ناصر عراق

هل نحن شعوب متخلفة؟

الأربعاء، 25 مارس 2009 04:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
علينا الاعتراف بصراحة أننا شعوب متخلفة، وأن نصيبنا فى إغناء الحضارة الحديثة معدوم بكل أسف، بل يمكن القول، بيقين، إننا عالة على الفكر المعاصر بكل منجزاته، وإليك الدليل:
هناك 100 مليون أمى عربى ثلثهم فى مصر، أى أن هناك نحو 35 مليون مصرى تقريباً لا يعرفون القراءة والكتابة. لاحظ أننى أتكلم عن الأمية الأبجدية، ولم أتطرق إلى الأمية التكنولوجية.

فهل يمكن لأمة لا تعرف الألف من «كوز الذرة»، أن تسهم فى صناعة الحضارة، فتخترع الآلات وتبتكر الأجهزة؟

خذ عندك دليلاً آخر على أننا متخلفون: كل ما نستخدمه الآن فى حياتنا اليومية ولا يمكن الاستغناء عنه، لم يخترعه العرب أو المسلمون مثل: التليفون والموبايل والتلفزيون والكمبيوتر والطائرة والقطار والكاميرا والسيارة والثلاجة والغسالة والسينما والجرائد.. إلخ، أى أننا نستعمل فواكه الحضارة الحديثة هذه من دون أن نشارك فى صناعتها بكل أسف!
سأزيدك من الشعر بيتاً، وأخبرك أن ما تطبعه إسبانيا من كتب فى عام واحد ليقرأها الناس هناك، أكثر مما يطبعه العرب مجتمعين فى 20 عاماً! مع ملاحظة أن عدد الإسبان أقل من ربع سكان العرب!

أظن أنه لا يغيب عن فطنتك أننا الأمة الوحيدة التى تُحْتَلُّ بلادنا، وتُستباح أراضينا (فلسطين - العراق)، وأننا من أكثر الأمم التى تُنهب خيراتها بانتظام من قبل حكام مستبدين وأذنابهم، وقوى كبرى وعملائها! الأمر الذى يجعل هذه الأمة المسكينة تكابد المجاعات (دارفور)، والفقر المدقع والأمراض الخطيرة، فضلاً عن الجهل والتخلف!

ما العمل؟
إذا سألتنى كيف وصل الحال بنا إلى هذا المستوى البائس؟ وكيف ننفلت من أسر هذا الوضع المحزن والمخزى؟ سأقول لك بصراحة: إن طريقة تفكيرنا هى المشكلة، وإن رؤيتنا للعالم هى المأساة، وسأشرح ذلك فوراً!

لقد تركنا عقولنا وأعصابنا لمجموعة من الناس تروّج لأفكار متخلفة، أفكار تخاصم العصر وتجرُّنا جراً إلى الوراء مئات السنين، أفكار تحتقر المرأة وتسجنها فى ثياب تعود إلى مئات السنين.

هذه الأفكار المغلوطة تبدّد أوقاتنا فيما لا طائل منه ولا فائدة، ولعل حكاية «إرضاع الكبير»، نموذج مؤسف لما وصل إليه حال الأمة؛ لأنه لا يليق أن نتحدث فى أمور مثل هذه، بينما الدول الكبرى تقتحم الفضاء وتتجاوز مجرتنا إلى مجرات أخرى!

كما لا يجوز أن نزيد ونعيد فى أننّا كنا أمة كبرى، وأن حضارة الغرب هذه اتكأت على منجزات حضارتنا الإسلامية البائدة، مهما كانت إنجازاتنا إبّان سطوع نور حضارتنا الإسلامية العظيمة، ذلك أننا الآن فى وضع سيِّئ، ولك أن تعلم أن العرب والمسلمين لم يخترعوا شيئاً ذا قيمة منذ سقوط الأندلس فى 1492م، واحتلال مصر من قبل العثمانيين فى عام 1517م! أى منذ نحو ستة قرون ونحن خارج التطور، نستهلك ما ينتجه الآخرون فقط!

المثير أن تجد بيننا أناساً «من إياهم» يقولون لك إن «كل» ما يبدعه الغرب حرام، بينما هم لا يمكن أن يعيشوا من دون الاستفادة من منجزات هذا الغرب، أو يردد أحدهم أن السينما، على سبيل المثال، مصدر إفساد للشعوب، وثالث يستخدم التلفزيون الذى اخترعه الغرب، ليسبّ الحداثة والتطور، ويلهى الرجال والنساء بقضايا لا تسمن ولا تغنى من جوع!

انسوا الماضى
هكذا صرخ الدكتور أحمد زويل مرة فى محاضرة له بالجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2004، مؤكداً أنه إذا ظلت الشعوب ترنو إلى الخلف ولا تتطلع إلى الأمام، فلن تتمكن أبداً من اصطياد عصافير التقدم، لكن ما نسى أن يقوله زويل هو أن الماضى ليس كله عسلاً، وأن الحياة فى زمن أجداد أجدادنا كانت أبسط كثيراً، ومن ثم يحتاج واقعنا الآنى إلى أفكار أخرى يمكنها أن تتعامل معه وتنفعل به، لتقدم الحلول وتواجه المشكلات.

العجيب أنك لا ترى أحداً يسأل نفسه هذا السؤال المحزن: لماذا لا توجد أمة إسلامية أو عربية واحدة متقدمة؟ ولماذا ننتج نحن فقط الحكام المستبدين؟ فالانتخابات مزوّرة، والتعذيب للمعارضين سلوك دائم لأصحاب السلطان؟ وجيش المنافقين ينمو ويزدهر، وحقوق المرأة شعار لا يتحقّق بما يليق على أرض الواقع!

أرجو ألا تظن أننى بهذا الكلام أُنَزّه الغرب عن الخطايا، لا.. ليس صحيحاً، فالأوروبيون هم الذين استعمرونا ونهبونا، وهم الذين يناصرون الدولة العبرية المشبوهة التى زرعوها هم فى قلب أمتنا! والغرب مازال منحازاً إلى الحكام الديكتاتوريين الذين يحافظون على مصالحه، ويدوسون على مصالحنا!

ومع ذلك، أعود لأؤكد أن خلاصنا من واقعنا المر لن يتأتَّى إلا بالتخفف من سلطان الماضى وأسره، سواء تمثّل الماضى فى أفكارٍ أو فى رجال، كما يتحتم علينا أن نحرّر عقولنا من كل ما يعرقل نموها وتطورها، فلا حََْجر على فكرٍ، ولا مصادرة لكتاب، ولا إزاحةَ لرأى مهما كان!
آنذاك فقط يمكن لنا أن نصنع مجتمعاً ينهض على العلم والفكر والأدب، مجتمعاً ينعم بالديمقراطية ويراعى حقوق الإنسان، مجتمعاً يسهم بنصيب فى إثراء الحضارة الإنسانية. مجتمعاً يَْنفر من القبح والفوضى والقذارة، مجتمعاً يُبجِّل قيم الحق والخير والعدل والجمال.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة