أكرم القصاص - علا الشافعي

سامح جويدة

الجوع لا يعرف الأمل

السبت، 28 مايو 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مهما كانت درجات انتقادك للدولة وللحكومة فإن هذه البشائر تسعد الجميع



سواء كان حظنا هبابا أو بسبب الإرهاب أو مؤامرات الكلاب، فمازلنا نسير.. لا يمكن أن نختلف كل مرة من أين جاءت الرصاصة.

وأن نتعارك على استنتاجات ووجهات نظر تخلو غالبا من أى معرفة أو دراسة. نحن نختلف على «الفتى» وهذه قضية مخيفة فتجد مواجهات وخناقات على المقاهى حول أسباب الحرائق فهل هو عمل تخريبى من الإرهابيين أم بسبب إهمال وتقصير الأهالى.

أم لعدم التفات الدولة للإجراءات الأمنية والضوابط المتبعة فى كل العالم. أم تراه الحر أو الماس الكهربائى.

وتجد شجار فى البيت الواحد حول حوادث الطيران وهل هى قدرية أم إرهابية.

إخوانية أم مؤامرة عالمية. يتم التخطيط لها من الخارج أم تحاك من الداخل. وتجد زملاء فى العمل يتشاجرون فى المكاتب حول علاقة أمريكا بمصر، «بتحبها لا مبتحبهاش» «مع الإخوان أم الدواعش أم الليبراليين»، ضد الاستقرار أم ضد الانهيار.

أسئلة جدلية من هذا النوع الأحمق تأخذ من وقت الناس ومجهودها الكثير وتنتهى المناقشات غالبا على خلاف أو قطيعة، ناهيكم عن الطاقة السلبية الهائلة التى تصدرها تلك المناقشات العبثية فمن منا يعرف موقف أمريكا ويمتلك براهين عليه أو من يفهم هل يتم التخطيط من الخارج أم يحاك من الداخل، كل ما نفهمه هو «فتى» ونسج خيال، ولا نمتلك أى معايير على صحة أو خطأ أى رأى، فهل نعيش فى هذه الدوامات مدى الحياة حتى يصاب نصفنا بالاكتئاب والنصف الآخر بالتخلف العقلى. كما أن الانجرار خلف وسائل الإعلام فى هذه القضايا فيه سم قاتل فقد يسبب انفصاما فى الشخصية أو انقساما فى الهوية، لأن كل محطة أو صحيفة لها «فتاويها» ومتابعة عدة قنوات فى يوم واحد تؤدى أحيانا إلى «تربنة».

ومنذ فترة قصيرة هبت بعض رياح التفاؤل التى جاءت مع حصاد محصول القمح والكميات الوفيرة التى جاءت من المشروعات الزراعية الكبرى التى قامت بها الدولة، بالإضافة إلى وفرة إنتاج الفلاحين هذا العام ورغم بعض السلبيات التى ظهرت بسبب عدم استيعاب الصوامع للمحصول أو تأخر الدولة فى شرائه من الفلاحين، إلا أن الرسالة الإيجابية وصلت للجميع وبعدها تم افتتاح بعض محطات الكهرباء فى الصعيد ودار حوار إعلامى وشعبى واسع حول إنجازات هذا القطاع ومجهودات الدولة الواضحة فى تطوير منظومة الكهرباء بشكل عام كأمن قومى، وكأحد أهم متطلبات الصناعة والاستثمار.

وكان لذلك أثر مطمئن للمجتمع ككل، بل قلص شحنة الغضب الناتجة عن غلاء أسعار الطاقة والخدمات، لأن الناس عرفت أن هناك استراتيجية واضحة لها نتائج يصل مردودها للجميع. لذلك فرق كبير بين حوار للخلاف فقط بسبب علاقة مصر بأمريكا أو علاقة الحرائق بالكبريت وبين النقاش المتفائل حول مستقبل الطاقة أو التوسع فى الزراعة.

ومهما كانت درجات انتقادك للدولة وللحكومة ورغبتك فى تقويم وإصلاح الشؤون السياسية والمخططات الاقتصادية أو تأييدك المطلق لكل السياسات والإجراءات فإن هذه البشائر تسعد الجميع، وتؤكد أن هناك أملا مادام هناك عمل. هذه الطاقة الإيجابية كلنا فى حاجة لها لاستمرار حياتنا وأعمالنا وبيوتنا. فالأمل كما وصفه أرسطو هو الشمس بالنسبة للكون لو خبت ماتت كل آثار الحياة. والمتربصون بهذا الوطن يفهمون ذلك جيدا ويجاهدون للوصول إليه، لذلك تلاحقنا المصائب والمشاكل كل يوم فى تسلسل واضح. وتحاك من حولنا الأزمات وتحفر الحفر.

وأتصور أن الأيام المقبلة ستشهد العديد من الأزمات خاصة فى أسعار المواد الغذائية والأدوية ومختلف المنتجات الاستهلاكية وكلامى عن تفاؤل المواطنين، لا يعنى أن تشترى الحكومة دماغها، فالناس يمكن أن تختلف حول الحرائق وحوادث الطائرات، ولكنها تختنق كلما ارتفعت الأسعار وزاد التضخم، لذلك على المسؤولين أن ينتبهوا لمشكلة الغلاء وطمع المصنعين والتجار، واستغلال حاجة الناس للدواء أو للغذاء، وأن يكون هناك آليات واضحة وسريعة للحد من طوفان الغلاء المقبل، لأن الجوع لا يعرف أملا أو تفاؤلا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة