معنوياته فى السماء!!

يجب أن يكون المرء من أصحاب الجلد الغليظ لتصبح «معنوياته فى السماء» – كما قال أحد محاميه - بعد أن دمر بلدا بأسره نتيجة سياسته الفاسدة، وينبغى أن يكون الإنسان محروما من نعمة الإحساس ليقبل الاحتفال بعيد ميلاده مع مجموعة من أصحاب المصالح الذين ارتبطوا بعهده البائس.

لا يعرف الواحد كيف يفسر ظاهرة الحفاوة برئيس حكم بلدا ثلاثين سنة، فجعله فى أسفل سافلين؟ إذ إن كل الشواهد تؤكد أن حصاد فترة حكمه البغيضة كان بالغ المرارة، من أول الفساد الذى «وصل للركب» بتعبير رئيس ديوانه نفسه، حتى التعذيب فى أقسام الشرطة والسجون وإغلاق الصحف.

لا يفهم المرء الأهداف المريبة لحفنة من «أبناء الريس» قرروا الاحتفال بعيد ميلاده برغم أن نسبة الأمية فى عهده الميمون ارتفعت إلى 35%، وأن الشعب طرده من قصر الرئاسة تاركا أكثر من 40 مليون إنسان يعيشون تحت خط الفقر، وأن أحوال التعليم فى عهده المرفوض تدهورت بشكل لم يحدث من قبل، وأن الأمراض الفتاكة نهشت أجساد 12 مليونا من الذين ظل يحكمهم ثلاثة عقود.

أما أكبر جرائمه فتتمثل فى تدمير الحياة السياسية من خلال السماح لقوى الدولة البوليسية بخنق أية محاولة جادة لتطوير أداء الأحزاب المدنية أو خنقها من البداية، وغض الطرف عن قوى الإسلام السياسى والسماح لها بالتوغل داخل المجتمع حتى سيطروا على عقول الناس وأفسدوها بأفكارهم المتخلفة التى تخاصم العصر، وها نحن نشاهد يوميا آثار جرائمه متمثلة فى شباب سرقوا عقله وخربوه حتى صار يدمر ويخرب ويقتل ظنا منه أنه «يجاهد» فى سبيل الله.

أما جريمته الثالثة فتكمن فى مقدرته المذهلة على غلق نوافذ الأمل أمام المصريين، فبعد أن دمر حياة الناس ثلاثين سنة بدأ يعمل لتوريث الحكم لابنه، وشاهدنا جميعا المعزوفة الموسيقية النشاز التى تمجد للابن وتهيئ الشعب ليزفه إلى قصر الرئاسة.
كل هذه الجرائم ومعنوياته فى السماء.. يا سبحان الله.. لقد قلت لك إنه من أصحاب الجلد الغليظ، ونسيت أن أخبرك أن المحتفلين به من أصحاب الجلد الغليظ أيضا.