والأكثر رعبا ودموية؟!.

ربما تكون روسيا واحدة من الدول القلائل التى تملك رؤية وأفكارا أوليّة للحل السياسى فى سوريا، وهذا ما بدا فى الموقف الذى عبّر عنه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بالتزامن مع انعقاد مؤتمر جنيف الذى تمنى له كل نجاح، وقدّم تصورا واضحا للأهداف المتوخاة منه، والمتمثلة بمنع أى تدخل خارجى فى سوريا لدى حل مسألة الحفاظ على وحدتها، مشيرا إلى أن هدف موسكو فى سوريا هو حماية السلطة الشرعية ومحاربة الإرهاب هناك.

الدبلوماسية الروسية كانت وما تزال تدعو لعدم التدخل فى شؤون سوريا الداخلية، عملا بمبادئ القانون الدولى التى تحترم سيادة الدول واستقلالها وحقها فى إدارة شؤونها. وقد أكد الرئيس بوتين على ذلك بقوله أن موسكو لا تنوى التدخل فى شؤون سوريا، مشيرا إلى أن "الوضع هناك معقد، لكن كلما كان انتقال البلاد إلى تسوية سياسية سريعا، كلما ازدادت فرص المجتمع الدولى للقضاء على عدوى الإرهاب فى أرض سوريا، وهى مصلحتنا الحيوية. لكننا لن نتدخل فى شؤون سوريا الداخلية، ولا يجب أن نفعل ذلك، وليس هذا هدفنا، فكل هدفنا هو ضمان استقرار السلطة الشرعية وتوجيه ضربات قاضية إلى الإرهاب الدولي، وهذه هى نقطة انطلاقنا فى بلورة أهدافنا".

وأضاف: "نحن نعرف سوريا كدولة علمانية متعددة القوميات والطوائف الدينية. باتت هكذا على مدار عقود طويلة، وكان ذلك ضمانا لوحدة أراضى هذه البلاد، وهذا ما سنسعى إليه، مع أن القرار الحاسم يعود إلى السوريين أنفسهم"، وشدد الرئيس الروسى على ضرورة عمل ما يمكن عمله لمنع أى تدخل خارجى فى سوريا لدى حل مسألة الحفاظ على وحدة أراضى البلاد.

لو نطق أى مسؤول أممى أو رئيس دولة، أو حتى دى ميستورا نفسه بالقليل القليل مما تعلنه موسكو ودبلوماسيتها الناشطة والرئيس بوتين شخصيا، وخاصة فيما يتعلق بمنع أى تدخل خارجى فى سوريا والسعى للحفاظ على وحدة أراضى البلاد، لكان من الممكن القول أن زعماء العالم وقادته الذين يملأون أثير الفضائيات بتصريحاتهم الرنانة عن قلقهم على الشعب السورى وآسفهم للدم المراق هناك صبح مساء، أصبحوا يمتلكون بعض أفكار وأسس أولية لمباديء للخروج من النفق السورى المظلم، لكن كل الكلمات والتعليقات والدعوات التى سبقت افتتاح مؤتمر جنيف وألقيت خلاله، لم تحمل أى جديد، لأنها عبارات قديمة وممجوجة لا تسمن ولا تغنى عن جوع ولا تساهم فى اجتراح حلول.

سنونوة واحدة لا تصنع الربيع، لذلك فإن مساعى روسيا ومواقفها وأفكار رئيسها الواضحة والنزيهة، لا تكفى وحدها لبعث بشائر ربيع السلام إلى سوريا، وإن كانت أكثر من ضرورية لحثّ الآخرين على تبنى إعلان مبادئ يشكّل خارطة طريق تساعد على رؤية بهق ضوء خافت فى النفق السورى المظلم.

كل المخلصين يتمنون النجاح لأى جهد يسهم ولو بالقليل القليل فى وقف النزيف السوري، إلا ان الوقائع والتصريحات تشير إلى أن مؤتمر جنيف الرابع ليس أكثر من حلقة فى مسلسل ملهاة دولى يعتاش على حساب المأساة السورية القائمة منذ 6 سنوات.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة