ناصر عراق

يناير هلّ.. فانطلق شتّامو ثورته!

الأربعاء، 01 يناير 2014 06:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هلّ علينا يناير، فراح بعض الكتاب والصحفيين يلعنون ثورة الشعب فى 2011 ويصفونها بأنها نكبة ومؤامرة وأكذوبة، وبعضهم تجرأ وأخذ يمتدح مبارك ونظامه وسنواته الثلاثين، باعتبارها أعوام أمان ورخاء وحرية! مؤكدين أن الثورة الحقيقية هى التى اندلعت فى 30 يونيو الفائت، وأن يناير ما كانت سوى (هوجة) فى أفضل الأحوال رتب لها مجموعة من الخونة والعملاء بالتعاون مع الإخوان!

بدون الدخول فى تفصيلات معقدة علينا الاتفاق أولا على تعريف (الثورة) فى العلوم السياسية والاجتماعية حتى نفهم ما حدث فى 25 يناير 2011 وما تلاهها من وقائع وأحداث، فباختصار شديد، الثورة تعنى أن يطيح شعب بنظام سياسى من أجل بناء نظام سياسى جديد أكثر عصرية ومرونة، هذا على الجانب السياسى، أما على الجانب الاجتماعى والاقتصادى، فإن الثورة تعنى إعادة توزيع ثروة البلد بأسلوب أكثر عدلاً، حتى لا تظل حفنة قليلة تملك الملايين، بينما الغالبية العظمى تكابد المر والحنظل، وأعتقد أن ثورة يناير حققت إنجازاً مدهشاً على الجانب السياسى (إطاحة ديكتاتور/ دستور عصرى/ حرية غير مسبوقة إعلاميًا.. إلخ)، لكنها أخفقت فى تحقيق الجوانب الاقتصادية والاجتماعية حتى الآن برغم مرور ثلاث سنوات على اندلاعها!
تبقى الثورة النفسية التى يتجاهلها شتامو ثورة يناير ولاعنوها، هذه الثورة النفسية تعنى أن الشعب قد تحرر من الخوف والرعب والجُبن، واستعاد جسارته فى مواجهة طغيان نظام وجبروت حكومة، فخرج بالملايين مطالبًا بنيل حقوقه، وهى أهم مكاسب ثورة يناير المغدورة!

أجل.. فقد تم الغدر بثورة يناير وسطا عليها الإخوان بتحالف مشبوه مع الأمريكان والمجلس العسكرى وبعض الانتهازيين، لأن الذين ثاروا لم يصلوا للسلطة، ولأننا لم نكن نعى شيئاً عن علم الثورات وكيفية تنظيم أنفسنا فى أحزاب سياسية ذات أهداف وبرامج محددة، ولأننا، وبصراحة موجعة، كنا إلى السذاجة السياسية أقرب، وكان بعض الشباب يفخر بأن الثورة ليس لها قائد!

الذين يمتدحون مبارك ويذرفون الدموع على زمنه الأسود الآن يتجاهلون أن عصره شهد من الكوارث ما لا يعد ولا يحصى، فقد دمّر نظام مبارك أفضل خصال المصريين، وقضى على فضيلة إتقان العمل وتجويده وفتح الباب واسعًا للفهلوة والنصب والاحتيال، وحطّم الحياة السياسية وجرّفها، وأهمل تمامًا تطوير العاصمة والأقاليم، وجعل أكثر من 40 مليون مصرى يعيشون تحت خط الفقر، وقضى على التعليم فخرج ملايين من المتعلمين الجهلة، وترك لنا أكثر من 12 مليون يصارعون مرض الكبد، ونحو 9 ملايين عاطل يصادقون البطالة، ناهيك عن أن مبارك وزبانيته أذاقوا المصريين الذل والهوان، فتجبر حبيب العادلى وبعض رجاله فى جهاز أمن الدولة فكان التعذيب منهج حكم ووزارة، وصارت أقسام الشرطة فى عهده المر سلخانات لامتهان كرامة المواطنين وتعذيبهم.

كل هذا فى ناحية بينما مبارك وأسرته وحاشيته يكنزون الذهب والفضة وينهبون المليارات والملايين فى ناحية أخرى، وأكبر دليل على ذلك ثورة 25 يناير نفسها، إذ كيف تفسر خروج 21 مليون مصريًا يطالبون بإسقاط النظام؟ بعد أن ظل مبارك ملتصقاً بالكرسى رافضًا الذهاب وقد ألقى علينا ثلاثة خطابات بائسة فى 18 يومًا محاولاً الاستمرار فى السلطة، لكن الناس كانت قد كرهته هو ورجاله ونظامه.. هل تذكر كل ما قلته آنفاً أم أن حركة التاريخ السريعة جدًا قد أنستنا الحقائق؟ لو قلت لى إن ثورة يناير خدعة أو أكذوبة، فلن تستقيم الصورة ولن ينضبط مشهد الملايين الثائرين فى 11 فبراير 2011، والموالين لإزاحة الديكتاتور!

أذكر أننى كتبت فى هذا المكان فى يوم 5 نوفمبر 2011 أى بعد ثورة يناير بأقل من 11 شهرًا مقالاً عنوانه (الثورة المغدورة) ولا بأس من أن أقتبس منه هذه الفقرة فقد تساعد فى توضيح الصورة (لا مناص من الاعتراف بأن ثورتنا المصرية المجيدة قد تم الغدر بها، فقتلت فى المهد قبل أن تشد أزرها، وتتزين بقوة الصبا والشباب لا أحد يعرف بطبيعة الحال بأى ذنب قتلت سوى الذين آل إليهم حكم مصر بعد طرد مبارك من عرين الرئاسة)!

تبقى ثورة 30 يونيو 2013 العظيمة، وكيف يمكن أن نفهمها، وتلك قصة أخرى سأعود إليها قريبًا.
ملحوظتان مهمتان:
• لم يذكر لنا التاريخ أن هناك شعبًا ما حقق طموحاته فى الحرية والعدل من أول ثورة، بل عليه أن يتعلم ويدفع الثمن باهظاً حتى تنجز موجاته الثورية المتلاحقة أحلامه وآماله، وتأتى أكلها.
• أعرف أن رجال مبارك فى الصحافة والإعلام يعودون الآن بقوة.. فقط أطالبهم بقليل من الحياء، لأن الشعوب لا تنسى!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

احييك على هذا المقال الرائع فى عنوانه ومضمونه لن نخذل ثورتنا وليذهب الفاسدون الى الجحيم

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

ثورة يناير ثوره سلميه اهدافها مشروعه وعادله وكل من يحيد عن اهدافها هو فاسد وخائن للوطن

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

لقد حزنت لهؤلاء الكتاب الشباب الذين قامت الثوره من اجل كرامتهم بينما هم لعنوها واهانوها

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

كل الاحترام للفريق السيسى وايضا كل الاحترام لمدنية الدوله

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

4

4

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة