أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد شومان

قضايا ثورية مغلوطة

الأحد، 12 يونيو 2011 04:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على كثرة ما يكتب عن ثورة 25 يناير فإن هناك قدرا من الخلط والتشويش على بعض المفاهيم والقضايا، وأظن أن أغلبها يعبر عن نوايا حسنة ومحاولات وطنية جادة للدفاع عن الثورة ودعمها، وأحيانا أشعر بأن هناك من يتعمد خلط الأوراق، وطرح قضايا تصب فى مصلحة الثورة المضادة، وليسمح لى القارئ أن أشاركه التفكير فى عدد من تلك القضايا والمفاهيم من زوايا تختلف عما هو سائد ومتداول عن ثورتنا المجيدة.
القضية الأولى تتعلق بالدعوة للانتقال من الشرعية الثورية للشرعية القانونية والدستورية، وهى قضية فاسدة بكل المعايير وتتطلب مراجعة حاسمة، فالثورة لم تصل إلى محطتها الأخيرة، ولا يمكن القفز على الأحداث ومنطق التاريخ بالدعوة إلى التحول من منطق الثورة إلى شرعية الدولة والقانون، لأنه ببساطة ثورة 25 يناير لم تستخدم شرعية الثورة إلا على نطاق محدود للغاية يتعلق بالضغط الجماهيرى السلمى لإسقاط مبارك ووزارته وجهاز مباحث أمن الدولة. صحيح أنها بذلك أسست شرعية ثورية غير مسبوقة فى تاريخ مصر، لكنها لم تستخدم هذه الشرعية فى إسقاط هياكل نظام مبارك أو إحداث تغييرات جوهرية فى جهاز الدولة.
ويمكن القول إن معظم التغييرات التى جاءت بها ثورة 25 يناير، وفى ذلك محاكمة رموز النظام القديم وحل الحزب الوطنى قد جرت فى إطار القانون الطبيعى ومن خلال إجراءات التقاضى العادى وبدون اللجوء لمحاكمات استثنائية، إذن لا مجال للحديث عن ضرورات التحول من الشرعية الثورية للشرعية القانونية والدستورية، وإذا كانت ثورات العالم (الفرنسية – الروسية – ثورة 23 يوليو – الإيرانية) قد سلكت هذا الطريق فإن ثورتنا ليس مطلوب منها السير فى نفس الطريق، فلكل ثورة تجربتها المميزة وطريقها الخاص، أيضا إذا كانت ثورة 25 يناير قد أسقطت دستور 1971 الذى تجاوزته الأحداث وأفسده ترزية القوانين بتعديلات غير منطقية فإن الثورة لم تسقط منظومة القانون والقضاء المصرى، كما أن المجلس العسكرى أصدر إعلانا دستوريا يتضمن كثيرا من القواعد والأسس التى يقوم عليها الدستور، علاوة على أن الإعلان الدستورى تضمن التعديلات الدستورية التى وافق عليها الشعب المصرى فى استفتاء مارس الماضى.
أما القضية الثانية الفاسدة فتعتمد على مقدمات وطنية ومنطقية، وتنتهى إلى نتائج مغلوطة، فالمقدمات تتعلق بضرورة التمييز عن حق بين نظام مبارك والدولة المصرية، لكن الخلط يأتى من النتيجة المترتبة على ذلك، وهى عدم المساس بجهاز الدولة، الذى يحافظ على وحدة الوطن وأمنه، مما يعنى تصوير مؤسسات الدولة ككيان إلهى أو أسطورى يتجاوز قدرات ورغبات المواطنين، وهذا غير صحيح، فالمواطنون الأحرار هم الذين يصنعون الدولة، ويجب أن تعمل فى خدمة المواطنين بأكبر قدر من الحيادية والشفافية وبدون تمييز بينهم على أساس الأصل أو الدين، وبالتالى من الضرورى أن نعترف أولا أن الدولة المصرية كمنجز وطنى وتاريخى لكل المصريين قد ضرب الضعف والفساد كثير من مؤسساتها، وثانيا أن الدولة اكتسبت طابعا شخصيا لصالح مبارك وأسرته والنخبة الضيقة المحيطة بهم، وبشكل عام حدث نوع من التداخل غير المقنن بين نظام مبارك والدولة المصرية، هذا التداخل يستدعى الفصل والتمييز بين ضرورات هدم نظام مبارك والحفاظ على الدولة المصرية، وفى الوقت نفسه تطهير جهاز الدولة واستعادته للعمل لصالح القانون ولخدمة كل المصريين على قدم المساواة.
القضية الثالثة تختزل للأسف أهداف ثورة 25 يناير فى إحداث التحول الديمقراطى على غرار ما حدث فى دول شرق أوروبا وإندونيسيا وتهمل عن عمد وربما عن عدم دراية الربط بين عملية التحول الديمقراطى وتأكيد الاستقلال الوطنى والهوية الوطنية وتحقيق العدل الاجتماعى، وهى مطالب الشعب فى ثورة 25 يناير، والأهم أنها مطالب مشروعة وتؤمن البنية التحتية السليمة للممارسة الديمقراطية، فمن غير المتوقع نجاح الممارسة الديمقراطية فى ظل وجود 40 % من المصريين تحت خط الفقر، وليس من المقبول أن نقلد تجارب دول شرق أوروبا فى التحول الديمقراطى الذى اقترن بالفساد والتفاوت الطبقى والتبعية للولايات المتحدة، ثورة مصر التى صارت أيقونة ونموذجا يجب أن تخلق نموذجها المستقل والمتفرد والذى يعكس دوائر الانتماء العربى والإسلامى والأفريقى لمصر، ويمكن أن تستفيد ثورتنا من التجربة التركية فى التنمية والديمقراطية، ومن تجربة التحول الديمقراطى فى إندونيسيا ذات الأغلبية المسلمة، ومن تجارب دول شرق أوروبا، وبنفس الدرجة لابد أن نتعلم من تجارب شيلى والبرازيل وبوليفيا ونيكارجوا فى العدالة الاجتماعية والتحول الديمقراطى والاستقلال الوطنى، فالديمقراطية ليست هدفا وإنما هى آلية لضمان حكم الشعب وتداول السلطة وتحقيق العدل ومحاربة الفساد والتمييز.
أما القضية الأخيرة فتتعلق بالخلط بين السياسى والتكنوقراطى فى تكوين النخبة السياسية للثورة، وأقصد بهم الوجوه الوطنية التى تتصدر المشهد السياسى والإعلامى وجلسات الحوار الوطنى وتقدم المشورة للمجلس العسكرى، فأغلب أفراد هذه النخبة أساتذة متميزون فى تخصصاتهم – بعضهم فى العلوم السياسية والقانون - لكن ليس لديهم خبرة سياسية كافية، تمكنهم من تأسيس أحزاب جديدة أو الاشتراك الفعال فى حوارات سياسية تبدو أحيانا بلا جدول أعمال أو أهداف محددة، الأمر الذى يعنى أن استبعاد السياسى لصالح التكنوقراطى – أساتذة الجامعات والخبراء – ما تزال تسيطر على تكوين نخبة الثورة، إضافة إلى ضعف مشاركة الشباب، وهى للأسف من بين سمات نظام مبارك!!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

سحر

يا سيدى اسمعنى

عدد الردود 0

بواسطة:

mahmoud al said

عندك حق يا د شومان

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد المصرى

نروح طره

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة