ناصر عراق

لقائى الوحيد مع فاتن حمامة

الثلاثاء، 20 يناير 2015 03:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للأسف الشديد لم تخرج جنازة فاتن حمامة أمس أول بالشكل اللائق، إذ سيطر عليها الارتجال والفوضى والصخب والعشوائية، ولا أعرف لماذا لم تستخدم الحكومة قوات الشرطة لتنظيم جنازة أهم ممثلة مصرية وعربية فى القرن العشرين؟ لكن يبدو أن حكومتنا منكوبة بداء الفشل على الدوام. أجل.. شاهدت الملايين الجنازة وفوضاها على الشاشات، وتألمت لما حل بنهاية السيدة الأكثر إشرقا فى حياتنا، لكنها هرعت نحو القنوات الفضائية لتشاهدها فى الأفلام التى تعرض فى هذه القنوات، لتكتشف كم كانت فاتن حمامة رائعة.. صافية.. عذبة مثل ماء النيل ونسيم الصيف وشمس الأصيل!
لم تمنحنى المقادير نعمة لقاء بطلة «دعاء الكروان» إلا مرة واحدة فقط، وكان ذلك فى عام 1986 فى مجمع الفنون بالزمالك. آنذاك حضرت السيدة فاتن لتفتتح معرضا لأحد النحاتين الذى تصدى لعمل تمثال لها. جاءت فاتن بكامل أناقتها ورقتها تسبقها ابتسامة الثقة والاعتداد بالنفس. التف حولها الحضور الذى لم يكن بالعدد الكبير، وصافحتنا بمودة كأنها تعرفنا من قبل «وكانت هذه أول وآخر مرة ألمس فيها فاتن حمامة»، ثم تجولت فى المعرض يرافقها النحات، وإذا الجميع يصطدم بالمفاجأة المحزنة. تمثلت الصدمة فى أن تمثال فاتن حمامة لاح لنا مخيبًا للآمال، فقد خلا من سحر السيدة وبساطتها المحببة، إذ أخفق النحات فى اقتناص رقة الفنانة وعذوبتها، فبدت - فى التمثال - مثل امرأة شريرة أقرب إلى «ريا وسكينة» صاحبتى أبشع صورة عن المرأة.دارت فاتن حول التمثال غير مرة، ولم تعلق ورسمت فوق شفتيها ابتسامة مجاملة، وبعد أن زالت آثار الصدمة تجرأنا وسألناها: «ما رأى حضرتك فى التمثال؟». لاذت بالصمت لثوان.. لم يكن أمامها سوى إجابتين: إما أن تمتدح التمثال، وهنا ستدخل دائرة الكذب فالتمثال سيئ جدًا، وإما أن تعلن رأيها بصراحة وتصف التمثال بالردىء، وهنا ستكون أمام موقف محرج للغاية لأن النحات الذى صنع التمثال يقف بجوارها.

قالت فاتن بهدوء وحصافة: «الرأى رأيكم لأن التمثال لى». بلباقة تجاوزت الموقف وعبرت السؤال المحرج. حقا.. العالم أقل سحرًا وجمالا برحيل فاتن حمامة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة