بعد التصالح مع حسين سالم.. نرصد تاريخ "الكسب غير المشروع".. أول قانون نظمه صدر 1951 وآخر تعديل فيه كان 1975..الجهاز تلقى 529 ألف شكوى بعد ثورة يناير ولم يثبت إدانة سوى 50 شخصًا فقط فيها

السبت، 06 أغسطس 2016 12:04 ص
بعد التصالح مع حسين سالم.. نرصد تاريخ "الكسب غير المشروع".. أول قانون نظمه صدر 1951 وآخر تعديل فيه كان 1975..الجهاز تلقى 529 ألف شكوى بعد ثورة يناير ولم يثبت إدانة سوى 50 شخصًا فقط فيها حسين سالم
كتب إبراهيم قاسم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لعب جهاز الكسب غير المشروع عقب ثورة 25 يناير دورا كبيرا فى الكشف عن حجم الثروات التى يمتلكها رموز نظام الرئيس الاسبق حسنى مبارك فى الداخل والخارج بالتنسيق مع اللجنة القضائية لاسترداد الاموال والتى حصلوا عليها بطريق غير مشروع، والذى لم يكن له أى دور قبل ذلك بسبب عدم تفعيل القانون المنظم له، حيث بلغ عدد الشكاوى المقدمة للجهاز خلال عام 2007 نحو 529 ألفا و697 شكوى، تم إحالة 1130 منها إلى النيابة العامة وتم حفظ 1080 شكوى ما يعنى أن جريمة الكسب غير المشروع لم تثبت سوى على 50 شخصا.

وبعد ثورة 25 يناير وحتى الآن بلغ عدد الشكاوى المقدمة للجهاز 700 الف شكوى تم احالة منها 2132 للنيابة وحفظ 1400 شكوى وثبتت الجريمة على 732 شخصية، ما يعكس حجم تفعيل دور قانون الكسب غير المشروع بعد الثورة.

ويمتد التطور التشريعى لجهاز الكسب غير المشروع إلى ما قبل ثورة 23 يوليو عام 1952 حيث تم إصدار القانون رقم 193 لسنة 1951 بشأن الكسب غير المشروع وتم تعديل القانون بالقرار رقم 135 لسنة 1952، والذى كانت أهم سماته قصر سريانه على الموظف والمستخدمين العموميين والمكلفين بخدمة عامة وممن لهم صفة نيابية حيث نصت مادته الأولى على أن "كل موظف أو مستخدم عام أو شخص عام أو مكلف بخدمة عامة أو صفة نيابية أن يتقدم خلال 3 اشهر من تاريخ العمل بهذا القانون أو من تاريخ التعيين فى العمل أو انتخابه إقرارا بما يمتلكه هو وزوجته وأبنائه القصر وقت العمل بالقانون من اموال ثابتة أو ريع أسهم أو اسهم بشركة أو سندات مالية أو بوليصات تأمين أو ودائع.

ولم يحدد هذا القانون جهة مختصة لفحص إقرارات الذمة المالية وكان الأمر متروكا بالإبلاغ عن جريمة الكسب غير المشروع بالإحالة للنيابة العامة واكتفى المشرع بعقوبة الجنحة إذا ثبتت إدانته.

وبعد ثورة 1952 صدر تعديل للقانون برقم 131 لسنة 1952 وكان من اهم سمات هذا التعديل أنه تضمن انشاء مكتب بوزارة العدل يختص بفحص اقرارات الذمة المالية حيث نص على أن تقدم الشكاوى إلى هذا المكتب المشكل بأحد وكلاء محكمة استئناف القاهرة وعضوين من ذات المحكمة تندبهم الجمعية العمومية سنويا ويعاونهم عدد كاف من رجال القضاة ينتدبهم وزير العدل، بعد أن كانت النيابة العامة هى الجهة الوحيدة المختصة بالتحقيق مع المتهمين فى جرائم الكسب غير المشروع بأمر من النائب العام.

كما عرف القانون جريمة الكسب على أنه "كل زيادة تطرأ على ثروة الخاضع للحكم القانون ولم يستطع إثبات مصدرها، وأعطى للجان الفحص وهى لجان قضائية سلطة تحريك الدعوى الجنائية عن جرائم الكسب غير المشروع بدلا من احالة الاوراق للنيابة، كما استثنى من الخاضعين لأحكام القانون العاملين بعقود مؤقتة فيما عدا الصرافين والمحاسبين مع منح من يبلغ عن جريمة الكسب غير المشروع مكافأة تقدر بخمس الغرامة المحكوم بردها.

وتم تعديل القانون رقم 131 لسنة 1952 بالقانون رقم 171 لسنة 1957 والذى اعتبره البعض بمثابة ردة عن الميزات التى منحها القانون السابق حيث جعل مدة انقضاء الدعوى عن جريمة "الكسب"، مدة سنة من تاريخ تقديم الاقرار عن نهاية الخدمة أو وفاة المتهم، كذلك اعفى الخاضعين لأحكام القانون من تقديم اقرار الذمة المالية، وجعل تشكيل لجان الفحص من الاداريين بدلا من العناصر القضاية والتى يتم تشكيلها بكل جهة إدارية تتسلم إقرارات الذمة وإذا ما وجدت زيادة فى الثروة يتم تقديمه للمكتب الذى تم إنشاءه فى وزارة العدل.

وفى عام 1961 تم تعديل القانون رقم 171 بالقانون رقم 148 لسنة 1961 والذى تضمن مد سريان القانون على كافة العاملين بالشركات المساهمة التى تساهم فيها الدولة بنسبة لا تقل عن 25 % أو تضمن لها حد أدنى من الأرباح، علاوة على سريان احكام هذا القانون على كافة العاملين بالجمعيات التعاونية التى يصدر قرار بتعينهم من رئيس الجمهورية بالإضافة إلى سريان هذا القانون باثر رجعى على الـ10 سنوات السابقة عن صدور القانون لضمان محاسبة كافة رجال الملك فاروق.

وفى عام 1968 صدر القانون رقم 11 لسنة 68 والذى الغى جميع القوانين السابقة بسبب المرحلة الجديدة التى مر بها المجتمع انذاك من النظام الاشتراكى وما تلاه من تأميمات ومصادرات وما ترتب عليه من رفعة المال العام وزيادة عدد الموظفين العموميين الخاضعين لهذا القانون. وحدد هذا القانون فى مادته الأولى الفئات الخاضعة له وهى 8 فئات وهم "القائمين على اعباء السلطة العامة وسائر العاملين بالدولة عدا شاغرى الدرجات 11 و12 – ورؤساء وأعضاء مجالس ادارات وسائر العاملين بالمؤسسات العامة وشركات القطاع العام عدا شاغرى الدرجات 11 و12 – وأعضاء مجلس الامة والمجالس المحلية وغيرهم من لهم الصفة النيابية – وأعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكى العربى وأعضاء التشكيلات الاخرى التى يصدر بها قرار جمهورى بتعينهم – وأعضاء مجالس الادارات بالمؤسسات العامة – ورؤساء وأعضاء مجالس ادارات النقابات المهنية – والاتحادات العمالية والنقابات العمالية العامة – ورؤساء وأعضاء الجمعيات التعاونية التى يصدر قرار جمهورى بتعينهم بالإضافة إلى الفئات التى كان يضمها القانون 131 لسنة 1952.

وشهد القانون 11 لسنة 68 انتقادات كثيرة منها عدم تحديد جهة أو جهات معينة تكون منوطة بالكشف عن جرائم الكسب غير المشروع بالإضافة إلى طول الإجراءات وعدم وجود الباعث للكشف عن جريمة "الكسب" لذلك تم اعادة النظر فى القانون وتم الغاءه وحل محله القانون رقم 62 لسنة 1975 والمطبق حتى وقتنا هذا. وكان من أهم سمات القانون أنه يعد من التشريعات الجنائية الخاصة الذى لم يرد النص عليه فى قانون العقوبات باعتباره القانون العام وتضمن وجوب الرجوع لقانون العقوبات فى حال عدم وجود نص عقابى على جريمة معينة فى قانون الكسب غير المشروع الاستعانة ايضا بقانون الإجراءات الجنائية.

من جانبه قال المستشار الدكتور رفيق محمد سلام نائب رئيس النيابة الإدارية، وعضو جهاز الكسب غير المشروع فى تصريحات خاصة للـ"اليوم السابع"، أن تعريف جريمة الكسب غير المشروع فى جميع القوانين الخاصة بالكسب غير المشروع وفقا لما استقرت عليه احكام القضاء: "تمثلت فى تضخم ثروة احد الخاضعين لاحكامه عقب توليه الخدمة أو أى صفة فى الدولة زيادة لا تتناسب مع موارده بسبب استغلال وظيفته وقد عجز عن اثبات مصدر مشروع لهذة الزيادة، سواء كانت هذه الزيادة لنفسه أو لغيره".

وتعد جريمة "الكسب" من الجرائم التى تدور فى فلك جرائم العدوان على المال العام المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى بقانون العقوبات والمعروفة بجرائم الاختلاس والاستيلاء على المال العام والعدوان عليه والغدر، وتشمل جريمة " الكسب" كافة هذه الجرائم باعتبارها من نتاجها.

وتابع "سلام": أنه فى حالة تحقق جرائم العدوان المال العام فانه يتحقق معها جريمة الكسب غير المشروع وهنا يتحقق ما يسمى بـ"التعدد المعنوى للجرائم" والتى يعتبرها القاضى جريمة واحدة ويعطى لها العقوبة الاشد بمعنى أن جريمة الاختلاس اذا ما ثبتت على شخص فانه بالتبعية تثبت عليه جريمة الكسب غير المشروع ولكن المحكمة عندما تعاقبه تصدر ضده عقوبة واحدة وهى العقوبة الاشد.

وأكد أن قانون الكسب غير المشروع رقم 62 لسنة 1975 صدر لمواجهة حالات انحراف الموظف العام فلا يطبق إلا على من يشغلون وظيفة فى الدولة فيما عدا حالة واحدة حيث يطبق على من يتعاقد مع الدولة ولديه بطاقة ضريبية بما يزيد عن 50 ألف جنيه، رغم أن قانون المدعى العام الاشتراكى الذى صدر قبله وتم الغاءه وكذلك قانون القيم فصدرا لمواجهة انحرافات الاشخاص العاديين الذين لم تتوفر لديهم صفة الموظف العام ولكن تضخمت ثروتهم دون اثبات مصدرها.

وأشار "سلام" إلى أن، من أهم عيوب قانون الكسب الحالى أنه قصر تطبيقه على فئات الموظفين العموميين سواء موظف عام حقيقتا أو حكما ول يشمل الفئات العادية علاوة على أن هذا القانون حدد تقادم فى جرائم الكسب غير المشروع بمدة 3 سنوات بينما التقادم فى جرائم العدوان على المال العام فى قانون العقوبات حددها بـ10 سنوات. كما أن من أهم عيوب القانون أنه استثنى الموظفين من المستوى الثالث أصحاب الدرجات 11 و12 من الخضوع لأحكام القانون فى حين انهم سبب الفساد.

وكشف "سلام" أنه على الرغم من تعديلات قوانين الكسب غير المشروع المتتالية إلا أنه لم يشهد تطبيقه إلا فى حالات نادرة قبل ثورة 25 يناير ومنها حالتين الأولى الخاصة بالمحافظ عبد الحميد حسن فى الطعن رقم 30342 لسنة 70 قضائية بجلسة 28 ابريل 2004 حيث أصدرت محكمة النقض حكما شهيرا فى قضية الكسب غير المشروع المتهم فيها المحافظ وأفراد أسرته بقبول طعنه على حكم سجنه شكلا وفى الموضوع الغاء الحكم المطعون عليه وبراءة الطاعن لما أسند إليه وإلغاء عقوبة الرد المقضى بها.

أما الحالة الثانية وكانت القضية الشهيرة المعروفة بقضية "عبد الوهاب الحباك" الذى كان يشغل منصب رئيس شركة النصر للأجهزة الكهربائية والالكترونيات التابعة للشركة القابضة حيث حصل لنفسه ولزوجته وأبنائه على ثروات قدرت بملايين الجنيات والدولات والفرنكات السويسرية والتى لم تتناسب مع موارده المالية وعجز عن تبرير مصدر مشروع لها وحكم عليه. وعقب ثورة 25 يناير تم تقديم قيادات الدولة إلى جهاز الكسب غير المشروع ومنها ما تم احالته إلى محكمة الجنايات ومنها مازال قيد التحقيق حتى تم تعديل القانون بما يسمح بالتصالح فى قضايا الكسب غير المشروع والذى كان من بشائر نتائجه الاولية التصالح مع رجل الاعمال حسين سالم الذى تنازل عن 75 % من ثروته مقابل انقضاء الدعاوى المقامة ضده.

وطالب نائب رئيس النيابة الإدارية بضرورة أن تمتد احكام هذا القانون على بعض الفئات غير الموظفين العموميين خاصة مع الغاء قانونى المدعى العام الاشتراكى والقيم مشيرا إلى أن محاربة الفساد يجب أن تتم على ثلاثة مراحل وهى الرقابة والتحرى ثم التحقيق وصولا للمحاكمة. وأضاف أن من أخطر هذه المراحل هى المرحلة الأولى والمتعلقة بالرقابة والتحرى ومن المعروف أن فى مصر 27 جهاز رقابى معظمها غير مفعل سوى هيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات ومباحث الاموال العامة وللأسف الشديد أن الرقابة الإدارية تضم 400 عضو فقط ومن غير المعقول أن يقوم هذا العدد بمراقبة 7 مليون موظف فى الجهاز الادارى للدولة يخضعون لقانون الكسب، لافتا إلى أن محاربة الفساد تتطلب قاعدة تشريعية ثم تفعيلها بجانب توافر الارادة السياسية لكن ما يحدث هو وجود قوانين وإرادة سياسية لكن دون تفعيل القانون.



موضوعات متعلقة..



النائب العام يقرر رفع اسم حسين سالم وأسرته من قوائم الترقب.. إخطار 25 جهة مصرية وأجنبية برفع اسم رجل الأعمال من قوائم ترقب الوصول.. وحفظ التحقيقات فى الوقائع المتصلة بالفساد بعد انقضاء الدعوى الجنائية










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة