د. عمار على حسن

«الثابت والمتحول».. محاولة جريئة لتحقيق الإصلاح الدينى المنشود «5 - 6»

الثلاثاء، 07 يوليو 2015 09:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ينتقل أدونيس فى الجزء الثالث من مشروعه الذى عنونه بـ«الثابت والمتحول» إلى تحليل سلطة الموروث الدينى فى الإنتاج الفقهى لكل من القاضى عبدالجبار، وأبوحامد الغزالى، والفارابى، وابن تيمية، ليبين موقع العقل لديهم، وأعلى هؤلاء شأنا فى الانتصار للعقل هو الفارابى الذى يميل إلى الفلسفة، ويعتمد البرهان فى التعلم، ويلمح إلى الوظيفة الاجتماعية والفكرية للشعر والخطابة، حين يعتبرهما وسيلة لتعليم الجمهور ما قد استقر الرأى فيه، وبات مبرهنا عليه من الأشياء النظرية والعملية، ويأتى بعده عبدالجبار فى تأكيده أن النظر يوجب العلم، وما اكتمل من الدين هو الشرع وليس النظر العقلى، أما أقلهم انتصارا للعقل، فى نظر أدونيس، فهو ابن تيمية، الذى هو أقوى من نظر لنفى المحدث، من خلال ردوده الشهيرة على «الابتداع» الذى هو ناجم فى رأيه، عن فهم فاسد للنصوص، وعبر تأكيده أن منشأ الضلال هو الإعراض عن الكتاب والسنة، وطلب الحق فى مصادر أخرى غيرهما، أما الغزالى فقد اعتبر أن العقل محدود واستخدامه مشروطا بالقرآن والشرع، وأن الفكر هو استخدام العقل للوصول إلى المعرفة، لكن هذه المعرفة تكون مذمومة إذا تعارضت مع الشرع، ودور العقل هو أن يهدى إلى صدق النبى وفهم سنته، وما عدا ذلك يجب تنحيته جانبا ولزوم الاتباع، لأن العقل قاصر، ويرى الغزالى أن العلم هو معرفة القديم، وبما لا يتعارض معه، بل يكمله. وهذه الآراء فى نظر أدونيس أصبحت «نصا ثانيا حل محل النص الأول نص الوحى، بحيث يتعذر اليوم أن نتجاوزه، لكى نقرأ قراءتنا الخاصة، ونكتب نصنا الحديث، بدءا من النص الأول».

ولا يكتفى أدونيس بتحديد الثابت والمتحول فى التراث العربى الإسلامى القديم، بل ينتقل إلى عصر النهضة العربى، ليدرس استمرار هذه المسألة عند كل من محمد بن عبدالوهاب، ومحمد عبده، ورشيد رضا، وعبدالرحم الكواكبى. وفى رأيه فإن آراء ابن عبدالوهاب ليست سوى استعادة ما قاله الفقه الإسلامى القديم بشروحه وتفاسيره، وأن ما فعله لا يعدو كونه تبويبا أو تصنيف هذا القديم، وأن عرض ابن عبدالوهاب للتوحيد، الذى يمثل الفكرة المركزية لديه، أظهر أنه يقلل من شأن الإنسان فى هذا العالم، أما الإمام محمد عبده، فهو فى نظر أدونيس، صاحب رؤية إسلامية متجددة وتوفيقية.ويتجلى التجدد بوجع عام فى أنها تستند إلى القرآن مفسرا بمقتضى حالة العصر، وبوجه خاص فى نفى محمد عبده أن تكون فى الإسلام سلطة دينية، وأن الحاكم فى المجتمع الإسلامى هو حاكم مدنى من جميع الوجوه، إذ إن الأمة هى التى تقوم بتنصيبه وهى صاحبة الحق فى السيطرة عليه، وأنه إذا تعارض العقل مع النقل أخذ بما يدل عليه العقل، أما التوفيقية فتظهر فى تأكيد الإمام أن مدنية السلطة فى الإسلام لا تتنافى مع وجود الشرع، وفى رؤيته التفسيرية التى تقوم على نقد الجاهلية السائدة اليوم فى فهم الدين، وتفسيره القرآن بما يلائم ارتقاء المجتمع، أى التوفيق بين الوحى والتاريخ، بهدف السيطرة على التقدم المادى وتوجيهه لخدمة الإنسان فى روحانيته على الأخص.

أما رشيد رضا، فإن خير ما يعبر عن توجهه، فى رأى أدونيس، هو ما وصف به هو نفسه تفسيره للقرآن الكريم، حين قال: إن هذا التفسير «سلفى، أثرى، مدنى، عصرى، إرشادى، اجتماعى، سياسى»، من هنا ينطلق رشيد رضا من أن أصل الإسلام وحيا وسنة ليتفقه فى المشكلات المعاصرة، التى ولدتها غالبا مجابهة العالم الإسلامى للغرب، ولا ينادى رضا بتجديد الإسلام، إنما فهم المشكلات فى ضوئه، بما هو وكما هو، وبذلك يكون الوصول إلى النهضة أمرا يسيرا وهو العودة إلى الإسلام الصحيح، من هنا تكون هذه الرؤية الفقهية امتدادا للسلفية التى أرسى دعائمها الإمام أبوحامد الغزالى، وضعها ابن تيمية فى منظومة محكمة ومغلقة. ونكمل الأسبوع المقبل إن شاء الله تعالى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

كله الان يا عزيزى فى الخلاط.. لانعرف الثابت من التحول

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

fady sidrak

إن هذا التفسير «سلفى، أثرى، مدنى، عصرى، إرشادى، اجتماعى، سياسى»

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة