ناصر عراق

هل كان البرادعى على حق؟

الثلاثاء، 07 ديسمبر 2010 07:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
القرار الذى اتخذه كل من حزب الوفد والحزب الناصرى وجماعة الإخوان المسلمين بالانسحاب من جولة الإعادة فى انتخابات مجلس الشعب احتجاجاً على البؤس الذى رافق الجولة الأولى التى جرت وقائعها المحزنة يوم الأحد 28 نوفمبر الماضى، هذا البؤس الذى تجلى فى تقفيل اللجان والبلطجة المستفزة والفوضى العارمة التى قادها الحزب الوطنى الحاكم بامتياز...أقول قرار الانسحاب هذا يطرح سؤالاً بالغ الأهمية هو: هل كان الدكتور محمد البرادعى رئيس الجمعية الوطنية للتغيير على حق حين دعا كل القوى السياسية فى مصر إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية ما لم تتوفر لها ضمانات النزاهة الواجبة؟

بلى.. يمكن القول باطمئنان إن الدكتور البرادعى كان يمتلك رؤية أكثر صواباً من تلك التى دفعت الأحزاب الرسمية إلى المشاركة فى فيلم الانتخابات المثير، إذ يبدو أنهم كانوا يطمحون فى أن يسند إليهم دور (كومبارس متكلم) تماشياً مع انتهازيتهم التاريخية، لكن جشع الحزب الحاكم- ضيق أفقه إذا شئت الدقة- حرمهم من الحصول على الدور المأمول، إذ اكتفى الحزب بمنحهم مجرد دور(كومبارس صامت)! الأمر الذى جعلهم يستشيطون غضباً، ويقررون الانصراف من جولة الإعادة.

إن فوز الحزب الوطنى بنسبة 95% من مقاعد مجلس الشعب التى تم حسمها فى الجولة الأولى (209 مقاعد للحزب، مقابل 11 مقعداً للآخرين) يؤكد أن هذا الحزب قرر السطو على مستقبل الحياة النيابية فى مصر وبكل الوسائل، ومن أجل هدف محدد يتمثل فى إضفاء الشرعية على الرئيس القادم سواء كان مبارك الأب أو الابن.

حسناً، بعد أن دفعت الأحزاب الرسمية وغير الرسمية ثمناً غالياً بسبب مشاركتها فى انتخابات مشبوهة، فهل يجدى الآن قرار انسحابها من جولة الإعادة؟ وهل يمكن أن يعيد هذا القرار المصداقية لأحزاب أخطأت خطأ قاتلاً عند قراءتها للأوضاع السياسية فى مصر، فلاقت ما استحقت من غطرسة وتعالٍ من قبل الحزب الحاكم؟

لا أعتقد أن انسحابها سيزلزل الأرض من تحت أقدام الحكومة وحزبها، ولا أظن أن النظام سيرتدع من جراء هذا الموقف (الثورى) الذى اتخذته الأحزاب بعد فوات الأوان، لكن المؤكد أن أحزاب الديكور هذه قد فقدت آخر ورقة توت يستر جسمها العارى، ويدارى أمراضها المزمنة.

المثير للشفقة أن ما فعله الحزب الوطنى باستيلائه على جميع مقاعد البرلمان إلا قليلاً، نافياً بذلك وجود أى معارضة فى مصر، قد ذكرنى بما فعله الرئيس العراقى السابق صدام حسين قبل انهيار حكمه بأعوام قليلة، عندما أجرى استفتاء على رئاسته، وكانت النتيجة المضحكة حصول صدام على نسبة 100% من أصوات الناخبين، وهو أمر لم يحدث قط لا فى الأرض ولا فى السماء، فالله سبحانه وتعالى لا يحصل على هذه النسبة، لأن هناك العديد من الكفار والملحدين هنا وهناك، كذلك الأنبياء لم يتمتعوا بحصد نسبة 100%، مادام هناك أنبياء آخرون لهم أتباعهم ومريدوهم، فكيف إذن نجح صدام فى الحصول على هذه النسبة الخرافية؟

إنه الغباء السياسى، يا صديقى، الذى يعجز عن قراءة الواقع بكل تعيقداته وصراعاته، بسبب جبروت السلطة وغرورها القاتل الذى يعمى أولى الأمر من رؤية الغليان الذى يعترى المجتمع والناس، والشاهد أن الشهور القريبة المقبلة قد تشهد اضطرابات اجتماعية حادة مادام النظام قد قرر إغلاق نوافذ الأمل، وإطفاء قناديل التغيير أمام الملايين من البشر الذين ضجروا من هذا النظام وإخفاقاته المستمرة فى كافة المجالات (هل تذكر أنه لم يستح حتى حين نال صفراً كبيرا فى تنظيم مونديال كأس العالم، بينما تمكنت قطر، هذه الدولة الصغيرة والنشيطة، مؤخراً من الفوز بشرف تنظيمه عام 2022؟).

أما الدكتور البرادعى الذى رأى أبعد من الأحزاب، والذى اختفى تماماً، أو كاد، طوال تصوير فيلم الانتخابات المثير، فلا أحد يعرف بالضبط ماذا ينوى أن يفعل بجمعيته بعد أن يجمع الحزب الحاكم كاميراته ونجومه وأفيشاته، ويغلق على نفسه باب البرلمان سعيداً ومنتشياً بفوزه المزيف؟








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة