نبيل شرف الدين

الجيش.. «رمانة الميزان» لحوار وطنى

السبت، 02 فبراير 2013 09:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لو كنت - لا قدر الله - مكان الرئيس مرسى لخرجت على الناس فى ميدان التحرير، وليس أمام جمهور مصطنع كالذى رتبته عشيرته أمام قصر الاتحادية من قبل، وتحدثت بصدر مفتوح، كما فعل هو إبان حملته الانتخابية، طالبا من الناس أنه يضع نفسه تحت تصرف الشعب، مستعدا لطرح اختبار الثقة فى بقائه أو رحيله، لأن المنصب يفترض ألا يعنيه بقدر ما تهمه مصالح مصر وشعبها، لكنه ليس جمال عبدالناصر بما كان يتمتع به من كاريزما، وما كان يحمله من مشروع سياسى، بغض النظر عن تقييم هذا المشروع.
لكن مرسى لن يفعل لأسباب كثيرة أبسطها أن قراره ليس فى جيبه ويعانى فقرا فى الخيال السياسى والإبداع فى التواصل مع الناس، وهذا ما أكدته صحيفة بريطانية رصينة «ليست من إعلام الفلول» هى «الفاينانشيال تايمز»، التى أكدت فى تقرير لها أن النظام الحاكم فى مصر الآن لا يمثل إلا 5% من الشعب، وأنه يتجاهل التحولات الكبرى فى المجتمع المصرى، على غرار ما اقترفه نظام مبارك، واعتبرت الصحيفة أن العنف المتفشى فى شتى ربوع مصر ليس إلا رد فعل على محاولة الإخوان المسلمين التكويش على كل مفاصل السلطة فى البلاد، فضلا على الانهيار المتواصل للجنيه المصرى وارتفاع أسعار السلع والخدمات والانفلات الأمنى، وانسداد الأفق السياسى بعد انقسام المجتمع إلى «مؤيدين حركيين» لمشروع الإخوان، ومعارضين تتسع دائرتهم.
وبينما يتظاهر الشباب فى القاهرة ومدن القناة ومعظم المحافظات، يجدد مرسى وبطانته الدعوة لما يسمى بـ«الحوار المجتمعى»، وفى مصر حين يتندر البسطاء على شخص يتحدث ولا ينجز، يصفونه بأنه «بتاع حوارات» بمعنى أنه يلتف على الأزمة، ولا يعترف بها ويواجهها بشجاعة، فيدعو بضع شخصيات لا وزن لها فى الشارع، تذكرنى بتلك الوجوه التى كان يستخدمها صفوت الشريف فيما عرف حينذاك بالمعارضة الكارتونية.
قبل التعديل الوزارى الأخير حاول الجيش المصرى التصدى للأزمة التى تعصف بالساحة السياسية، فدعا الفرقاء إلى الحوار، خلال اجتماع بين وزيرى الدفاع السيسى والداخلية السابق، لكن سرعان ما تدخلت الرئاسة وبادرت لنفيها فما كان من الوزير سوى التراجع مع أن معظم القوى المدنية استجابت لدعوته، ولعل ذلك كان سبب إلغائها، فكيف يدعو الرئيس للحوار ويرفض، بينما تتم الاستجابة لدعوة وزير الدفاع؟!
أحسب أننى لست متحاملا على الرئيس وعشيرته حين أقول إن مشروعهم الوحيد هو «البقاء والأخونة»، لكن مبارك لم يمت ولا أفهم لماذا لم نتعظ من نهايته المخزية، وأشير إلى أن المقارنة بين مرسى ومبارك حاضرة فى أذهان المصريين، يعبرون عنها فى كل محفل، من المقهى لشاشات الفضائيات، ومن المنازل إلى ساحات التظاهر، حتى تندر أحدهم قائلا: بعد أن عانينا من مشروع النهضة فإننا نأسف على عهد الفساد والاستبداد.
قصارى القول إن الجيش الآن هو «رمانة الميزان» وهذا لا يعنى العودة إلى حكم العسكر، بل أقصد بلغة واضحة أن من أولى مهام قواتنا المسلحة التى نحترمها جميعا، الحفاظ على السلام الاجتماعى الذى صار فى مهب العاصفة بعد أن تبجحت الميليشيات فى الساحة من «Black Block» إلى «White Block» مرورا بـ«حازمون» وغيرهم، والمهمة التى أتصورها أصبحت ملحة للجيش أن يتصدى لإدارة ملف الحوار بين شتى القوى، بعيدا عن تدخل الرئاسة لأنها طرف فى الأزمة، وأثبتت عجزها عن احتوائها. ولتكن المكاشفة عنوانا لبداية السعى لحل حقيقى، يجنب البلاد شر الانزلاق للفوضى والحرب الأهلية، حفظ الله مصر وشعبها.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة