رمضان العباسى

المحاكمة العلنية حماية للثورة

الأحد، 17 أبريل 2011 08:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد نجاح ثورة 25 يناير فى إظهار الوجه المشرق للمصريين وإعادة بعضاً من البريق المفقود للشخصية المصرية، التى سلب النظام السابق منها كل ماهو جميل وغرس فيها الكثير من السلبيات التى ساهمت فى انهيار منظومة الأخلاق والقيم، استطاعت الثورة أن تحقق النجاح فى العديد من الاختبارات التى مرت بها منذ إنطلاقها فى الخامس والعشرين من يناير وحتى الآن، كان الإختبار الأول فى التأكيد على أنها ثورة إصلاح وبناء وليست هدم وتخريب، فقد لعب شباب الثورة دوراً هاماً فى حماية مقدرات الوطن وأرواح المواطنين عندما أختفى الأمن، كما أثبتت الثورة أنها نابعة من إرادة مصرية وبأيدى المصريين وليست بمساعدة ودعم وتخطيط من دول خارجية، بل أن دول العالم تفاجأت بالثورة المصرية وأشادت بعظمتها، كذلك كانت الثورة بيضاء وبالرغم من سقوط المئات من الشهداء إلا أن المقارنة مع دول العالم الأخرى التى تحدث فيها مثل هذه الثورات يؤكد أن ثورة مصر كانت بيضاء بإمتياز وخاصة أنها ليست نتيجة إنقلاب عسكرى.

لم تؤد الثورة إلى انهيار الدولة والتدخل الأجنبى وتحالف دول العالم لضرب القدرات العسكرية المصرية وتسليح الثوار كما يحدث فى ليبيا وغيرها من الدول الأخرى، كما أثبتت الثورة أن إرادة الشعب يمكن أن تتحقق مهما كانت قوة الأنظمة الطاغية وجبروت السلطة الفاسدة.

بعد كل هذه النجاحات جاء اختبار هام للثورة وجيش وشعب مصر هو المحاكمة العلانية والعادلة لرجال النظام السابق فى مقدمتهم الرئيس السابق محمد حسنى مبارك وأنجاله.

فقد أصبحت المحاكمة العلنية ونقلها على الهواء مباشرة ضرورة لابد منها، حتى يدرك الجميع أن المحكمة تتم بطريقة عادلة وليست إنتقامية وأن المصريين يقدمون نموذج فريد من نوعه للعالم من خلال ثورتهم البيضاء ومحاكمة رموز النظام السابق بشكل حضارى ومنظم وعلنى، ومن يثبت إدانته يحصل على العقوبة المستحقة وفقاً للقانون، ومن يثبت براءته يحصل على البراءة ويتمتع بكامل حقوقه وواجباته، بعيداً عن سياسة التشفى والانتقام.

إن المحاكمة العلانية ستقطع كل خيوط الشك تجاه بعض الأشخاص الذين يصرون على أن هناك تعاطف مع الرئيس السابق ونظامه وأن المحاكمة ستكون صورية، كما ستؤكد لأيتام النظام السابق أن المحاكمة تسير وفق القانون وليس وفق سياسة التشفى والانتقام.

إن حبس ومحاكمة الرئيس السابق ونظامه ليست بدعة جديدة ابتدعها المصريون فى العالم، فهناك الكثير من الرؤساء والملوك الذين تمت محاكمتهم وهم فى السلطة، وآخرون تمت محاكماتهم وهم خارجها، ولكن عظمة الثورة المصرية وجمالها واكتمال شكلها الحضارى يستوجب علينا علانية المحاكمة حتى تبقى الثورة المصرية نموذج حضارى متكامل، وليعلم بعض أيتام النظام السابق أن شعب مصر لن يفعل كما فعل العراقيون عندما قتل الأمير عبد الإله بن على فى 14 يوليو 1958مع العائلة المالكة وقد أوغل الغاضبون فى قتله فتم سحله فى شوارع بغداد وتقطيع جثته إلى أوصال وتعليقها فى الميادين العامة.

ولن يفعلوا كما فعل البعثيون مع عبد الكريم قاسم الذى تم وعده من قبل البعثيين بالعفو عنه وتسفيره للخارج ولكنهم لم يوفوا بوعدهم واقتدوه إلى دار الإذاعة العراقية وفى أحد استديوهات الإذاعة جرت محاكمة سريعة له وتم الحكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص ولم يكتفوا بذلك وإنما طلب المذيع فى تلفزيون العراق من المشاهدين إبعاد الأطفال عن شاشة التلفزيون لعرض مشاهد مرعبة كانت لعبد الكريم قاسم وهو مضرج فى دمائه.

إن ثورة 25 يناير المجيدة تؤكد عظمة مصر وحضارتها ورقى شعبها وأنه لن يلجأ إلى مثل هذه التصرفات التى تم ممارستها فى العديد من دول العالم.

فلن يفعل شعب مصر مثلما فعل الإنجليز مع الملك شارلز الأول الذى حكم عليه فى يناير 1649بقطع عنقه بعد محاكمة لم تستغرق سوى 11 يوماً فقط، بعد أن قام أوليفر كرمويل بثورة برلمانية ضد الملك. ولن يفعلوا كما فعل الفرنسيون مع لويس السادس عشر أخر ملوك فرنسا الذى تم أعدمه وزوجته مارى انطوانيت عام 1793، أو ما فعله الفرنسيون أيضاً مع الملك فيليب بيتان الذى حكم عليه بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى ولكن الحكم خفف للمؤبد حتى مات الملك فليب فى سجنه عام 1951 .

ولن تكون محاكمة النظام السابق على غرار محاكمة بيرو لرئيسها السابق ألبرتو فوجيمورى عام 2007 بتهمة انتهاكه لحقوق الإنسان أثناء حملة حكومته ضد التمرد الذى قام به حزب الطريق المشع فى أوائل التسعينيات، وقد أنكر التهم الموجهة إليه لكن المحكمة حكمت عليه بالسجن 6 سنوات والغرامة المالية 92 ألف دولار، ولكن تبقى اتهامات ألبرتو قطرة فى بحر الفساد الذى فعله النظام المصرى السابق، لذا فأن علانية المحاكمة ضروة لحماية الثورة وتأكيد نجاحها، وإظهار الحقيقة فيما ارتكبه النظام السابق فى حق شعبه.

إذا كان الشباب نجحوا فى أن يرى الشعب والعالم النظام السابق وأنصاره مقرنين فى الإصفاد فإن عليهم أن يكملوا المسيرة حتى تبقى مصر قدوة ونموذج للعالم فى الثورات والمحاكمات.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة