ناصر عراق

نحتفل بالجسارة.. أم نحتفل بالثورة؟

الأربعاء، 25 يناير 2012 09:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع مرور عام كامل بالتمام والكمال على اندلاع ثورتنا المجيدة.. علينا أن نتساءل بصراحة: هل اكتملت الثورة لنحتفل بنجاحها؟ أم نحتفل فقط بازدهار ورود الجسارة فى صدور المصريين، وخاصة الشباب؟ هل أنجزت الثورة طموحات الناس الذين خرجوا بالملايين يطالبون برحيل الديكتاتور، وبناء حياة اجتماعية أكثر عدلاً وإنصافاً وجمالاً؟ أم أن الذين خطفوا الثورة انحرفوا بها عن تحقيق أحلام الفقراء والبسطاء فى هذا البلد الأمين؟

أجل.. ينبغى أن نحتفل بأهم ما حققناه فى العام الماضى، وهو نزع ثياب الخوف من فوق أرواحنا. والخروج بالملايين لمواجهة أجهزة بطش غليظة وعمياء. أجل... نحتفل بقدرة شبابنا المذهلة على التصدى لجبروت نظام فظ وخشن وسيئ السمعة أمنياً.

أجل.. نحتفل بمهارات الشباب فى التعامل مع التكنولوجيا الحديثة لدعوة ملايين المصريين، للخروج على قلب رجل واحد من أجل طرد صاحب السلطة المطلقة من عرين الرئاسة.

نعم.. سيظل يوم 25 يناير يوماً للجرأة والجسارة والبذل، يوماً لإبداعات الشباب وتفانيهم وإخلاصهم، يوماً يفضح غباء نظام سياسى استبد وتوحش واعتراه الغرور الثقيل، لكن الجسارة شىء، والثورة شىء آخر، وسأشرح ذلك تواً.

للأسف لم تكتمل ثورتنا وتحقق ما كنا نصبو إليه، لذا لا يليق أن نحتفل بشىء ناقص ومرتبك. فالثورة، وبأبسط التعبيرات، تعنى هدم نظام سياسى واجتماعى قديم يخاصم العصر ويقهر الملايين، من أجل بناء نظام سياسى جديد ينحاز للبسطاء من العمال والفلاحين والموظفين الصغار والمهمشين إلى آخره. صحيح أن عملية الهدم والبناء تستغرق وقتاً حتى تلوح معالمها، إلا أن الثوار الذين يستلمون السلطة يشرعون على الفور فى تنفيذ أفكارهم ورؤاهم الطامحة إلى تشييد مجتمع أكثر عدلاً وحرية وجمالاً، وهو ما لم يحدث عندنا للأسف الشديد.

لماذا؟
لأن الثوار عندنا، والشعب معهم، لم يستلموا السلطة فى 11 فبراير المنصرم، وكل ما حدث باختصار هو أن الجناح العسكرى للطبقة الرأسمالية التابعة للقوى الغربية والتى تحكمنا منذ عقود طويلة قرر الإطاحة بمبارك وابنه وعصابته من الوزراء ورؤسائهم تحت ضغط الملايين فى الشارع، حتى يقطع، هذا الجناح الخشن من الطبقة، الطريق أمام الشعب والوصول إلى السلطة السياسية. لقد بادر العسكر واستغنوا عن مبارك من أجل أن تستعيد هذه الطبقة المشبوهة عافيتها وتحافظ على مصالحها الكبيرة والضخمة حتى لو اضطرت أن تضحى برأسها المهيمن.

لم يجد الجنرالات عندنا، وهم جزء أصيل من الطبقة إياها، سوى أن يزيحوا كبيرهم (مبارك) حين أذهلهم وجود الملايين فى الميادين والشوارع وهى تحتشد بإصرار نبيل على خلع الرأس الفاسدة. وقد نجح العسكر فى انقلابهم على مبارك وإبعاد الثوار عن السلطة، لأننا للأسف لم نكن نمتلك برنامجاً سياسياً محدداً ولا حزباً سياسياً محنكاً ولا قيادة جماهيرية وتنظيمية آسرة يلتف حولها الجموع. ولو تأملت طريقة المجلس العسكرى فى إدارة شئون البلد طوال عام بأكمله لاكتشفت بيسر إنه يسير على خطى مبارك، وإنْ بإيقاع مختلف حسب حجم احتجاجات الثوار، وامتعاض الملايين.

لاحظ من فضلك أن المجلس العسكرى رفض بعناد الإنصات إلى العديد من الاقتراحات التى قدمها سياسيون وكتاب شرفاء لعبور الفترة الانتقالية بأقل تكلفة سياسية واجتماعية وفى أقصر وقت ممكن، وأصر أن يقود البلاد فى متاهات متعمدة حتى ينهك الثوار ويشوه نضالهم، ويزرع فى نفوس الناس بذرة الكفر بالثورة، وها هم أعضاء مجلس الشعب الجديد يقسمون أمس على الحفاظ على الدستور غير المكتوب أصلاً، فى إشارة دالة على تخبط وخبث من يديرون البلد!

من فضلك... لا تقل لي: هيا نحتفل بمرور عام على نجاح الثورة، بل قل لى: تعالَ نحتفل بالجسارة فحسب، وهى فضيلة نبيلة تستحق الحفاوة بها على الرغم من كل شىء!
وكل 25 يناير وأنت طيب.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

جمال عبد الناصر

الجساره سلاح

عدد الردود 0

بواسطة:

فهد سيناء

انتصار الاسلاميين

عدد الردود 0

بواسطة:

حاتم عبد الخالق

أنا لم ارى فى جسارتك أنت ياعراق

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة