فضيلة المفتى د. شوقى علام يكتب: الخطاب الدينى وضرورة التصدى لظاهرة الإفساد فى الأرض.. ويؤكد: لابد أن يتصدى الجميع لهذا الإفساد ودعوة الكل للالتزام بالمنهج الإسلامى الحنيف

السبت، 01 نوفمبر 2014 08:58 ص
فضيلة المفتى د. شوقى علام يكتب: الخطاب الدينى وضرورة التصدى لظاهرة الإفساد فى الأرض.. ويؤكد: لابد أن يتصدى الجميع لهذا الإفساد ودعوة الكل للالتزام بالمنهج الإسلامى الحنيف فضيلة المفتى د. شوقى علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن اليومى..

الخطاب الدينى اليوم يواجه الكثير من التحديات لعل أكثرها إلحاحًا وأهمية تلك التهديدت التى تهدد السلم المجتمعى وتهدد الأمة بأكملها، مما يحتم عليه ضرورة التصدى لها ومواجهتها، والتى تفرض عليه أيضاً ضرورة النظر فى تحديث آلياته وأدواته وأساليبه التقليدية وإيجاد آليات جديدة تواكب التقدم التقنى والعلمى والتكنولوجى، وضرورة إيجاد فهم منضبط للتعامل مع الأفكار المتطرفة التى يستغلها أعداء الدين والوطن لتدمير شباب الأمة الإسلامية وزعزعة قيمهم ومبادئهم وإشاعة التطرف والإرهاب والفوضى فى البلاد.

فهذا الخطاب الدينى مطالب أن يبين أن كل ما من شأنه أن يهدد السلم المجتمعى لا بد من التصدى له بكل قوة، وأن نفعِّل بحقه الأحكام الرادعة؛ فما شرعت الأحكام إلا لجلب المصالح ودرء المفاسد، فالشريعة حين شرعت القصاص شرعته من أجل مصلحة العباد والتى تتمثل فى تحقيق الاستقرار والأمن والطمأنينة وحقن الدماء، يقول تعالى: «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب»، كما أنه عامل زجر لكل من تسوِّل له نفسه الاعتداء على أرواح الناس والإفساد فى الأرض وإشاعة القتل، كما أن درء المفاسد هو وجه من وجوه المصالح، فالمصلحة حين تجلب النفع فهذا وجه إيجابى، ودفع الضر والمفسدة فهذا وجه سلبى، يقول تعالى: «إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون»، فتحريم الخمر يدرأ عن الناس مفسدة الصد عن ذكر الله وعن الصلاة.

وإذا كانت الدولة بمؤسساتها وأجهزتها ضد الذين يفسدون فى الأرض بالقتل والإرهاب، فالخطاب الدينى مطالب بأن يكون هو الآخر بعلمائه على خط المواجهة، ومحاربة أفكار هؤلاء المفسدين بالحجج وبيان فكرهم السقيم لعموم الأمة، حتى لا يقع المزيد من أبنائنا فى براثن هؤلاء الذين آثروا الصدام مع المجتمع على أن يشاركوا فى البناء، وهذا هو جوهر فكرهم الذى يعبر عن انحراف فكرى لديهم، والذى بدوره يسبب لهم حالة نفور وصدام مع المجتمع ورفض للتعايش السلمى، وهنا يأتى دور الخطاب الدينى الذى يبين أن هذا الصدام محرم شرعًا، يجب أن نستبدله بالتعاون الذى يضمن سلامة الأمة وعمارة الأرض يقول تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان».

«الإنسان بنيان الرب.. ملعون من هدمه» هكذا جاء فى الأثر، وهذا ما أكدته الشريعة الإسلامية فى مقاصدها العليا التى جاء من أجل تحقيق وظيفة الإنسان فى الأرض من عبادة الله وتزكية النفس وعمارة الأرض، ونزع الشحناء والبغضاء من النفوس، بل إن الإسلام جاء للقضاء على كل هذه المظاهر، من خلال مقاصد الشرع الشريف المتمثلة فى حفظ النفس والدم والمال والعرض، وعليه فالخطاب الدينى لا بد أن يتصدى لكل خطاب أو دعوى تفتقد إلى مقاصد الشريعة والتى من شأنها أن تؤدى إلى القتل أو التخريب أو سف الدماء أو تخريب الأوطان أو انتهاك القيم العليا للأخلاق.

ولقد أخبرنا النبى صلى الله عليه وسلم أن من أعان على سفك دم امرئ مسلم ولو بشطر كلمة لقى الله يوم القيامة مكتوبًا بين عينيه آيس من رحمة الله، فلو نطق أحد بكلمة «اقتل» وقال «اق» ولم يكمل الكلمة وكان قاصدًا مريدًا للقتل كان معينًا عليه وآيسًا من رحمة الله يوم القيامة، وكذلك كل من يخرج على المجتمع يهدد أمنه وسلمه حاملاً سلاحه، ملوحًا ومهددًا بالعنف والقتل، ومستخدمًا له، فقد بادر بالعدوان، وهدد أمن البلاد والعباد، ولا بد من التصدى له بكل الوسائل الرادعة.

ولأجل تحقيق السلم الاجتماعى على الخطاب الدينى أن يسوق من الأدلة التى تؤكد أن تحقق السلم هو القاعدة الأساس فى الإسلام، قال تعالى: «والله يدعو إلى دار السلام»، فقد تكرر الحديث عن السلام والسلم فى أكثر من خمسين موضعًا فى القرآن الكريم، يقول تعالى: «يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام»، والسلام هو القاعدة الأساس بين البشر: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، لذلك كان أول عمل قام به النبى فى المدينة هو ذلك الميثاق الذى يربط بين المهاجرين والأنصار، والذى كان سببًا لانتشار دعوة المسلمين وتحقيق التواؤم والوفاق بين أبناء البلد الواحد، فإذا ما سقط هذا الميثاق بين أبناء الوطن الواحد صار القتل والتدمير والتطرف سلوكًا لدى أصحاب الأهواء والمتسترين بالدين الذين يجب أن يجابهوا ويحاربوا بكل قوة.

إن تفشى ظاهرة المفسدين والمهددين للسلم الاجتماعى يجعل من الواجب الشرعى على كل مسلم أن يتصدى لهذه الظاهرة, فعلى الدعاة والأئمة وعلماء الدين والمفكرين ووسائل الإعلام مسؤولية توضيح طبيعة هذه الظاهرة وأسبابها ودوافعها ومحركاتها وإظهار آثارها السلبية والمدمرة للمجتمع أفرادًا وجماعات, وخطرها على الأمة، بل لا بد أن يهب الجميع بالتصدى لهذا الإفساد من جهة، ودعوة الكل للالتزام بالمنهج الإسلامى الحنيف والتمسك بقيمه ومثله ومعاييره وأخلاقياته وقواعده وفضائله، فالإسلام يبنى المجتمع الصالح ويكون المواطن المؤمن صاحب الضمير الحى والواعى، فالإسلام مدرسة جامعة فى الطهر والطهارة والعفة والصدق والأمانة، ودعوة للإصلاح والبناء والتشييد وهو يدعو الناس للسلوك القويم والبعد عن كل مظاهر الفساد خاصة هذا الذى يستبيح الدماء ولا يراعى سلامة الأوطان.

إن الخطاب الدينى اليوم مطالب بأن يسير جنبًا إلى جنب مع مؤسسات الدولة التى هى فى مواجهة حقيقية ضد الفساد والإرهاب والتطرف، عليه أن يخوض معركة ضد مفاهيم هؤلاء المفسدون ويتصدى لها، يبين عوار آرائها وهشاشة حججهم وضعفها، ويغرس فى نفس المسلم سماحة الإسلام، وحرصه على صيانة الإنسان والأوطان.











مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

سامي عثمان

لابد من المواجهة بمنتهي الشجاعة الأدبية .

عدد الردود 0

بواسطة:

عماد محمد

فتوي وكيل الاوقاف

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة