كرم جبر

متى تعود «بلقيس»؟

الثلاثاء، 14 نوفمبر 2017 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نزار قبانى أعظم شاعر كتب عن المرأة، لم يحب سوى زوجته بلقيس، النخلة العراقية الممشوقة القوام، كما كان يحلو له أن يصفها من يقرأ شعره، يتخيل أن فراشه كان لا يخلو من النساء ليل نهار، ولكن من يقرأ قصيدته «بلقيس» التى يرثى فيها زوجته، يتأكد أن نبضة واحدة من قلبه لم تهمس لامرأة أخرى، سوى زوجته بلقيس.
 
قصيدة «بلقيس» تفتت الصخر فى القلوب، وتسيل الدموع فى العيون، وتهز المشاعر مهما كانت الأعصاب قوية، وتصل ذروتها الحزينة فى المقطع الذى يقول فيه «يا زوجتى وحبيبتى وصديقتى وضياء عينى.. قد كنتِ عصفورى الجميل فكيف هربتِ منى»، المرأة والزوجة عندما تكون نسمة هائمة، تجعل الرجل عاشقا متصوفا فى محرابها، لا يرى سواها ولا يعشق غيرها، وتتألف الأرواح فى عالم آخر غير الدنيا الغادرة التى نعيش فيها.
 
الحب أسمى شىء فى الوجود، تتلون الأشياء فى عينيه بلون عيون محبوبته، أجمل وردة وأحلى همسة وأرق نداء.. كلامها جاذبية، وصمتها لهفة، وهمسها نداء، حين تأتى تجىء معها البهجة، وحين ترحل تسبقها الأشواق، ومن يستطيع السيطرة على دموعه حين يقول نزار «بلقيسُ.. كانت أطولَ النَخْلاتِ فى أرض العراقْ.. كانتْ إذا تمشى.. ترافقُها طواويسٌ.. وتتبعُها أيائِلْ..بلقيسُ.. يا وَجَعِى.. ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأناملْ.. هل يا تُرى.. من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ؟
 
المرأة، ساحرة الكون، وسر الحياة  ورمز الخلود، ملهمة الشعراء، وعذاب البؤساء، وقبلة العشاق، لا ترحل أبدا حتى لو غاب جسدها، وتظل روحها ملهمة للبلابل والأنهار والليل والهدوء والسلام، وتبقى لحظة الفراق فاصلة بين عالمين، الموت والحياة، وعبر عنها نزار بعد مقتل بلقيس فى حادث تفجير السفارة العراقية ببيروت سنة 1980 «شظايا الكلمات مازالت داخل جسدى».. أحسست أن بلقيس سوف تحتجب عن الحياة إلى الأبد، وتتركنى فى بيروت ومن حولى بقاياه، كانت بلقيس واحة حياتى وملاذى وهويتى وأقلامى.
 
تذكرت نزار وبلقيس والحب والحياة والموت.. لماذا؟ لا أدرى ربما من صدمة القبح الذى يحاصر علاقاتنا الإنسانية، أو الانتحار الرومانسية والمشاعر النبيلة، ليس مهما، ولكن لن تعود الأيام الجميلة، إلا إذا رجعت بلقيس، ملهمة الدنيا وأيقونة الجمال وسر الحياة.. «هل تعرفونَ حبيبتى بلقيس؟ فهى أهمُّ ما كَتَبُوهُ فى كُتُبِ الغرامْ.. كانتْ مزيجاً رائِعَاً بين القَطِيفَةِ والرخامْ.. كان البَنَفْسَجُ بينَ عَيْنَيْهَا ينامُ ولا ينام». 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة