طارق الخولى

الوسطية السياسية "1-2"

الإثنين، 20 نوفمبر 2017 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الوسطية السياسية هو اصطلاح يستخدم للدلالة على التيارات السياسية الوسطية، والوسطية ينظر إليها فى المجال السياسى بأنها تأكيد لقوة سياسية متميزة عن اليمين واليسار، كما تمثل فكرة الاعتدال بين المحافظة السياسية والتقدمية من حيث الإصلاحات الليبرالية والاشتراكية والمحافظة من حيث الأفكار، فما أحوجنا إلى تدعيم الوسطية السياسية فى مواجهة التطرف السياسى، فقد ظن البعض بأن التطرف ينحصر فى المتشددين من الجماعات التكفيرية والإرهابية فحسب، لكن التطرف مرض والمتطرف جانٍ وضحية لجهل مدقع أو حتى من أخذته العزة بالإثم، فالمتطرف لا يجوز أن يكون سوياً إنسانياً أو متزناً نفسياً أو مستنيراً فكرياً، فالتطرف مخضب بلونى السواد والحمرة فهو غلظة وقتامة وكآبة وانغلاق ودماء، فكم من أمم هدمها التطرف وكم من بحور دم جرت كمجرى الأنهار بإيعاز متطرف، فالتطرف أبو الفتنة منجبها ومشعلها ومغذيها.
 
إلا أن مصر عندما تذكر عبر التاريخ تنعت بالتسامح ونبذ التطرف فالمصرى لا يهوى التطرف ولا يجنح إليه، فالتطرف يثير حفيظته ويستدعى اشمئزازه فيزحف من جذور جيناته الأصيلة النفور فيعتزل المتطرف ولو كان ابن أمة، فالجنس المصرى بطبيعته وسطياً دينياً وحياتياً وإنسانياً، فعلى مدى تاريخ طويل وممتد من التسامح قلما هب إلينا التطرف وارداً ومحمولاً من ثقافات ودول جوار، لتبدأ مراحل معتادة من المواجهة بداية بالاستيعاب ثم محاولات الترويض، فالتطويع فإذا ما باءت بالفشل انتهت بالانقضاض فالانكسار فالانحسار فالانقراض، لينهزم فى كل نهاية التطرف وينتصر المصريون.
 
فمنذ عقود من الحكم المستبد وتراكمات أمراضه حتى المشهد الآنى ومع حلول أى مناسبة كمنتدى شباب العالم يهب المتطرفون ويبثوا سمومهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى، حيث جثم على أنفاسنا ثالوث متطرف يهددوا الوطن، وهو يحاول أن يتعافى من أضغاث الماضى وينهض على قدمين ثابتتين ليعدو نحو التقدم، فالمتطرفون مباركياً وإخوانياً وثورياً يتناوبون على محاولات إزهاق روح الوطن ودحرنا نحو مجهول يخيم عليه السراب والظلمات، فيقاتلون سعياً نحو مرادهم وغاياتهم، فيركضون كوحوش البرية لنهش جراح الوطن الغائرة التى ومضها الشعب المصرى فى الـ 30 من يونيو 2013.
 
لا أقصد بالمتطرفين مباركياً الذين يميلون لمبارك اقتناعاً دون إنكار لأخطائه فلا يغضوا الطرف عن أبناء نظامه الفساد والبيروقراطية والمحسوبية التى نحتت فى جدران الوطن على كل الأصعدة فتصدع، وكاد أن ينهار لولا أن أتت ثورة 25 يناير حاملة انفراجة لوضع متأزم بات مغلقا كلعبة الدومينو، فالتجريف الممنهج طال الجميع حتى لا يبقى فى الوطن شخصية نصبوا إليها كبديل لمبارك فغلق الحياة السياسة والفروق الشاسعة بين الطبقات فى ظل نمو اقتصادى كبير وسوء عدالة فى التوزيع، كانت مهددات فى صميم الأمن القومى كادت أن تلقى بالوطن نحو الهاوية. فالمتطرفون مباركياً.. بعضهم أصحاب المصالح الذين تضرروا سياسياً أو مالياً أو اجتماعياً من زوال نظام مبارك، وبعضهم لا يحبون الوطن إلا من خلال مبارك ورجاله فتمتزج وتترادف معانى الإخلاص وحب الوطن مع حب مبارك والوفاء له، مستدعين لمبارك بطولات عسكرية لا علاقة لها بأدائه السياسى، فلا يتوانوا عن تحقيق مآربهم ولو فيه خراب الوطن فيكرسوا أبواقهم وخزائنهم ليس لكفاح الوطن، ولكن لمعركة رد اعتبار مبارك وتجريس ثورة يناير وإعلانها مؤامرة بشكل رسمى ويوم نكسة فى تاريخ مصر.
 
بجانب المتطرفين مباركيا يأتى المتطرفون إخوانياً وهم نسل نجس تجسيد حى لعقوق الوطن، بذرة الشر التى فرعت أغصان الفتنة أهل النفاق فى كل العصور منذ تأسيس الجماعة وحتى اليوم، فالخسة هى أسمى مبادئهم والكذب أسهل وسائلهم، فالدين والوطن والهوية والعرض لا وزن لها ولا قيمة فى مقابل غايتهم دولة الإخوان، هذا الشبق الممتد عبر أجيال الجماعة لا يستكين ولا يتوقف فيسيل لعابهم للسلطة ليدنس أرض مصر الطاهرة، ويهيموا ككلاب الأزقة المسعورة لاهثين خلف الحكم فينهشوا أبناء الوطن الأبرار بلا رحمة ولا هوادة ولا دين.
 
الجماعة ليست مجرد كيان فحسب وإنما منهج وأسلوب حياة ونظرة دونية للمجتمع، فمن المستحب ألا يتزوج الإخوانى إلا من بنات جماعته ليكونوا أسراً وعائلات تضمن تماسك الجماعة وتوارث مقدساتها بالنقل من جيل إلى جيل، فيحفظوا عن ظهر قلب كتابهم المقدس وصايا نبيهم البنا وتعاليمه كما لا تخلو جعبتهم من عدة الشغل، عباءة الدين واللحى المصطنعة ولسان الغنة، ليدغدغوا مشاعر البسطاء بأسمى ما يمسهم «الدين»، ويروجوا لبطولات زائفة فى نصر الإسلام والجهاد فى سبيله ويقصوا تاريخهم الكاذب عن مظلومية عاهرة تعرضوا لها على يد الجميع فهم المضطهدون دائما.
 
حتى الآن لم تستفق الجماعة ولم تستوعب الصفعة المدوية فى الـ30 من يونيو التى طنت آذانهم، وغيبت ما تبقى لديهم من جزيئات العقل، فمازالوا يفرفرون كالذبيحة فيدفعون بالوطن نحو الهلاك لا تفارقهم نزعة الانتقام من مجتمع لفظهم، فاستحق الرجم حتى الموت أو الإذعان لإرادة الجماعة وغاياتها ولو بعد حين، مستعينين بالأراذل قوى وحكومات متواطئة تعشمت فى الجماعة، ومازالت لإسقاط مصر ليهبوا عليها ممزقين الوطن إربا.
 
أما المتطرفون ثورياً فهم لقطاء الجهل والمزايدة، مدعو الثقافة، هم الفاشيون الجدد، فلا يجوز أن تخالفهم الرأى فيستبيحوا عرضك وسمعتك تلك هى ديمقراطيتهم، فحرية الرأى ملكهم فحسب دون غيرهم، محتكرون للثورة فيمنحون أكثرهم تطرفاً صك الثورية وتاج الزعامة، ومن اختلف معهم موصوم بالردة الثورية والعمالة لأعداء الثورة دون إدراك أنهم أعداء الثورة الحقيقيين، والوبال على مقدراتها فهم المدخل الممهد لضرب سمعة ثورة يناير دون أى عناء، فكيف لا وهم مطعمون بذوى العلاقات المريبة بمنظمات مجتمع مدنى مشبوهة أسست فى عهد مبارك لاسترضاء الأمريكان، فى إطار الاستراتيجية الأمريكية لاستخدام ما سموه بالحرب الذكية للسيطرة على الشرق الأوسط وإعادة تقسيمه بدون استخدام آلة الحرب الأمريكية، وتكبد مليارات الدولارات كما حدث فى العراق.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة