إسراء عبد الفتاح

رسالة إلى الحالمين

الجمعة، 12 ديسمبر 2014 10:04 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اعذرونى لأن كلماتى وآرائى الفترة الأخيرة كانت تحمل المزيد من اليأس الممزوج بالإحباط، فلا أعتقد أنها كانت حالتى أنا فقط، لكن كانت حالة عامة لأغلبية جيلى، منهم من يتغلب عليها، ومنهم من يدفنها فى ذاته، ومنهم من يبوح بها، ومنهم من يقاومها.. أحاول فى السطور اللاحقة أن أقاومها، لكن بطريقتى الخاصة التى من الممكن أن تحلو للبعض ولا تحلو للآخر، لكن فقط أرجو أن أسجلها لعل وعسى يأتى وقتها فى يوم من الأيام.

أشارككم جميعًا الإحساس بالتراجع فى كل المكتسبات الأولى للثورة التى تخيلنا بعد سقوط مبارك أننا فى طريقنا الصحيح إلى تحقيقها على أرض الواقع، والتى عاد إلينا الأمل مرة أخرى بعد 30 يونيو، وضاع وتبدد بعد محاولة منا لتصحيح المسار، لكن للأسف تعثر المسار مرة أخرى، فتراجعت الثورة، بل هوجمت وحُولت إلى مؤامرة، ووُضع رموز منها خلف القضبان، ورموز أخرى تدور حولها كل يوم مسلسلات هابطة من التخوين والتحريض.. وبرغم أننى من مؤيدى قانون تجريم إهانة الثورتين، والذى أشار إليه الرئيس مؤخرًا، فإننى لا أرى أن هذا وحده كافٍ لإصلاح حالة التراجع التى تشهدها البلاد بعد ثورتين، فالعمل الحقيقى نحو تحقيق أهداف الثورة على الأرض هو الحصن الآمن دون إهانتها، والتجريح فيها.

ورغم كل هذا التراجع، خاصة فى مجالات الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية، ورغم أننا كتبنا دستورًا يضمن إلى حد كبير كل الحقوق والحريات، فإننا لا نطبقه، بل هو حتى الآن حبر على ورق، ورغم الظلم والفساد والقوانين الباطلة دستوريًا التى يحكم بها الشباب، ورغم التشويه والتخوين، ورغم اختفاء أصوات العقل والموضوعية، ورغم عودة وجوه مبارك إلى الصف الأول، ورغم عدم تطبيق القانون، فمن يحتفل ويتظاهر بالبراءة انتهاكًا للقانون فهو آمن، ومن يتظاهر اعتراضًا على البراءة فهو مسجون أو مقتول أو هارب من اختناق الغاز، ورغم ورغم ورغم، فإننى أيها الحالمون- واعذرونى فى ذلك ولى أسبابى- لا أستطيع الآن أن أهتف معكم «الشعب يريد إسقاط النظام» لسببين مهمين، أولهما قد أوضحته فى مقالى السابق، وهو أن أغلبية الشعب الآن فى حالة رضى بما يعيشونه، إما خوفًا من إرهاب الإخوان، والتهديدات الخارجية كداعش وغيرها، أو من سلم عقله لخرافات الإعلام المطبل منه بأن ثورة يناير مؤامرة، وأن الثوار خونة وعملاء، ولابد أن تعذروهم فى ذلك، ولن يصحوا الآن من غفوتهم التى سيطر عليها هذا النوع من الإعلام، فاتركوا الزمن يثبت لهم ما ينصب لهم من فخ لتبديد وعيهم من إعلام جاهل وعابث يستمعون له يوميًا بكل آسف.

والسبب الثانى الأهم هو، ما البديل عندما يسقط هذا النظام؟.. مكتسبات الثورة لم تتحقق حتى الآن لأن الثورة لم تحكم، فلماذا لم تحكم الثورة؟ فلا تتوقعوا أن يحقق أهداف الثورة أى جهة أو شخص لم يشارك فيها، ولم يؤمن بأهدافها، ولم يدفع ثمنًا من أجل تحقيقها! فهل الثورة على استعداد لأن تبنى نظامًا بعد أن أسقطت أنظمة سابقة من الفساد والديكاتورية، وبعد أن تسقط نظامًا حاليًا قادرة على أن تبنى نظامًا لتحقيق أهداف الثورة؟.. تبنى نظامًا بوجود مرشح واحد فقط لها فى انتخابات الرئاسة المقبلة.. تبنى نظامًا بمعنى أن تفوز بالأغلبية فى الانتخابات البرلمانية، تبنى نظامًا بأن شبابها يشكلون المجالس المحلية ويبدأون بالإصلاح والتغيير الهرمى من أسفل إلى أعلى، فقد اختبرنا التغيير من أعلى لأسفل، فلم يحدث أى تغيير سوى سقوط رأس النظام فقط، ويبقى النظام متوغلًا بفساده فى زوايا وأركان الدولة.. هذا هو ما نحتاج أن نفعله أولًا قبل سقوط النظام، سواء بثورة أو بانتخابات.. هذا ما تعلمته من كل سنوات النضال السابقة، ولابد أن أنقله بكل أمانة لأجيال جديدة تثور ولن تركع لأى فساد أو قمع، فالثورة كما قال د. مصطفى حجازى ليست عملًا نورانيًا بل هى عمل إنسانى يحتمل الصواب والخطأ، فلابد أن نتعلم من أخطائنا حتى نحقق ما نحلم به..ابختصار رسالتى لكم:

نقوا صفوفكم، فلا تثقوا مرة أخرى بمن خان لأى سبب، حددوا أهدافكم واجعلوها واضحة، اتحدوا من غير أيتام مبارك ولا الإخوان، نوعوا الآليات، فليست هناك آلية واحدة صالحة لتحقيق كل الأهداف، جددوا النخب الكبيرة والصغيرة، ابعدوا عما تم حرقه من إعلام فاسد، وأثبتوا لهم أن الثورة فكرة وليست شخصًا، اخلقوا البديل المنظم القوى القادر على القيادة والتحكم فى زمام الأمور، حافظوا على أنفسكم ولا ترموا بها إلى التهلكة.

وكما كتب أحمد شلبى وغنت سلمى صباحى:

«الله يكون فى عون الحالمين الطيبين العشمانين فى بكرة أجمل من اللى فات.. الله يكون فى عونهم أصلهم مع كل حلم بينكسر بتنكسر فيهم حاجات ومكملين.. الله فى عون الحالمين الزاهدين.. فى وقت فيه الحرب دايرة ع الفتات.. الصادقين فى وقت فيه الزيف معشش فى الحاجات.. مش يائسين.. وصامدين.. ومكملين».








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد موس

انتي السبب اسراء عبد الفتاح في الاخوان انصارهم الارهابيين

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد

قولى لنفسك

فاقد الشئ لا يعطيه

عدد الردود 0

بواسطة:

هشام محمد

اللى اختشوا ماتوا

التعليق فوق

عدد الردود 0

بواسطة:

أيوب مصر

فهل الثورة ............بعد أن أسقطت أنظمة سابقة من الفساد والديكاتورية، وبعد أن تسقط نظامًا حاليًا

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

اهانة الظلم والظالم عباده

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

عصام عبد اللطيف

الهدم ولا شئ غير الهدم

عدد الردود 0

بواسطة:

Mona

بدت نبرتك هادئة ، فقلت لنفسي ولما لا فلأقرأ مقالها اليوم لعل وعسى ...

عدد الردود 0

بواسطة:

حسن المويلحى

كونى من الحالمين

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

الثوره باقيه مابقى الظلم ولن تسلم الجره فى كل مره- ياليتهم يفهمون شهوة الظلم لها نهايه قاسيه

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

حسن المصري

انتم اهل الفوضي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة