أكرم القصاص - علا الشافعي

الانبا ارميا

"آلبرت دورير" والمحبة الحقيقية

الجمعة، 13 يونيو 2014 11:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحدثنا فى المقالة السابقة عن رفقاء طريق الحياة، وأنهم يؤثرون جدًا فى اتجاهاتنا ومسيرنا، وذكرنا أن مرافقة الحكماء والمتواضعين نتعلم منها ونتدرب فى الحياة.

فى طريق الحياة اختر أن يكون رفاق الطريق معك ممن يمتلئ قلبهم بالمحبة لأنهم لا يعرفون إلا العطاء والبذل ومعهم تتعلَّم أن تقدر قيمة كل بذل وعطاء قُدم إليك. حين تمر بصورة اليدين المصلِّيتين للفنان الألمانى "آلبرت دورير" (1471-1528م)، تمهَّل قليلًا وتذكَّر قصة هٰذه الصورة التى رُسمت عام 1508م.

نشأ "آلبرت دورير" فى عائلة كبيرة مكونة من عشرين فردًا فى ظل أحوال مادية شديدة القسوة. وكان يراود الابنين الكبيرين حُلمًا فى أن يدرُسا بأكاديمية الفنون إذ كانا موهوبَين فى الرسم. ومع أن الأمر لم يتعدَّ أن يكون حُلمًا لأن والدهما لا يستطيع تحمل نفقات الدراسة، إلا أنهما توصلا إلى حل بعد مدة طويلة قضَّياها فى التفكير والحوار. فقررا أن يعمل أحدهما متكفلًا بمصروفات أخيه الدراسية مدة أربع سنوات، وبعد الانتهاء من الدراسة يذهب الآخر للدراسة ويعمل أخوه متكفلا بمصروفاته الدراسية. وقد أجرَيا قرعة لاختيار من يبدأ بالدراسة، وفاز بها "آلبرت" ليذهب إلى الأكاديمية، فى حين ذهب أخوه للعمل فى المناجم. وقد استطاع "آلبرت" أن يكون له شأن عظيم بسبب موهبته البارزة؛ فعند تخرجه كانت لوحاته وتماثيله تدُر عليه مالًا وفيرًا.

عاد آلبرت إلى أسرته بعد أن انتهى من دراسته. وبعد الاحتفال بعودته، شكر لأخيه تعبه ومحبته التى من دونها ما استطاع أن يدرُس ويحقق نجاحًا باهرًا فى مجال الفن. ثم طلب من أخيه أن يستعد للسفر ليبدأ هو دوره فى الدراسة وينفق هو عليه كما اتفقا.

ربما أرغب فى التوقف عند هٰذه النقطة؛ لأنها تعبِّر عما يقدمه البشر الذين تمتلئ قلوبهم بالمحبة نحو من يمرون فى طريق حياتهم. إنهم تعلَّموا أن يهبوا. وما أسعد من يلتقيهم فى طريق حياته! إذ سيعرف عمقًا جديدًا فى الحياة من شخصيات عظيمة نادرة لا يجود الزمان بمثلها كثيرًا.

وتكتمل القصة بأن الأخ يرفض الذهاب للدراسة؛ فالعمل فى المناجم أثّر فى يديه إلى درجة أنه لم يعد قادرًا على الإمساك بريشة صغيرة والتحكم فى الخطوط الدقيقة!! ويمر "آلبرت" بغرفة أخيه ذات يوم؛ ليجده يصلى بيدين مضمومتين؛ لتستوقفه رهبة المشهد!! ويقرر على الفور أن يرسم تلك اليدين تكريمًا للمحبة الباذلة التى غمرته فى حياته، وليُذهل العالم بهٰذه اللوحة التى كانت سببًا فى شهرة هٰذا الفنان؛ مع أن له أعمالا أخرى رائعة فى متاحف عديدة!

حين يمر بك فى طريق الحياة إنسان عرَف معنى المحبة الحقيقية والعطاء، لا تدَعْه يمضى دون أن تتعلم منه المعنى الحقيقى للحياة فى العطاء والبذل.

و"عن الحياة" ما زلنا نُبحر ...
* الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

shenoda

قصه رائعة ومؤثره كالعادة

عدد الردود 0

بواسطة:

ممدوح شفيق

الى الاستاذ كمال فايز

عدد الردود 0

بواسطة:

مينا

الجنود المجهولة فى حياة المشاهير

عدد الردود 0

بواسطة:

أشرف

معادن الناس

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة