إبراهيم داود

الألفة الهاربة

الأربعاء، 08 يناير 2014 06:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عطر إبراهيم أصلان فى المكان، رغم مرور عامين على رحيله، صوته القريب وابتسامته وشعره وشاربه وملابسه الكاجوال وأناقته الروحية، حولوه إلى أيقونة معلقة فى مكان خاص فى قلوب محبيه، لم يكن بالنسبة لى الكاتب الكبير ولا الأستاذ فقط، ولكنه الصديق الذى يرتج جسده كله عندما يضحك، الضحكة القديمة، التى تدفعه لهزك قبل أن يضغط على يديك بكل قوته، الرجل الذى عالج اللغة من الأورام، لكى تتربع البداهة المصرية على عرش الحكايات.
كان صاحب مالك الحزين يعتبر الكتابة هواية، والحياة مصدر المعرفة الأول والسياسة عمل أدنى من عمل المبدع، كان يكتب بما يعرفه، لا ما يعرفه، وينتمى إلى القنوات الأرضية التى يشاهدها أناس غير مهتمين بالقضايا الكبرى، قصصه رفضت مقولة «إنسان الطبقة الوسطى يمثل البشرية» اقترب من المهمشين، من المياه الجوفية فى الوجدان المصرى دون أن يرفع لافتة الرسالة الاجتماعية، كان له حضور مدهش وسط الشباب، لأنه يستأنف حوارا ما وهو يتعرف على أحدهم، ترجمت أعماله إلى معظم اللغات، ويأتيك بكتاب له بالهولندية ويقول: ما جدوى أن يعرفك الهولنديون ولا أحد يعرفك فى بولاق الدكرور؟ هو موزع التلغرافات فى هيئة البريد وهو شاب وأستاذ صياغتها، صائد الأسماك المشغول بكرة القدم والملاكمة وآخر تطورات التكنولوجيا، صاحب بحيرة المساء، ووردية ليل، ويوسف والرداء، وغرفتان وصالة، وخلوة الغلبان، وحارس حكايات شارع فضل الله عثمان، الذى عاش يبحث عن الألفة الهاربة.
صديقى الكبير الذى التقيته وأنا فى أول العمر وسافرت كثيرا معه، واقتربت من الشعر الذى يجلس خلف حكاياته، هو رجل الوقائع الصغيرة الذى اشترى منذ سنوات بعيدة كرسيا هزازا، كان كبيرا على شقة إمبابة، ولم يستغل فى شقة المقطم الأولى، وعندما استأجر شقته الأخيرة (الإيجار الجديد) الواسعة، وجد مكانا له، وبمجرد جلوسه عليه.. توكل على الله.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة