محمد فودة

محمد فودة يكتب.. بين أمواج البحر.. تذكرت غياب الحب وطغيان الجحود..!

الإثنين، 04 أغسطس 2014 08:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مثل رمال لا ترتوى، مهما ابتلعت قطرات الندى، بل مهما التهمت مياه البحر، لن تشبع أبدا.. هذا هو حال الحب فى زماننا، لم يعد كما كان.. لم يعد الحب هو المشاعر الفياضة والعيون الدافئة والقلب البرىء، الذى كلما يكبر كلما يزداد طفولة وحنانا.. يحبو نحو الكلمة الرقيقة ولا ينسى أول لقاء.. ولا يمكن أن تتوه عن ذاكرته تلك اللحظات الهادئة، التى تجلب لنا كما من الصور التى كنا قد اختزناها فى جيب التذكر..

اليوم أصبحت الأنانية هى الكلمة السائدة، أصبحت تجارة المشاعر هى المنتصرة دائما وأصبح الحب الحقيقى منزويا فى ركن كاليتيم.. لا لم يعد هناك صدق فقد أصبح الجحود هو الشارة الرئيسية التى تتفرع منها مفردات هذا العصر السائدة حيث لا توجد غير كلمات المراوغة وعدم المصداقية.

تذكرت هذه المشاعر المتضاربة وأنا جالس بمفردى أمام البحر، والأمواج تعلو وتهبط مثلما تعلو بنا الأيام وتهبط، لا يستقر مثلما الحال فى عهدنا الحديث، مضى زمن الهدوء وتحول البحر إلى رمز الفوران، فوران الرغبات وذبولها.. حتى مشاعر الشعوب تغيرت.. لم يعد شعبنا محبا لبعضه البعض كما كان فى الماضى.. أين سهرات سنوات الستينيات ونحن نجتمع حول أغنيات أم كلثوم فى تشابك عاطفى فريد؟.. أتخيل أنه من المستحيل أن ننجح اليوم فى استنساخ هذا المشهد مهما حاولنا من جهد.. تغير الشعب المصرى، حتى ملامحه تغيرت. حتى شخصيته ومكنوناته ما يمكن أن نسميه بالچينات.. لم تعد كما كانت فى السنوات الأولى للخمسينيات والستينيات، حيث البساطة والروح الطيبة، تحوم على كل شىء فى هدوء.. الصخب هو لغة العصر..

ولهذا فالأغانى التى هى نبض وضمير الأمة.. لم يعد لها خلود فى هذا الوقت.. أتحدى أن تحفظ أغنية حديثة وترددها.. حتى لكبار المطربين المعاصرين الشباب الموجودين حاليا.. مثلما كنا نفعل مع أغانى أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب.. بل إنى أحس أننا اليوم نسمو بمشاعرنا - لمن يريد أن يسمو - حيث نسمع أغانى عبدالوهاب وعبدالحليم وأم كلثوم وفريد. فتحس بأن هذه الشرايين التى كادت أن تجف وتختنق وتتمزق، تشعر أنها تعود للحياة وتخضر بها الدماء من جديد فى تحدىٍ كبيرٍ.. الإحساس بالحب انحدر نحو الخيبة ونحو بئر اللا ضمير، الحب والمشاعر إلى غير رجعة.. هل مع هذا يمكن أن تستقيم الحياة..؟! وأقول جازما: ولهذا لا تستقيم الحياة.. أين الحب أين مشاعر الحبيب أين الرومانسية ودفء الحوار ولغة الحب المتصل؟.

انهزمت أمام غطرسة الواقع وصارت لغة المصالح هى التى تقود، أين قصائد إبراهيم ناجى ونزار قبانى وبودلير امبراطور العشاق وأكبر من كتب عن مشاعر الحب فى القرن التاسع عشر، هل يمكن أن نقرأها اليوم بنفس الروح كما كنا نقرأها فى الماضى؟.
ولكن كل هذا لا يمكن أن يهون لولا أصدقائى الأوفياء الذين يحيطونى بكل صدق وهم الملاذ الآمن وقت الشدة والتعويض عن جحود وظلم الأحباب. الذين ذابوا وسط طوفان الضغينة.

ولكن برغم كل هذه المشاهد القاتمة السواد. وأنا أبحر مع الأمواج. أعود لحبى الحقيقى ولقلبى الذى لا يعرف سوى المحبة.. أقول: أتمنى أن يعود الحب ونحن أولى الأمم من غيرنا التى تعرف الحب وترسم الخطوات نحو الصواب.

أقول أيها الحب عد إلى قلبى الظامئ أنت الضمير الحى، الذى لا يمكن أن ينهزم.. كفانا تبلدا وتبجحا.. أنا أتكلم فى الليل الخافت وقت غروب الشمس.. عد لنا أيها الحب لا يزال السلم الذهبى بيننا موجودا وحبات اللؤلؤ لاتزال تبحث عن الحقيقة الغائبة والحب اليتيم.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة