أكرم القصاص - علا الشافعي

سامح جويدة

الثورة والشرطة و"حماقة" الواقى الذكرى

الأربعاء، 27 يناير 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحبطنى ما قام به ممثل شاب ومراسل إعلامى فى عيد الثورة حينما قاما بتوزيع "واقى ذكرى" منفوخ على شكل بالون على بعض رجال الشرطة المتواجدين فى ميدان التحرير، وصوروا الحدث القذر وهم يضحكون ونشروه على مواقع التواصل الاجتماعى كنوع من الاحتفال بثورة 25 يناير وكشماتة فى رجال الشرطة، وبعيد عن المزايدة فى إهانة من قاما بهذا الفعل الدنىء أو المبررات التى ساقها البعض وبأن أحدهما أو كلاهما من ضحايا الثورة السابقين، وأن أجسادهم قد شوهها الرصاص المطاطى وأنه مجرد رد فعل طائش، إلا أن أكثر ما أحبطنى أن يكون هذا الحدث هو الأكثر انتشارا فى احتفالات 25 يناير، وأن يهرول الكثيرون لمناقشته وعرضه فى وسائل الإعلام المختلفة أو ينساق البعض فى الشماتة من رجال الشرطة وكأنهم ينتقمون للثورة بهذا الفكر السفيه.

ولا أتصور أن هناك من لوث هذه الثورة العظيمة أكثر من أفعال بعض الصغار وأفكارهم البذيئة البعيدة كل البعد عن تضحيات أمثالهم ممن استشهدوا أو سلوكيات من باتوا الليالى متراصين بالشوارع فى انتظار الموت أو نجاح الثورة.

من المؤلم أن نتصور أن كل ما تبقى من هذه الثورة العظيمة هذا الانحطاط، وأن يكون رفض شبابنا ومعارضتهم لأى وضع أيا كان بهذه السطحية المقرفة، للأسف نحن نبرر لكل من يستهين بهذه الثورة استهانته ونعطيه الحق فى إهانتها والتطاول على كل من ضحوا فيها، لم نمتلك حتى الآن التفكير الإيجابى أو السلوك المتوازن الذى يعطى هذه الثورة حقها ويسكت المتطاولون على أبنائها، فأى ثورة تحتاج إلى مد ثورى وعناصر بشرية لها من الأفكار والسلوك ما يحفز الثورة على الاستمرار، ومصطلح الثورة مستمرة الذى داوم الكثيرون على ترديده بلا وعى لا يعنى الاستنفار أو الاستفزاز أو المشاحنة بل يعنى نجاح الثورة ووصولها لأهدافها، ولا يشترط فى ذلك التجمهر أو التظاهر أو الصراع مع السلطة بل يقدر بمدى اقتناع الناس بمبادئها وإصرارهم على الوصول إليها فكرا وتخطيطاً وسلوكاً. إلا لما استقر أى مجتمع ثار من قبل ولأصبحت كل الدول فى صراع دائم على السلطة أو ضد السلطة وهذا يتنافى مع طبيعة أى مجتمع عاقل، الثورة لا يمكن أن تكون فعلا دائما ولكن أهدافها وأفكارها وفلسفتها هم الباقون.

ولا أعتقد أن انحطاط السلوك قد يُبقى ثورة بل هو للأسف يساعد على أن تباد وأن يتقول عليها المغيبون. ثم ما العلاقة الغريبة بين ما يطلقون عليه استمرار الثورة وبين اضطهاد رجال الشرطة والترصد بهم؟ الأمر قد يكون منطقيا مع الجماعات الإرهابية لان العلاقة بينهم وبين الشرطة قاتل أو مقتول ولكن لماذا يتصور بعض المؤمنين بثورة يناير بأن هناك ثأر بايت بينهم وبين الشرطة. هل لأن عناصر الشرطة قاومت الثورة فى بدايتها واتهمت بقتل الشهداء (إن كان القضاء قد نفى عنهم ذلك وأصبح قصاصنا عند الله) . فهل كان الثوار يعتقدون أن بمجرد نزولهم للشوارع فى يناير لتغيير نظام (افسد الدولة لثلاثون عاما) ستلتف حولهم الشرطة وترميهم بالورود والازهار فى هذه الحالة لن تكون ثورة بل فرح وزفة. واذا كان هناك عناصر من الشرطة فاسدة وعنيفة فى التعامل مع المتظاهرين ابان الثورة أو حتى مع المواطنين إلى الان. فهل معنى ذلك أن نعادى الامن كله وان نستبيحهم بشكل جزافى حتى يصبح عداء اجتماعى لا طائل منه ولا منطق فيه. علينا أن نتصيد سقطات المتجاوزين منهم ونواجهها ونطالب بعقابهم اشد عقاب لكن الاستفزاز والاستنفار منهم جميعا بزعم أن الثورة مستمرة فهذه اشاعة للفوضى ومؤامرة على استقرار الدولة. نحن نخسر كثيرا حينما نعتقد أن الثورة هى الصراع والمواجهة وليست الاتفاق والتصالح. نخسر رصيدنا الشعبى عند الناس حينما نتحدى معتقداتهم وفطرتهم السلمية ونجرى خلف افكار انتقامية تافهة وسخيفة وليس لها أى محل من الاعراب الان. كأنت المأساة الحقيقية لثورة 25 يناير انها بلا توجه أو قيادة والان تتسع المأساة بهذه الافعال الحمقاء فبعد أن كانت ثورة بلا قائد أصبحت ثورة بلا جمهور وكأنها ضد إرادة الناس.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة