رمضان زكى معتوق يكتب: "الجزيرة 2" الواقع والخيال

السبت، 08 نوفمبر 2014 12:04 ص
رمضان زكى معتوق يكتب: "الجزيرة 2" الواقع والخيال أفيش فيلم الجزيرة 2

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الحقيقة أنا لست من هواة الذهاب لدور العرض السينمائى إلا إذا استهوانى أحد الأفلام من خلال رد فعل الناس فى الشارع، لذلك شاهدت فيلم "الجزيرة 2"، وبنظرة المشاهد وليس الناقد أردت أن أتحدث عن ذلك العمل السينمائى من منظورين وبإيجاز هما: 1 - المنظور الأول: وهو نظرة المشاهد لهذا العمل من ناحية الصناعة السينمائية فهو لاشك من أفضل الأفلام فى الفترة الأخيرة من حيث التقنيات والإخراج والأداء التمثيلى للشخصيات، فهو فيلم يجذب الانتباه أثناء المشاهدة رغم طول فترة العرض التى زادت عن ساعتين ونصف وبرغم أنه جزء ثانى من عمل سابق إلا أننى كنت أشعر بمتابعة فيلم آخر ومختلف، أما استخدام المخرج للحشود والتجمعات فتم بطريقة فائقة أضف إلى ذلك انضمام الراحل خالد صالح إلى العمل لاشك أضاف إليه الكثير كممثل قدير فكان أداؤه أساسيا من أدوات صناعة هذا العمل الفنى، ناهيك عن عدم احتواء المشاهد على الابتذال والتكلف من خلال الحشو فلا يوجد مسرح وأغنيه شعبية وراقصة وعرى وألفاظ خارجة كالمعتاد سينمائيا فى الفترة الأخيرة.

2- المنظور الثانى: أما النظرة الثانية والأهم هى فكرة الفيلم وهنا عزيزى القارئ لابد أن أوضح أن الجزء الأول لهذا العمل كان يدور حول مواجهة الشرطة لتاجر السلاح والمخدرات وهو زعيم عصابة يقوم بزراعة المخدرات فى الجزيرة التى احتقرها بثقة كبيرة وعدم اهتمام بأجهزة الأمن، وذلك لأنه كان يتعامل مع بعض العناصر الملوثة أيديهم بالفساد داخل جهاز الشرطة سابقا فكانت المعاونة فى تحقيق غايتهم الفاسدة لتحقيق مصالح بين الطرفين، أما الجزء الثانى والمتمثل فى الجزيرة 2 فتحولت الفكرة تماما إلى فكرة سياسية بحتة وبما أن السينما هى جزء من مرآة تعكس ما يحدث بالمجتمع فقد عكست لنا أحداث الفيلم التقلبات السياسية فى المجتمع المصرى فى الفترة الأخيرة وخاصة بعد أحداث 25 يناير لنلاحظ أن هناك ثلاثة محاور أساسية فى الأحداث، المحور الأول منصور وكريمة أو الكبير والكبيرة ومقدرتهم الفائقة فى تحريك الشارع داخل الجزيرة لأغراض معينة تعتمد أساسا على شعارات ثورية وكلمات واضحة ظهرت فى الفيلم كثوار أحرار كما سمعت فى الأحداث.

والمحور الثانى هو رشدى الضابط السابق عدو الأمس المفصول من الخدمة لدواعٍ أمنية وهو يرمز لفلول النظام الأسبق. أما المحور الثالث فهو الشيخ جعفر زعيم الرحالة ذلك الرجل الذى تظهره الأحداث مطلق اللحية وخطيب الناس بالمنابر ويدعو للقتل والعنف لأسباب غيبية مستشهدا بقصة سيدنا موسى مع سيدنا الخضر أى نفذ دون جدال وأنك لا تستطيع معى صبرا وواضح لمن يرمز دون ذكر أسماء.

ومع توالى الأحداث نجد الكل يطمع ليحكم الجزيرة ويمتلك زمام الأمور فيها سواء بالحيلة أو بالقدرة على السيطرة على عقول الناس، وعندما تؤول الأمور إلى زعيم الرحالة ويفوز بالجزيرة وما بها باستخدام القوة مرة وبالتفرقة مرة أخرى وبالعنف مرة ثالثة. لنجد أنه ليس أمام رشدى رمز الفلول ومنصور رمز تحريض الناس لمصلحته الخاصة سوى أن يتحدا سويا ضد زعيم الرحالة الذى استولى على كل شىء بالخطب الرنانة فى الظاهر والقتل والعنف والتفرقة فى الباطن، لنصل إلى مشهد النهاية ووسط الصراع الدامى بينهم نجد الشيخ جعفر زعيم الرحالة يمسك بمؤشر قنبلة آيلة للانفجار فى حالة الضغط على زر المؤشر مهددا إما ننجو جميعا أو نموت فتنفجر أثناء الالتحام بينهم ويموتون جميعا فتذهب الكاميرا إلى فتى لم تلوث يده بالدماء بعد بل قدم كفنه فداء لعدم إراقة الدماء فيحمل الناس هذا الفتى على الأعناق ويطلق عليه اسم الكبير وكأننا سننتظر هل سينجح هذا الفتى الورع فى تحقيق استقرار الجزيرة وتحويل الفساد إلى إصلاح أم سيكون صورة مصغرة من الكبير السابق له.

هكذا كانت قراءتى لأحداث هذا العمل أما علاقته بالواقع سأترك الحكم لكم لأن مصر ليست جزيرة لتجارة السلاح والمخدرات وليست المساجد فى مصر منبعا للإرهاب وليس النظام الأسبق فاسد فسادا بحتا ولكن قد شابه بعض الأخطاء الجسيمة، وأخيرا مصر هى الباقية والكل زائلون.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة