ناصر عراق

كأس العالم.. وسموم الأفاعى!

السبت، 12 يونيو 2010 07:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"احتفظ بلقاح سموم الأفاعى فى غرفتك" هذا نص التحذير الذى تم وضعه فى كل فنادق جنوب أفريقيا للفت انتباه الفرق المشاركة فى تصفيات كأس العالم 2010 وجمهورها إلى الخطر المحدق الذى تمثله الزواحف هناك. ذلك أن بلد نلسون مانديلا العظيم يعد من أكثر بلدان أفريقيا التى تحتشد بالأفاعى السامة خاصة النوع الذى يقال له "المامبا"!
ليس هذا هو التحذير الوحيد الذى أطلقته الجهات المنظمة لكأس العالم فحسب، بل هناك عدة تحذيرات أخرى مهمة نظراً للتاريخ المشبوه لجنوب أفريقيا مع العنف والجريمة والتمييز العنصرى منها: "احمل من المال ما يمكن أن تعطيه للسارق "و" لا تمش وحدك "و" لا تتنزه ليلاً فى الحدائق المجاورة للفندق ".
هذه المخاطر الشديدة دفعت الدولة إلى تخصيص 41 ألف ضابط وجندى للمشاركة فى حفظ الأمن، الأمر الذى سيرفع تكلفة حماية الفرق والجمهور طوال شهر كامل إلى 174 مليون دولار.
حسناً.. إذا كانت جنوب أفريقيا مرتعاً للرعب هكذا كما تقول الأرقام وتشير التحذيرات، فلماذا تمت الموافقة على منحها شرف تنظيم كأس العالم؟ (افتح هذا القوس لأذكرك بأن مصرنا العزيزة نالت صفراً كبيراً عندما حاولت تنظيم هذه الدورة ).
ثم هل تستحق كرة القدم التوغل فى غابات أفريقية المليئة بالهواجس والمغامرات؟
نعم تستحق، لقد استحوذت هذه اللعبة الاستثنائية على ألباب مئات الملايين من البشر فى العقود الأخيرة، وهو أمر لم يحدث مع أى لعبة أخرى طوال التاريخ ! وكما قال أحد الكتاب الفرنسيين بحق: إن وجود منتخب وطنى لكرة القدم يعد الركن الرابع الآن فى مفهوم الدولة الوطنية الحديثة التى تنهض على:
1 - وجود مساحة محددة من الأرض
2 - بشر يقيمون فى هذه المساحة
3 - حكومة تدير شؤون هؤلاء البشر
اللافت للانتباه أن كرة القدم صارت ميداناً خصباً للاستثمارات الضخمة، فاللاعب يباع بالملايين والنوادى تشترى والإعلانات تتوالى والفضائيات تشفر وتبث، والمعلقون يتحمسون.. الخ. كل هذا يعنى أن رأسمالاً يتحرك ويجوب البلاد والدول المختلفة لينمو ويتمدد.. بالمناسبة هناك 208 دولة عضو فى الاتحاد الدولى لكرة القدم ( الفيفا )، علماً بأن الرقم لم يكن يتجاوز الخمسة عشر دولة عند تأسيس هذا التحاد عام 1904 !
حسناً.. لماذا كل هذا الهوس بكرة القدم ؟
فى ظنى أن هناك عدة أسباب مهمة تفسر الشغف الكبير بهذه اللعبة الاستثنائية التى توحد فى غرامها الفقراء والأغنياء، البلدان الفقيرة والبلدان الغنية، الشعوب المتخلفة والشعوب المتقدمة، الكل وقع فى هوى الساحرة المستديرة على رأى معلقنا الموهوب ميمى الشربينى.
أول هذه الأسباب هو أن هذه اللعبة تلبى شوق الإنسان الدائم إلى العدل، فالجمهور على يقين تام بأن المساواة المطلقة قائمة بين الفريقين أمامه بوضوح، فعدد اللاعبين واحد، والوقت محدد لهما بالتساوى، كما أن المخطئ سينال عقابه فوراً، والذى سيجتهد ويصيب سينعم بالفوز والحفاوة فى الحال ! أى أن إجراءات العدل ستقام فى التو واللحظة أمام البشر.
ثانى الأسباب التى تجعل الناس مفتونة بكرة القدم إلى هذا الحد تتمثل فى اعتقادى فى كونها تستثير غرائز قديمة كامنة فى الإنسان تعود إلى زمن الحروب بين القبائل، حيث كانت القبائل تحتشد بكامل طاقتها لمواجهة قبيلة أخرى، فتقرع الطبول وتستنفر الهمم وتستفز المشاعر، ولعل هذا يفسر الجنون الذى يعترى الجماهير حين يحقق فريقها نصراً ما، أو عندما يخفق وتكون الخسارة من نصيبه!
تبقى نقطة جوهرية وهى ميل الإنسان الدائم إلى البحث عن المتعة، وهو أمر ضرورى وحاسم فى هذه اللعبة، فالناس تطرب وتنتشى عندما ترى فريقها سريع الإيقاع، يمتلك لاعبوه مهارات باذخة تجعلهم قادرين على ترويض عناد الكرة وتمريرها بدقة حتى يحرز الفريق الهدف فى النهاية ليهلل الجمهور فرحاً بهذه القدرة على اللعب ببراعة وإتقان.
أعتقد أن لهذه الأسباب مجتمعة، ومن أجل عيون كرة القدم، تهون الأفاعى وسمومها!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة