محمد صلاح العزب

أزمة احترام - 3

الأحد، 13 ديسمبر 2015 06:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل أكلمك عن التحرش وعدم احترام المرأة؟ أم أكلمك عن بيع المخدرات فى الطرقات كأنها غزل البنات؟ أم هل أحدثك عن الرصيف الذى لا يحترمه أحد، لا أصحاب المحلات يتركونه للمشاة، ولا المشاة حين يكون خاليا يسيرون فوقه أصلا؟ هل أحدثك عن كل مواطن «مخوزق» وضع خوازيق حديدية أمام بيته حتى يحجز مكانا لركن سيارته؟ أم هل أكلمك عن النواصى ووقوف السرسجية عليها ليل نهار وأنت تعرف الباقى؟ أم أحدثك عن سرقة جزء من الشارع لصالح بائع قرر فرض سطوته على جزء من الطريق فرش بضاعته فوقها، وإذا كلمته يقول لك: مش أحسن ما أسرق؟.. طب ما هو زنت كده سارق الشارع يا حرامى.

هل تحب أن أحدثك عن انتهاك إشارات المرور؟ أم عن السير عكس الاتجاه؟ أم عن عدم وجود اتجاه أصلا؟

هل أحدثك عن خناقات وحروب الشوارع؟ أم عن وضع اليد والبناء المخالف؟ أم عن التكاتك؟ أنت تحب أن أحدثك عن التكاتك، والله العظيم، لكننى سأسألك هل تحب أن أكلمك عن الشتيمة بالكلاكسات أم عن أطفال الشوارع؟ أم عجائز الشوارع؟ أم أمهات الشوارع؟

أنا لن أحدثك عن شىء، فأنت تعرف، وأنا أعرف، وكل منا يعرف أن الآخر يعرف، لا تبق فى الشارع كثيرا، فمن خرج من داره.. يتقل مقداره. احترس.

دعنى أحدثك عن حاجة تانية، الصحافة مثلا، قديما أيام «الجورنان الورق» كان الكاتب كاتبا، له احترامه المبالغ فيه، ومعجبوه، ينتظرون مقالاته وكتاباته يوميا أو أسبوعيا، يرسلون له الرسائل فى البوسطة، وينتظرون أحيانا نشر مقتطفات من رسائلهم على صفحات الجرائد، كان أبشع ما يتم توجيهه من انتقاد للكاتب هو أنه يعيش فى برج عاجى، بعيدا عن الجمهور، وكان هذا لا يزعج القراء كثيرا، لأن الكاتب كاتب يستلهمون منه عصارة أفكاره وخبراته وتجاربه ورؤاه فى الحياة حتى تعينهم على مواصلة حياتهم.
أما الآن فالصحافة الورقية فى غرفة الإنعاش و«الجرنان الورق» لم يعد حتى ينظف الزجاج بعد انتشار البخاخات والمساحات البلاستيكية، وصارت بضاعة الكُتاب معروضة على المواقع الإلكترونية، وأسفل المقالات مساحات لتعليقات القراء، ويدخل القارئ باسم مستعار يشتم الكاتب من عنوان مقاله دون حتى أن يكلف نفسه عناء القراءة، وصارت الشتائم بالأب والأم والأجداد والأخوال والجيران، شتائم من العيار الثقيل وما فوق الثقيل، واختلط الحابل بالنابل وصارت المقالات نفسها شتائم والتعليقات عليها بذاءات، ورحم الله توفيق الحكيم وطه حسين ويوسف إدريس ونجيب محفوظ، ورحمهم هنا ليست دعاء، ولكنه تقرير، لأنه رحمهم فعلا من الزمن الإلكترونى وتعليقاته وإلا لكتب الكاتب الكبير منهم مقالا، فدخل عليه قارئ اسمه الحركى «ابن النيل» وعلق له قائلا: «ما تحترم نفسك يا أستاذ إيه البيبى اللى بتعمله علينا ده؟».








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

اونكل زيزو

مقال رائع

ونعم الكلمات المعبرة عن ازمه الاحترام

عدد الردود 0

بواسطة:

مصراوي

الاحترام نتاج حضاري

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة