أكرم القصاص - علا الشافعي

عمرو خالد

النقد الذاتى.. مراجعة وإصلاح

الثلاثاء، 24 يناير 2017 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- بعض المتدينين يرفضون توجيه أى كلمة نقد لهم لأنهم يخلطون بين ذواتهم والإسلام 

أن تواجه نفسك بأخطائها من أجل إصلاحها وتطويرها للأفضل، وتحفيزها ودفعها للأمام، فهذا هو المقصود بمفهوم «نقد الذات»، والإسلام يعلمنا ذلك، من خلال «الاستغفار والتوبة»، حتى يقوم الإنسان بالمراجعة الشاملة والدورية لأخطائه فى الحياة، وهناك فرق بين «نقد الذات»، و«جلد الذات»، فالأول يقوم على مواجهة النفس بأخطائها، ومن ثم تدارك تلك الأخطاء وإصلاح الذات، أما الثانى فهو الاعتراف بالأخطاء دون إصلاح.

لكن هناك من الناس، وبخاصة بين المتدينين من يرفضون توجيه أى كلمة نقد لهم، لأنهم يخلطون بين ذواتهم والإسلام، فيعتبرون أى نقد لهم هو نقد للإسلام ذاته، على الرغم من أن النبى- صلى الله عليه وسلم - يقول: «الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»، وكان عمر بن الخطاب يقول: «رحم الله امرئ أهدى إلى عيوبى»، وقد نزلت سورة التوبة فى بعض الصحابة الذين فضلوا مصلحتهم الشخصية على الإسلام، لكن حصر «التوبة»، فى الإقلاع عن المعاصى والذنوب، هو فهم ضيق  لأنها أوسع من ذلك بكثير  فهى حالة نقد ذاتى.. مراجعة للنفس.. رقابة إدارية.. وما لم يدرك المرء نقاط قوته، لن يجيد توظيفها، وما لم يدرك نقاط ضعفه فلن يمكنه علاجها أو تفادى ضررها، وكى لا يحيد المرء عن المسار الصحيح  ينبغى أن يطرح للمراجعة والمحاكمة والتدقيق والتقييم كل ما لديه من معتقدات ومسلّمات وموروثات اجتماعية وأفكار ورؤى ومواقف وآراء وعلاقات وأخلاق، فما تأكد من صحته أبقى عليه، وما ثبت له خطأه نحّاه جانبًا واستبدله بما رسخ فى يقينه أنه الحق. 
 
طرق ثلاثة لنقد الذات:
الشجاعة: ومن ذلك ما فعله كعب بن مالك الذى كان من الذين خُلِّفوا عن غزوة تبوك متعذرًا بأعذار كاذبة، فقد ظل وصاحباه مرارة بن الربيع العامرى، وهلال بن أمية الواقفى فى حال من الضيق والغم طوال خمسين ليلة، حتى ظنوا أن الأرض قد ضاقت عليهم، إلى أن أنزل الله أنه قد تاب عليهم.. «وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لاَ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ».
 
إيمانية – روحية: من خلال التوبة والاستغفار.. احرص على الاستغفار بشكل يومى كتدريب دينى لإصلاح نفسك.. فالاستغفار معناه كأنك تقول: أنا آسف لن أفعل هذا ثانية.. الرسول يقول: «واللهِ إنى لأستغفرُ الله وأتوبُ إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرَّة»، فهل كان يتوب عن معصية يرتكبها.. أو عن كبيرة يقع فيها؟ حاشاه، لكنه كان نقدًا ذاتيًا.. مراجعة.. محاسبة لعمل اليوم.
 
 قبول النصيحة: فهذا «صموئيل كولجيت»، كان عمره 6 سنوات ذهب إلى نيويورك ليبحث عن عمل، وفى طريقه للسفر صادف رجلًا عجوزًا، قال له بعد أن عرف غايته: «تمسك بحلمك يا بنى.. عندئذٍ فقط ستحقق النجاح»، التفت الطفل إلى العجوز، وقال له: «أنا لا أتقن عملًا إلا صناعة الصابون والشمع، حيث تعلمتها فى منزل أسرتى»، أجاب الشيخ: «سيكون فى القريب شخص مهم ومعروف فى صناعة الصابون فى نيويورك، قد يكون هذا الشخص هو أنت، وقد يكون غيرك، لكن أتمنى أن يكون هذا الشخص أنت فتمسك بحلمك، وأنا أؤكد أنك ستصبح هذا الشخص الناجح صاحب الثروة».. استطاع الصبى أن يلتحق بعمل دائم بنيويورك، ودائمًا كانت تتردد بداخله كلمات العجوز، واتخذ خطوات ليتقدم فى طريق حلمه ويحقق النجاح الذى يريده، وبعد سنوات عدة صار شريكًا لصاحب العمل، وظل يطبق نصيحة العجوز حتى اتسع عمله وازدادت ثروته وأصبح اسمه معروفًا فى كل بلاد العالم.
 
نقد الذات يقود للنجاح: لا تخلو قصة نجاح من «نقد الذات»، فهذا عمر بن الخطاب يحققه بشِقّيه فى يوم واحد، فيترك الكفر ويدخل فى الإسلام، ثم يستثمر ما له من قوة وهيبة فيطلب من رسول الله أن يجهر المسلمون بدينهم، فكانت تلك لحظة فاصلة فى تاريخ الدعوة. وكذلك محمد الفاتح إذ أدرك ما له ولدولته من قدرات وإمكانيات، فمضى حتى فتح القسطنطينية.. لكن «نقد الذات» لايعنى أن تقعد عن العمل إلى أن تبلغ مرتبة الكمال، بل هو السعى لبلوغ الكمال، وإذا ما أردت أن تتقدم هذه الأمة، أن تقوم برسالتها.. أن تكون لها العزة والكرامة.. فاستجب لأمر الله طائعًا «وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، وأؤمر غيرك بذلك، فإذا تحرك الجميع ليتوب إلى الله، فإنه سينصر بهم الأمة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

سماح محمدي

عمرو خالد داعية العصر وقيصارة العلم والفضل

طيب الله ثراك.. دكتور عمرو خالد لمنهجك الجميل في الدعوة إلى الله .. جزاك الله خيرًا يا دكتور عمرو خالد .. على كل ما تقدمه للشباب من نصائح بأسلوب جديد للدعوة لم نعهده على دعاتنا فالتفت حولك الملايين وهدى الله بك قومًا كثيرين فاللهم اجعل ثوابهم ميزانًا يُثقل كفتك نحو الجنة يوم العرض عليه اللهم آمين.

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة