مبارك والإخوان والصهاينة والأمريكان!

أنصح بقراءة الحوار الذى أجرته المصرى اليوم مع الرئيس المخلوع حسنى مبارك ونشرته أمس الخميس 3 أبريل. لماذا؟

لأنه سيكشف عن ذهن رجل حكمنا ثلاثين سنة بدم بارد وعقل جامد، وكيف أسهم بنصيب وافر فى تدمير الحياة السياسية من ناحية، كما سيفضح مدى تواطؤه فى دعم جماعة الإخوان من خلال فتح الباب على مصراعيه لكى يتوغلوا فى أوردة وشرايين الحياة الاجتماعية للمصريين من ناحية ثانية، فضلا عن أن هذا الحوار سيوضح لك كيف يدّعى الرؤساء الفاشلون – بعد أن يثور عليهم الشعب ويطردهم من عرين الرئاسة - أنهم كانوا قادة وزعماء ثوريين يواجهون القوى الكبرى ويتصدون للأمريكان كما وصف مبارك نفسه بأنه «كان متربس معاهم جدا» حين طالبوه بالسماح للإخوان بالمشاركة فى العملية السياسية!

بغض النظر عن اللغة الركيكة التى تحدث بها مبارك، وهى سمة خاصة به على أية حال، فإن هذا الحوار يثير عدة أسئلة منها:

• هل كان مبارك يجهل خطط الإخوان التى تهدف إلى السطو على السلطة فى مصر؟ فإذا كان يجهل فتلك مصيبة، لأنه يملك الإمكانات الضخمة والأجهزة الجبارة التى تستطيع أن تخبره بنوايا جماعة سياسية تستتر وراء حجاب دينى. وإذا كان يعلم فالمصيبة أعظم كما يقول البلغاء القدامى، لأنه تركهم يعيثون فى عقول الشباب فسادا مستثمرين انصراف النظام عن الاهتمام بالخدمات اليومية التى يحتاجها المواطنون من صحة وتعليم وخلافه، فإذا بالجماعة تتولى تقديم بعض هذه الخدمات بأسعار بسيطة لتستحوذ على تعاطف البسطاء وتصب فى أذهانهم ما تشاء من أفكار فاسدة!

• يقول مبارك فى الحوار إياه إن (الإخوان زى الصهاينة)، من باب الهجاء والتشهير والرفض، لكنه قول مغلوط، لأننا إذا راجعنا تاريخه مع الصهاينة مذ تولى السلطة فى مصر عام 1981 اكتشفنا أنه كان الرجل الأول لهم فى بلدنا، وقد فضحه قادة الدولة الصهيونية حين قالوا عنه بأسى بعد سقوطه (إنه كنز إستراتيجى لإسرائيل). وبالتالى يمكن التأكيد على أن تشبيهه صحيح بخصوص أن الإخوان زى الصهاينة، لكنه نسى أن يضيف أنه كان صديقا وفيا للاثنين، للإخوان وللصهاينة، وإلا ما ازدهرت الجماعة وترعرت ماليًا وتنظيميا فى عهده، وانظر إلى ثروة خيرت الشاطر على سبيل المثال التى بلغت 2 مليار دولار فى زمن مبارك وفقا لما قاله اللواء ثروت جودة وكيل جهاز المخابرات الأسبق (اليوم السابع 5 يناير 2014).

• فى نهاية الحوار يؤكد مبارك أنه لن يترشح للرئاسة فقد خدم الجيش المصرى 30 سنة، وحكم البلد 30 سنة أخرى، موضحا أن دوره انتهى، لكنه نسى أن يضيف أنه فعل بمصر ما لم يفعله أعدى أعدائها، وأن الكوابيس التى نكابدها يوميًا – آخرها تفجيرات جامعة القاهرة أول أمس الأربعاء 2 أبريل – هى ابنة حرام لنظامه البائس، وأنه والإخوان والصهاينة والأمريكان أعداء تاريخيون للشعب المصرى!