نانى تركى تكتب: "حالك أولى بيك"

الأربعاء، 14 يناير 2015 03:49 ص
نانى تركى تكتب: "حالك أولى بيك" فيس بوك

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"خليك فى حالك"، هو أولى بك، وباهتمامك وبفضولك، ما بالك و بال الناس تلك ارتدت الحجاب، وتلك خلعته، هؤلاء تزوجوا، أم انفصلوا، أم عنسوا، أم أنجبوا، أم لم ينجبوا !! لم انتشرت تلك الظاهرة السلبية البغيضة من اقتحام خصوصية الغير، هل هى خلخلة أصابت الناس بعد ظهور السوشيال ميديا ؟! وهل وجودك وسط أناس فى السوشيال ميديا مبرر لتتبع أخبارهم أيها التافه ؟ لا هم أقاربك و لا أصدقاء حقيقيين هم فقاعة افتراضية.

لمَ التطفل على خصوصيات الآخرين، والفضول لمعرفة حياتهم الشخصية، والبدء فى التخمين والتلفيق وقيل وقال حتى يصل الفضولى بشائعاته وأسئلته للكثيرين ليصل لنتيجة ترضيه أو يجمع أكبر عدد ممكن من المعلومات.. ياخى تباً لهيافتك!

ما هذا الفراغ ولماذا كل هذا المجهود؟ طبعًا هو يرى أن غايته تبرر وسيلته وكل شخص له غاية تحثه على الاستقصاء وتختلف الوسائل وتلتقى فى غاية واحدة وهى التطفل والفضول ، ولكن الفضول قاتل كما يقول المثل الإنجليزى الفضول قتل القطة " curiosity killed the cat "

هل هو مرض أم فراغ أم حسد ؟ أم كلهم مجتمعين أو أحدهم منفردًا؟

نحن ننشئ و نشيد المبانى و المستشفيات لعلاج أمراض الجسد لكن كيف نعالج عقولهم لا أبدانهم و العقل بالأساس وسيلة للإنتاج و التقدم فإذا كانت أهدافهم الفضول و التطفل فمتى يلتفتون لبناء ذواتهم و هم لو نظروا لأنفسهم فى المرآة لاحتاروا من أين يبدأون و هل يخلو بشر من العيوب !! عيوبك و فشلك و حياتك أولى بانشغال تفكيرك و اهتمامك و وقتك عن الآخرين أنت الأهم.

طبيعى أن يبقون فى جلبابهم البالى ولا يتقدمون خطوة للأمام أبداً لطالما هذه العادات المتسخة تقاسم أفكارهم وتسيّر سلوكياتهم من خلال تعاملهم مع الآخرين ، هذا النوع من البشر مريض بداء الفضول وعقولهم لا تعى أو تستوعب أن ذلك ليس سوى اعتداء وانتهاك لحريات الآخرين و خصوصياتهم وجرح لمشاعرهم و كرامتهم ، فالقيم السلوكية و الأخلاقية وكل ما يدور فى فلك هذا الإطار بالنسبة لهم ما هو إلا شعارات فارغة زائفة وهوجاء لا وزن لها ولا معنى ولا قيمة يختبئون خلفها متظاهرين بالمثالية والتحضر وهم أبعد ما يكون عنها لجهلهم بأن حريتهم تنتهى بحرية الآخرين وعند خصوصياتهم ، فى يوم ما ستستباح خصوصياتكم وأعراضكم فلا تسألوا وقتها عن الأسباب .

فعلاً هم مرضى نشفق عليهم و نتمنى لهم الشفاء العاجل حتى لا يفقدون صوابهم أكثر و أكثر و يصبح الآخرين همهم الأكبر ، و لو كانوا سعوا لعلاج أنفسهم و تسخير هذا الاهتمام الجم فى حياتهم الخاصة لكان أفضل فالحكمة تقول " من راقب الناس مات غماً " و هو أقل ما يستحقون .
أما إذا كان الفراغ القاتل وراء هذه العادة السيئة للتسلية بخصوصيات الآخرين فعفانا الله فيما ابتلاهم و فضلنا عليهم تفضيلا ، أنصحهم و لا أستثنى أحدا فلسنا معصومين من الخطأ بتزكية النفس أولاً و ملء الفراغ ثانياً ثم عدم الالتفاف إلى سفاسف الأمور كما يقول المصطفى صلى الله عليه و سلم : "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " .

وما التطفل سوى نقص بكل شخص يبحث عن أشياء لا تخصه و لا تعنيه فالثقة الكاملة بالنفس و الوصول إلى كمال الشخصية لا تبحث فى صغائر الأمور فالجهل فى بعض الأمور هى سعادة ربما لن تضيف لنا شئ حتى لو علمنا بها .

يقول الإمام على كرم الله وجهه : " الغيبة ربيع اللئام " فعلاً فالقيل و القال والفضول وذكر الناس بالسوء يمثل متعة ما بعدها متعة بالنسبة للئيم .. لا مش لئيم أنت حثالة تقتات على سيرة الناس .

وعلى نقيض التطفل و الفضول و النميمة تماماً الصمت فبكثرة الصمت تكون الهيبة ، فبالصمت يرتاح اللسان و يسلم الإنسان و بالكتمان تقضى الحوائج و تنجز الأعمال و بدفن الأسرار ينجوا الأخيار من كيد الأشرار ، اصمت عندما يكون الصمت هو لغة التفاهم الوحيدة فى عالم يضج بالحثالة لتصيد زلات الآخرين فللصمت لغة تطحن عظام الأقوياء ، ادرك جيداً فن الحديث .. وفن الصمت .. وفن التوقيت المناسب .








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة