مفتى الجمهورية يدعو لتكثيف الحوار بين الأديان والثقافات بمقاله فى "لوموند"

الأربعاء، 22 أبريل 2015 11:55 ص
مفتى الجمهورية يدعو لتكثيف الحوار بين الأديان والثقافات بمقاله فى "لوموند" شوقى علام مفتى الجمهورية
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية مقالا باللغة الفرنسية لمفتى الجمهورية شوقى علام، حول تحديات التطرُّف الدينى فى الواقع المعاصر.

وأكد المفتى فى مقال الـ"لوموند" أن جرائم الإرهابيين جعلتنا أمام تحدٍّ زائد لنقل الصورة الحضارية للإسلام، مما دعا الكثير من المعلقين فى الغرب والشرق يتساءلون: أين هم المعتدلون؟، فالكثيرون لا يرون إلا الأفعال المتطرفة التى يقوم بها قلة من أصحاب الفكر الإجرامى، مما جعلهم ييأسون من إيجاد مسلمين سلميين ظاهرين فى العالم الإسلامى.

وأوضح مفتى الجمهورية فى مقاله أن الإرهاب لا دين له ولا وطن له، وأنه كله ملة واحدة، يعمل على محاربة كل من لم يرضخ له ويخضع لحكمه، ومشددًا على أن الإرهاب يعمل على تقويض دعائم الأمن والاستقرار والتنمية لجميع الدول دون استثناء، وأن وجود الإرهابيين والمتطرفين وما يرتكبونه من جرائم ضد الإنسانية هو عائق فى طريق السلام وتشويه لصورة الإسلام، وقطع للعلاقات الدينية والثقافية المتبادلة بين الشعوب.

ودعا مفتى الجمهورية فى مقاله المواطنين الأوروبيين إلى تكثيف الحوار بين الأديان والثقافات والنهوض بمبادئ السلام والحرية والمساواة والأخوة، من أجل مواجهة أولئك الذين يُريدون فرض الإرهاب والهمجية على العالم، مشددًا على أن الفهم الخاطئ للإسلام والأفكار المسبقة عن المسلمين تدفع بالبعض إلى ارتكاب أعمال معادية للإسلام وتزيد من العنصرية تجاه المسلمين.

وقال: "إننا فى دار الإفتاء المصرية نصدر الآلاف من الفتاوى والعديد من الأبحاث الفقهية المؤصلة فى شتى مناحى الحياة وفى كل ما يهم المسلم من قضايا، والتى نؤكد فيها على كرامة المرأة وحقها فى التعليم والعمل، وتقلد المناصب السياسية والمهمة، كما ندين العنف الطائفى بكافة أشكاله، ونؤيد حرية التعبير فى حدود القيم والأخلاق الإنسانية، ودائمًا ما نادينا بأنه يوجد أرضية مشتركة قائمة بالفعل بين الأديان السماوية".

وأشار المفتى إلى أننا أدنّا بشكل واضح لا لبس فيه، العنف ضد الأبرياء، طوال مسيرة مصر فى نضالها مع الإرهاب بداية من عام 1980 إلى الآن، كما أدنا كذلك العمليات الإرهابية فى كل مناطق العالم، وصولًا إلى حادث شارلى إبدو الإرهابى فى باريس.

قائلًا: "إن قتل المدنيين الأبرياء هو جريمة ضد الإنسانية، يُعاقب الله عليها فى الدنيا والآخرة"، مضيفا أنه فى حين يجب أن نسعى إلى تعزيز المبادئ المشتركة التى نتقاسمها، يجب علينا أن نقبل واقع الاختلافات فى قيمنا ونظرتنا، فالأديان والثقافات فى العالم لديها نظم وقيم تميزها، واحترام اختلافاتنا هو الأساس للتعايش، وليس للصراع.

وقال مفتى الجمهورية: "علماء الأزهر الشريف يعملون جميعًا على التواصل مع العالم أجمع من أجل تعزيز التعايش السلمى وبناء جسور التفاهم والتعاون بين الثقافات والأديان". مضيفًا أنه فى ضوء الاهتمام المتزايد بالعالم الإسلامى اليوم فى الشرق والغرب، فإننا أصبحنا فى حاجة إلى خطوات عملية تترجم هذه الأمنيات الطيبة إلى علاقة متواصلة من الثقة والاحترام المتبادلين.

وأوضح أنه لكى يكون الإسلام الصحيح فاعلًا اليوم فى العلاقات الدولية، فإنه يجب أن يتم تحديد من هم علماء الدين الثقات الذين يجب أن يتحدثوا عن الإسلام، ولكن للأسف فى كثير من الأحيان تستسلم وسائل الإعلام الغربية لخطاب المتطرفين من التيارات الإسلامية المتشددة، الذين لا يمثلون إلا أنفسهم، لذا فإنه قد حان الوقت ليعلو صوت العلماء الوسطيين الثقات، وعلى وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية، وحكومات العالم أن تكون أكثر تدقيقًا عند تعاملها مع علماء الدين، حتى يتغلب صوت الاعتدال والوسطية على الأقلية الذين ينتمون إلى الأفكار المتطرفة، وهو ما نسعى إليه الآن فى مصر.

وأوضح مفتى الجمهورية أن هناك حاجة ماسة لتوسيع دائر الحوار بين الإسلام والغرب لتشمل الخطابات العلمية والثقافية والاقتصادية، والتكنولوجية، لذا فإنه يجب أن يكون هناك علاقات أقوى بين الجامعات الفرنسية- المصرية، فى التبادل البحثى والطلابى، لأن ذلك يمثل فرصة ثمينة لتبادل المعارف بين الشباب خارج إطار التعصب والقوالب النمطية، فهو وسيلة مضمونة لنشر التسامح بين الجيل القادم من القادة فى العالمين الإسلامى والغرب.

وتابع مفتى الجمهورية أننا نشهد فى الإسلام والأديان الأخرى ظاهرةً يبرز فيها مدَّعو العلم والدين يفتقرون إلى أساس سليم فى تلقى التعاليم الدينية، ونصبوا أنفسهم كمرجعيات دينية، على الرغم من أنهم غير مؤهلين علميًّا لوضع تفسيرات صحيحة للتعاليم الدينية، مما فتح الطريق لظهور تفسيرات متطرفة للإسلام، والتى لا تمت له بأى صلة، مشددًا على أن هؤلاء المتطرفين لم يتلقوا تعاليم الإسلام من مصادر موثوقة، بل هم نتاج بيئات مضطربة وتفسيرات مشوهة ليست لها أساس فى العقيدة الإسلامية الصحيحة، فهدفهم سياسى بحت وليس له أى أساس دينى.

وشدد مفتى الجمهورية على أن دورنا- كقادة دينيين قضوا حياتهم فى دراسة وتفسير النصوص الدينية وفق قواعد علمية وفى مدارس علمية عريقة- هو تحمل مسئولية بيان الصورة الصحيحة للإسلام وتعاليمه السمحة، والتى ستزيل الكثير من الالتباس حول الإسلام، وتسهم فى أن نعيش جميعًا معًا فى سلام وطمأنينة، وتعاون متبادل.

واختتم مفتى الجمهورية مقاله فى صحيفة "لوموند" بأن مسئولية تحسين العلاقات بين العالم الإسلامى والعرب تقع على كلا الجانبين، مؤكدًا أن ذلك يمثل الطريق الوحيد الذى يمكِّننا من بناء عالم أكثر احترامًا وازدهارًا لأطفالنا وأحفادنا.


اليوم السابع -4 -2015









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة