محمد فودة

محمد فودة يكتب.. مشروع الـ1.5 مليون فدان فرصتنا الحقيقية للانطلاق نحو التنمية الشاملة

الجمعة، 21 أغسطس 2015 12:23 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى مؤخرا، بمتابعة تنفيذ مشروع استصلاح المليون فدان وزيادة مساحة الأراضى المستصلحة لتصبح مليونا ونصف المليون فدان، فإن هذا الأمر عكس مدى حرص القيادة السياسية على تحقيق نقلة نوعية فى هذا المشروع التنموى المهم، وهو ما ترجمه الرئيس بتأكيده على أهمية إتمامه على الوجه الأكمل، وتوفير المعدات اللازمة للتنفيذ فى أسرع وقت ممكن وفقاً لأحدث المعايير العالمية وبأفضل الأسعار الممكنة، بما يسهم فى تحقيق عملية التنمية الشاملة ويقدم نموذجا للتصور التنموى المتكامل الذى تنشده الدولة.

ولم تكن توجيهات الرئيس بشأن هذا المشروع مجرد تصريحات إعلامية بل جاءت بمثابة خارطة طريق رسمت ملامح وخطوات تنفيذ هذا المشروع خلال اجتماعه بالمهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، والدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والدكتور حسام الدين مغازى وزير الموارد المائية والرى، والدكتور صلاح الدين هلال وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، وعلى الرغم من أن هذا الاجتماع كان من أجل استعراض نتائج الجولة التى أجراها رئيس مجلس الوزراء ورافقه خلالها وزراء الإسكان والرى والزراعة لتفقد عدد من الأراضى فى محافظتى المنيا وقنا، فإن المتابعين والخبراء اعتبروا تلك التصريحات الأخيرة للسيد الرئيس خطوة مهمة فى تحديد مسار هذا المشروع الذى يتم تنفيذه فى محافظات: الوادى الجديد ومطروح والمنيا وقنا وأسوان وشمال سيناء وجنوب سيناء.

ولا يعد هذا المشروع مشروعا زراعيا فحسب، وإنما هو مشروع تنموى متكامل يشمل: زراعة- إسكان- مرافق- خدمات- طرق.. إلى آخره، وهو فى حقيقة الأمر تجسيد حى للاختيار الصعب وليس السهل.
والتحدى الأكبر فى هذا المشروع أنه ينبغى فى المقام الأول أن يكون جاذباً للأسرة، أى أن يكون وسيلة فعالة لتحقيق تنمية بعيدة عن الكثافة السكانية المرتفعة فى الوادى والدلتا. 

الدكتور حسام مغازى، وزير الرى والموارد المائية، أكد أن العمل فى تنفيذ المشروع يجرى على قدم وساق وفق منظومة اهتمام بشكل مباشر من السيد الرئيس إلى جانب متابعات يومية لكل التفاصيل، ولفت إلى مسألة فى غاية الأهمية تتعلق بالتنسيق التام بين الوزارات المعنية بالمشروع، وهنا يتأكد للجميع أن هذا المشروع يتمتع بخلطة سرية تضمن له النجاح، ومن هذا المنطلق وضع الدكتور حسام مغازى يده على التحدى الذى يواجه وزارة الرى، مشيراً إلى أنه يتمثل فى ضرورة الانتهاء من حفر 4000 بئر فى عام واحد، وهو رقم غير مسبوق فى تاريخ مصر الحديث يضاف للتحديات الكبرى التى تقوم بها الحكومة وتشمل مشروعات الطرق والإسكان وأيضاً مشروع قناة السويس الجديدة.

وتتجاوز تصريحات الدكتور حسام مغازى المتعلقة بمشاركة وزارته فى هذا المشروع، فنجده يحدد مميزاته بشكل عام فى عدة نقاط تتمثل فى أننا أمام مليون ونصف المليون فدان، ومع الأخذ فى الاعتبار أنه يمكن توفير فرصة عمل موازية لكل فدان فإننا نكون فى نهاية الأمر أمام توفير مليون ونصف مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

كما يشير إلى جانب آخر فى هذا المشروع وهو أن موارد مصر المائية محدودة حيث لا تتجاوز (55.5 مليار م3) الأمر الذى يجعلنا من خلال المشروع نركز على الاتجاه نحو استخدام المياه المخزنة خاصة بعد أن اثبتت الدراسات وجود كميات تسمح بالاستدامة وهو ما سيعود بالنفع ويمكن أن يحقق توازنا كبيراً فى مسألة محدودية الموارد المائية.

ويستكمل الدكتور مغازى كلامه حول أهمية المشروع مؤكداً أنه يسهم بشكل كبير فى تخفيف الكثافة السكانية، حيث إن سكان مصر لا يقيمون إلا على 6% من المساحة الكلية لمصر، وهنا يصبح المشروع فرصة حقيقية وقوية للانطلاق نحو الصحراء، وهو التوجه الذى كان حلمًا من أجل تحقيق تنمية حقيقية، فحوله الرئيس السيسى إلى واقع ملموس ونقطة ارتكاز نحو انطلاقات تنموية أخرى قادمة، أما إجمالى المساحة المزروعة فى مصر حالياً فتبلغ حوالى 8.5 مليون فدان، وحينما يكون طموحنا فى هذا المشروع زراعة 1.5 مليون فدان خلال الفترة المقبلة فإننا بذلك نضيف حوالى 18% للمساحة الحالية فى فترة زمنية وجيزة، وهذا إنجاز غير مسبوق سيذكره التاريخ المعاصر لما سيحدثه من طفرة تنموية شاملة، خاصة أننا نرى ما ترتب على التعديات على الأراضى الزراعية التى استفحلت فى الفترة الأخيرة مما نتج عنه فقدان مساحات واسعة من الأراضى، وهذه المساحات المهدرة سيقوم المشروع بالعمل على استعواضها وبالتالى يساعد على إضافة مساحات جديدة تعوض ما يتم فقده.

وحينما ننظر إلى قضية التصدير فإننا نكتشف أن هذه المناطق البكر والواعدة التى سيتم تنفيذ المشروع فيها، مناطق تصديرية من الدرجة الأولى حيث تنعدم مصادر التلوث التى تعانى منها غيرها من المناطق الأخرى الآهلة بالسكان وبذلك نكون أمام ميزة جديدة ومهمة تضاف إلى المميزات الأخرى التى ينفرد بها مشروع المليون فدان باعتباره مشروعاً قوميا تضعه الدولة فى مقدمة اهتماماتها، فضلاً عن أنه سوف يسهم أيضاً فى توفير عملة صعبة كانت تستنزف لاستيراد بعض المحاصيل مثل (الذرة، والقمح، وغيرهما من المحاصيل).

ولأن الشىء بالشىء يذكر فإننا وعلى الرغم من كل تلك المميزات التى يتمتع بها المشروع، فإن هناك العديد من التحديات تواجه الوزارات المعنية بالمشروع، الزراعة والرى والإسكان، وهذه التحديات تتمثل فى الآتى:

1 - هذه المناطق غير مأهولة بالسكان وتفتقر إلى الخدمات وبالطبع فإنها تعانى من انتشار الحشرات والزواحف مما يتطلب بذل المزيد من الجهد لتأهيل هذه المناطق للسكن وتوفير الخدمات بها.
2 - الطرق غير ممهدة ويتم حالياً تمهيد بعض الطرق للوصول إلى الآبار التى ستستخدم مستقبلاً كشبكة للطرق لتخدم سكان هذه المناطق.
3 - توافر عدد من ماكينات حفر الآبار لتحقيق الإنتاجية المستهدفة من المشروع.
4 - توفير التمويل اللازم لكل مكون من مكونات المشروع لضمان الاستمرارية والدفع بالمشروع إلى العمل بالشكل المستهدف.
5 - دراسات وأبحاث المياه الجوفية بمناطق المشروع التى يتطلب البدء الفورى بعمل مسح جيولوجى لمناطق المشروع على أسس علمية وتحديد مصادر المياه الجوفية بدقة شديدة لتحقيق أعلى إنتاجية للمشروع بأقل تكلفة ممكنة.
وأوضح الدكتور حسام مغازى أنه سيتم وضع منظومة لعمل الآبار الجوفية فى المشروع تحقق استدامة الموارد المائية للآبار، ومنع الاستخدام الجائر للمياه، مشيراً إلى أن المنظومة تعتمد على متابعة سحب المياه الجوفية، وتحديد ساعات العمل للآبار، مع الالتزام بالمساحات المقررة لأمان الخزان الجوفى، وأضاف أنه بالنسبة لحفر الآبار التى ستستخدم فى رى الأراضى المستصلحة بمشروع المليون فدان فإن ذلك سيتم باتباع أحدث النظم المعمول بها فى عمليات الحفر والتجهيز اعتماداً على الطاقة الشمسية.

وفى سياق آخر أشار وزير الزراعة إلى أن الأراضى التى سيتم استصلاحها فى إطار مشروع استصلاح المليون فدان ستمثل مجتمعات عمرانية زراعية متكاملة ومناطق تصنيع زراعى تستفيد من التركيب المحصولى للمنطقة، حيث سيتم إنشاء أكبر مصنع للسكر اعتمادًا على زراعة البنجر، فضلاً عن زراعة المحاصيل البستانية الأكثر تحملاً لارتفاع درجات الحرارة والجفاف والأقل استهلاكاً للمياه.

أما الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان والمرافق، فقد استعرض خلال الاجتماع التنسيق الجارى بين مختلف الوزارات المعنية من أجل ربط الأراضى التى سيتم استصلاحها بمشروعات الطرق التى يجرى تنفيذها فى إطار الخطة القومية للطرق، وكذا الصناعات الغذائية التى يمكن إقامتها فى إطار المشروع من أجل تعظيم القيمة المضافة للسلع الزراعية التى سيتم إنتاجها، وذلك فى إطار التصور التنموى للمشروع، والذى سيضم مجتمعات تنموية وعمرانية متكاملة تشمل بجانب الزراعة أنشطة التصنيع الغذائى والتعبئة والتغليف وبناء المساكن اللازمة لإقامة مجتمعات عمرانية جديدة توفر الإقامة المناسبة للعاملين فى المشروع وتسهم فى استيعاب النمو السكانى الطبيعى بما يخفف الازدحام والتكدس فى الوادى الضيق.

وهنا أتوقف أمام مسألة مهمة تتعلق بجدية المشروع وحرص القيادة السياسية على تنفيذه بدقة متناهية، فقد بدأ العمل بالمشروع فى بداية شهر يوليو الماضى بحفر أول بئر بمشاركة القوات المسلحة، ومن المقرر تخصيص 25% من هذه المساحة لشباب الخريجين، فى 11 منطقة بالصحراء الغربية، وتتشارك عدة وزارات فى تنفيذ خطة استصلاح المليون ونصف المليون فدان، ضمن هدف نهائى باستصلاح 4 ملايين فدان على مدى 4 سنوات متواصلة.

والمرحلة الأولى كما هو موضح فى الخطة المتكاملة للمشروع تبدأ بزراعة 11 منطقة، بينها: جنوب واحة سيوة، وجنوب وشرق منخفض القطارة، وغرب المنيا وبجوار منطقة توشكى، والعوينات جنوب غرب مصر، والفرافرة الجديدة والقديمة، ومنطقة المغرة.

وعلينا أن نضع فى الاعتبار أن ما يزيد على 80% من المليون فدان ستعتمد على مياه الآبار الجوفية، لذا فإن اختيار الصحراء الغربية جاء بعد دراسة وافية للمياه الجوفية فى المنطقة، والتأكد من أنها ستكفى زراعة المليون ونصف المليون فدان، وتم وضع خطة لحفر الآبار التى سيتم استخدامها بالفعل فى هذا المشروع.

ومع تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مناسبات عديدة دعمه للفلاح المصرى.. فإنه تم تحديد نسبة 40% من مشروع المليون فدان لشباب الخريجين وصغار الفلاحين.، فصغار الفلاحين ممن لا يمتلكون أراضى بالوادى والدلتا، وشباب الخريجين، سيحصلون على هذه الأراضى فى شكل شركات مساهمة لتفادى المشكلات التى حدثت فى تجربة مشروع شباب الخريجين السابق، حيث حصل فيها الخريجون على أراض وقاموا ببيعها، علماً بأن أسعار هذه الأراضى سيتم سداد ثمنها خلال فترة زمنية سيتم تحديدها.

وتستهدف الدولة، بحسب تصريحات وزير الرى، الانتهاء من 1200 بئر فى المناطق الخاصة بالشباب حتى يتمكنوا من البدء فى مشروعاتهم، بينما ستستلم الشركات الكبرى الأراضى وتبنى آبارها باستخدام معداتهم.

والمشروع يأخذ أبعادا اقتصادية واستثمارية وهو ما نلمسه بوضوح فى الاهتمام الشديد من جانب الصين، فقد استقلبت محافظة المنيا، منذ يومين، وفدًا من اللجنة المشتركة المصرية الصينية، وذلك لتفقد موقع أراضى المشروع.

علماً بأن الشركة الصينية تعد واحدة من كبريات الشركات فى العالم منذ عام 1958، وشاركت فى 575 مشروعًا دوليًا بحوالى 70 دولة ولديها 20 مشروعًا تحت التنفيذ للبنية الأساسية ومواصلات عامة وموانئ ومطارات وخطوط سكك حديدية.

ومن المقرر أن تشارك الشركة الصينية فى المشروع من خلال تدبير التمويل اللازم لدراسات الجدوى الخاصة بمشروع المليون ونصف المليون فدان، على أن تكون الشركة الصينية هى المقاول الملتزم بالتصميم والإنشاء والإشراف على المشروع، كما ستقوم الشركة الصينية باتباع جميع التوجيهات الحكومية فضلًا عن استعدادها لتدريب الكوادر الفنية والإدارية المصرية خلال مدة تنفيذ المشروع.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة