ناصر عراق

هل عندك استعداد لتغيير بعض أفكارك؟

الخميس، 05 مايو 2011 04:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا كنت من المؤمنين بالثورة المصرية المجيدة مثلى، وإذا كنت من المفتونين بهذا الشعب العظيم، فيجب عليك أن تعيد النظر قليلاً فى بعض الأفكار التى اعتنقتها قبل اندلاع قناديل هذه الثورة، حتى لو كانت هذه الأفكار قد استقرت وترسخت فى عقلك سنين طويلة.

لماذا؟
لأنه من المعروف أن معظم الأفكار التى نكتسبها فى مشوار حياتنا، مرتبطة بصورة أو أخرى بالظروف السياسية والاجتماعية المحيطة بنا. فإذا كان المجتمع الذى نعيش فيه حراً وعادلاً وعفياً وجميلاً، تولدت الأفكار الصائبة التى تسعى إلى اكتساب المزيد من الحرية والعدل والابتكار. أما إذا كان المجتمع يعانى من قهر السلطة واستبداد النظام السياسي، علاوة على انتشار الفقر والفساد والقبح، فإن أفكار المرء ستتأثر بهذا المناخ المجتمعى البائس. الأمر الذى يؤدى فى النهاية إلى شيوع الآراء المتشددة، والأفكار السطحية، واللغة القاسية والعصبية فى مواجهة الآخرين ممن يختلفون معنا فى الرأى.

لاحظ من فضلك أن ديكتاتورية النظام تدفع الإنسان إلى هجر النشاط السياسى، والكفر بالوطن، حيث لا يجد سبيلاً لمواجهة ضغوط الحياة وقسوة الظروف سوى الانعزال عن العمل العام مكتفياً بالاحتماء بالقبيلة أو العشيرة أو الإفراط فى التدين الشكلى! ومن حسن الحظ أننا فى مصر قد تجاوزنا منذ عقود طويلة ثقافة القبيلة، خاصة فى العاصمة والمدن الكبرى من الجمهورية.

من مساوئ النظم الديكتاتورية أيضاً أنها تزرع فى نفوس الشعب بذرة الديكتاتورية الفاسدة دون أن تعلم ذلك، بمعنى أن الإنسان الذى ينشأ فى ظل أجواء قمعية تمنع هذا وتحرم ذاك وتعتقل فلاناً وتعذّب علاناً، يتأثر، من دون أن يدرى، بهذه الأجواء، فتجده متشدداً أيضاً فى معتقداته فيرفض هذه الفكرة،ويعادى تلك الآراء.

ولك أن تنظر قليلاً إلى ما قبل ثورة 25 يناير لتتذكر كيف كان المجتمع المصرى يغرق فى مناقشات عقيمة وصراعات عنيفة تحتشد بألفاظ بذيئة عند مناقشة آراء من نوع (إرضاع الكبير)، أو (دخول الحمام بالرجل اليمنى)، إلى آخر هذه الآراء التى تفضح هزال فكرنا من ناحية، واستبدادنا فى النقاش مع الآخرين من ناحية أخرى. كل ذلك يحدث فى الوقت الذى كان البسطاء فيه يموتون بحثاً عن رغيف الخبز أو أنابيب الجاز، بينما كان الرئيس السابق وزبانيته ينهبون البلد ويعتقلون الناس ويعذبونهم، ويزورون الانتخابات!

لعل من أبرز مظاهر التشدد الفكرى فى المجتمع التى كانت انعكاساً لديكتاتورية النظام الساقط وبطشه تمثلت فى تحقير المرأة والدعوة إلى حبسها داخل المنزل، وتحريم الفنون الجميلة والجادة ومصادرة الكتب ومعاداة أشقائنا المسيحيين. وما أكثر ما خرج علينا نفر من الناس يطلبون حرق هذا الكتاب أو محاكمة ذلك الكاتب، فضلاً عن مهاجمة الكنائس وإحراق بيوت أخوتنا فى الوطن! وإذا قلت كلاماً لا يوافق هواهم انهالوا عليك بالسباب وكالوا لك الشتائم بأقذع الألفاظ!

نعم... لقد أنجزنا نحن المصريين ثورة عظيمة كنا فيها على قلب رجل واحد من أجل إسقاط نظام جاهل ومتغطرس واستبدادى، لكن بعد أن حققنا المراد، أطل غراب التشدد الفكرى برأسه مرة أخرى، ورأينا الناس تنشغل عن بناء الدولة الجديدة التى نحلم بتأسيسها، بالكلام، على سبيل المثال، عن السيدة كاميليا شحاتة وعقيدتها. علماً بأن إسلامها لن يزيد الإسلام شيئاً ولن ينقص من الدين المسيحى شيئاً أيضاً، والعكس صحيح. ولكن ماذا تقول فى البعض منا الذين نسوا أننا نريد أن نحافظ على الثورة ونقائها من المتربصين بها فى الداخل والخارج، وشغلوا الناس بقضية لا تقدم ولا تؤخر، فضلاً عن أن من حق الدولة المصرية وقوانينها فقط أن تحسم أمر كاميليا وأخواتها.

باختصار.. مثلما نجحنا بجهد كبير وعزيمة من حديد فى إسقاط وإزاحة حسنى مبارك والذين معه، علينا أن نتحلى بالجسارة الواجبة لنزيح ونسقط الأفكار المتشددة التى انغرزت فى رؤوسنا وترعرعت كرد فعل بائس على ديكتاتورية النظام السابق وتشدده وبطشه، فهل أنت قادر على تغيير بعض هذه الأفكار، والتحلى بذهن منفتح وعقل متسامح يقبل الرأى الآخر بروح مرنة وأعصاب هادئة؟

من جهتى سأحاول بجدية، ولكن رجاءً حاول أنت أيضاً!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة