نانى تركى تكتب: إلى ست الكل.. وحشتينى

الخميس، 25 سبتمبر 2014 10:14 م
نانى تركى تكتب: إلى ست الكل.. وحشتينى صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ست الكل لم استخدم هذا اللفظ فى حياتى على الإطلاق فبخلاف أنها أمى فكنت أحب أن أطلق عليها "سوسو"، فهى بخلاف الأمومة صديقة عمرى، كان يكفينى بقاؤها حين يغيبون وحبها حين يتغيرون وقلبها وإن غابت قلوبهم وهم حاضرون.

ولكن ست الكل تلقائيا دون إرادةً منى بعد وفاتها كلما أتى ذكرها، ذكرها لا تكفيه صفحات ولا مجلدات الدنيا ولكن مختصراً لحالتى، تنتابنى فى ذكرى عيد الأم أو فى ذكرى وفاتها الثالثة هذه الأيام.. عمن رحلت منذ ثلاث سنوات وما زالت حاضرة تشغل قلبى وكيانى وعقلى، اختصرت أمومتها فى كلمة قالتها لى يوماً: "مش هتلاقى حد يحبك ويحب تبقى أحسن منه غير أناااااااا"،
حقيقة لو تمنى مخلوق لك الخير لن يتمناه أن يكون أكثر من نفسه ولن يفعلها حتى أبناؤك من صلبك، إنها ميزة حصرية لدى الأمهات يا عزيزى!!.

لم تكن أمى فقط لكن صديقة وكأننا صحاب "نهزر ونتخانق مع بعض"، حتى كنت أنسى كثيراً أنها أم ولا يجب معاملتها معاملة الأصدقاء، فهى لها احترامها أيضاً، ولكنها كانت أقرب إلىَّ منى، هى المرآة التى رأيت بها أخطائى دون الخجل من أن تعايرنى بها أو أخشى أن تحدث الناس بها عنى، لم أتذكر كلامها جيدا فى حياتها وكنت دائما أنسى كلامها ولا أتذكره جيداً، أما الآن وبعد أن فقدتها كل كلمة كل حرف يرن فى أذناى لا أنساه أبداً، بل ياليت نسيته علّى ارتاح قليلاً
لا أريد أن أتحدث عنها فى كلمات مهما كثرت محدودة.

مجرد التعبير عن حالة تنتابنى فى ذكرى وفاتها بصرف النظر عن اشتياقى ليها فهو أمر مفروغ منه إلا أنى اشتقت لتقبيل يدها، تعودت على تقبيلها وكنت أداعبها دائماً بذلك وكان أبى يشتاط غيظاً: ماتبوسيش إيد حد!!، قلت ربما هى الغيرة يا أبى طب إيدك أبوسها!! برضه متعصب قلتلك: ماتبوسيش إيد حد حتى أنا!!.

الغريب أنى لم أشهد فى حياتى وفاة أحد قبلها أو تغسيله، وكان شغلى الشاغل أثناء ذلك هو تقبيل يديها مما أثار دهشة الحاضرين، قلت لهم أنا أعلم جيداً أنى سأشتاق لتقبيل تلك الأيادى آلاف المرات ولن أجدها!!.

ألا تكفى تلك الكلمات لكل من له أم على قيد الحياة وتفتقد أولادها وكأنهم أموات ولكنهم أحياء يرزقون، هل تعلم أن القرآن الكريم حين أوصانا بوالدينا خيراً لم يذكر ما فعلوه من أجلنا سوى أن أمه حملته وهناً على وهن وفطامه فى عامين!!، يعنى الأم يكفيها أن تحملك فى أحشائها تسعة أشهر لتضعها فوق رأسك العمر كله ولو لم تفعل شيئاً سوى حملك تسعة أشهر!!.

أبناء قلوبهم قاسية ودلعهم مرق ولكن اعلم وخذها منى نصيحة للموت رهبة ما بعدها رهبة يعقبه إفاقة وندم ما بعده ندم على كل غفلة أو تقصير أو حرف أثار حفيظة الأم لحظة، الندم بعد الموت كالنقش على الحجر لا ينفع ولا يجدى بشىء، وتحاول توصيل رسالة لها فتعجز فتضرب رأسك بالحوائط و ينعتوك بالمجذوب.

يقولون "أعز من الولد ولد ولد"، وكنت أظن أعز من الأم الابنة أو ممكن تحل محلها بعد رحيلها، وعزتك وجلالك لو كنت أستطيع أن أفتديها أنا وابنتى لفعلتها، لكن لا حيلة لنا فى ذلك سوى الصبر والإيمان والدعاء.. الدعاء هدية الأبناء بعد موت الآباء، وقد يكون مناجاتهم الوحيدة.

غبى من لا ينتهز الفرص وأبويه أحياء، اتركه يعض صوابعه من الندم حتى لا يجد صوابع للعض بعدما يرحلون.

إلى ست الكل الغائبة جسداً والحاضرة فى كيانى إلى يوم مماتى.. وحشتينى.













مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة