حنان شومان

يا عزيزى كلنا فاسدون

الجمعة، 12 ديسمبر 2014 01:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى زمن حكم الإخوان، أى منذ ما يقرب من عامين، انتشر على اليوتيوب تسجيل واقعى جدًا، ولذلك جاء ساخرًا جدًا, تسأل فيه المذيعة مواطنين فى الشارع المصرى عن رأيهم فى الأحوال المعيشية. ومن بين الردود التى أتت لها وقف مواطن أربعينى العمر يقول لها صارخًا «إن الأحوال زى الزفت، ولهذا فنحن اشتقنا للفساد، أبوس إيديكم عايزين الفساد يرجع»، تذكرت هذا الفيديو الذى أضحكنى حتى الدموع فى حينها.. يوم الاثنين الماضى الذى كان يوافق اليوم العالمى لمحاربة الفساد, وأنا أستعد لإلقاء كلمة فى مؤتمر عام تم تنظيمه للحديث عن مبادرات المجتمع المدنى فى التصدى للفساد, وكان علىّ أن أحضر كلمتى عن الفساد فى الإعلام، وكيفية محاربة الفساد بالإعلام. وما أسهل أن تكتب كلمة وأنت من أهل المهنة تتحدث فيها عن الأمرين، عن كيفية محاربة الإعلام للفساد فتقول كلامًا كبيرًا من نوعية أن الإعلام هو الجناح الأول فى أجنحة كشف الفساد، فهو من يسلط الضوء عليه، وينبه العامة والمسؤولين لمواطنه, وفى نفس ذات الوقت تستطيع بقلب وقلم ولسان مرتاح أن تتحدث عن فساد الإعلام فى مصر، وتقول للصبح. وكل منا لو جمعتنا جلسة ينبرى للحديث عن الفساد، كل فى مجاله, فالطبيب والمهندس والصحفى والمعلم والموظف والمثقف وحتى العامل بأجر والسياسى، كلنا نجيد الحديث والحكى عن الفساد، وما نراه أو نسمعه من غيرنا عن حكايات الفساد الذى يعشش فى بر مصر، ويتوحش منذ عقود. إذًا، لو كنا جميعًا مدركين وعالمين ومتحدثين وصارخين من الفساد، أُمال فين بقى الفسدة أنفسهم, وهذا يدفعنى بالتبعية أن أتذكر الكلمة الشهيرة لرئيس ديوان مبارك الدكتور زكريا عزمى حين وقف تحت قبة البرلمان وهو يقول إن الفساد وصل للركب، طب يا عم المسؤول لما أنت تقول كده وأنت وظيفتك سيادية وكان لك الكلمة والحل والربط، أُمال المواطن اللى مالوش كلمة يقول إيه؟.

أتدرون أن حكايتنا مع الفساد صارت مثل حكايتنا مع الدين والتدين، مع الفارق طبعًا بين دين الله والفساد الذى انتشر فى البر والبحر، لكنها حكاية متشابهة, فنحن منذ قرون نقول إن القاهرة عاصمتنا هى مدينة الألف مئذنة، ونكرر ونكرر أننا شعب متدين بطبعه, حتى صدقنا أنفسنا وصرنا نتحدث فى الدين والتدين كثيرًا، وأخذنا أسهل ما فيه.. المظهر، واسترحنا للحديث والمظهر، ومقولة إننا شعب متدين، والحق أنه لا الحديث عن الدين ولا مظاهره من حجاب وجلباب وسبحة ولا الارتكان لمقولة إننا شعب متدين بطبعه كلها على بعضها لا علاقة لها بالدين من قريب أو بعيد, بدليل أن الفساد للركب وما بعد الركب بكثير.

من المؤكد أنك عند هذه النقطة زهقت وبتقول فى عقل بالك طب وبعدين إيه الحل؟.. دعنى أقول لحضرتك، أول وسائل علاج المرض هو الاعتراف به, فلنقر جميعًا بأننا يا عزيزى كلنا فاسدون، وبشرط أن يقر كبيرنا قبل صغيرنا، وقوينا قبل ضعيفنا وليس فقط كام واحد, ونقر أننا لسنا شعبًا متدينًا بطبعه، وأن التدين لدينا فى مشكلة , فإذا اتفقنا أننا كشعب مقر بمرض قلة الشرف والدين، تلك هى الخطوة الأولى، ثم يجب أن تكون الخطوة الثانية من الحاكم الذى يملك قوة التشريع، فهو وحده القادر على الخطوة التالية, ثم يليه من يأتى بعده فى المسؤولية وهكذا. وعلى الإعلام دور أيضًا ليس فى كشف فساد المسؤولين وحدهم، لكن كشف فسادنا جميعًا، وهنا يبرز السؤال: إذا كان الإعلام وأهله نفسهم فاسدين، فكيف بهم يكشفون الفساد؟!, ألم أقل لكم إن الخطوة الأولى هى الإقرار بفسادنا جميعًا، وهم جزء منا.

أما لو ظللنا مكتفين بالاحتفاء بيوم مناهضة الفساد، والحديث عنه، فأظن أننا جميعًا سنعيش دور زكريا عزمى بدلاً من أن نعيش دور أحمد زكى فى فيلم «ضد الحكومة» حين وقف فى المحكمة يقول كلنا فاسدون.. كلنا فاسدون.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 6

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

وفى كل الاحوال كونى مع الشعب ظالما او مظلوما لان اساسه الوطن وليس الهروب الى اسبانيا وتركيا

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

مواطن غير فاسد

الفساد منظومة قانونية متكاملة

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

بالطبع لكى كل الحريه فى الاختيار بين الشعب والفلول والعشيره - اهانة الظلم والظالم عباده

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

لو الكل فاسد وغير متدين لخلق الله جهنم فقط - لماذا الجنه اذن

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

بالطبع هناك امور لا نرضى عنها ونمقتها وننكرها ولكنها فى النهايه نواتج ظلم وفساد 30 سنه

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

فى الريف المصرى ستجدى الانيميا والبلهارسيا والفشل الكلوى والكبدى والسبب الترعه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة