علاء عبد الهادى

فتاوى المسلسلات!

الأربعاء، 06 أغسطس 2008 01:20 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تحريم إلا بنص، والأصل فى الأمور الحل وليس التحريم .. من هنا فأنا أنظر بخيفة وتوجس وبكثير من القلق لما يحدث من فوضى الإفتاء فى السنوات الأخيرة، والتى انزلقت إليها للأسف مؤسسات وهيئات دينية، تتبع الحكومات العربية والإسلامية، ولم تعد البلوة مقتصرة على الفتاوى الفضائية، إلى الحد الذى انزلقنا فيه إلى فتاوى رضاعة الكبير وقتل الذمى، وفتوى التبرك ببول الرسول عليه الصلاة والسلام.

فإذا كنا نحذر الناس، ونطالبهم بتوخى الحذر والحيطة، وهم يشاهدون أحد شيوخ "اليومين دول" الذين ينتقلون بشنطهم وبسكرتاريتهم الخاصة من إستدويو إلى آخره، هنا يقدمون فتوى، وهنا يعلقون على مناسبة دينية، ولا مانع من تفسير الأحلام، وتقديم روشتة علاج لكل الأمراض من دون أن تذهب إلى طبيب .. فقط اجلس فى بيتك وردد هذه الأدعية، فماذا نقول لهم عن مؤسسات دينية نكن لها كل الاحترام.

لا أريد أن أبدو فى مظهر الذين يهاجمون رجال الدين، ولكن ما هى الحاجة التى ألزمت مفتى السعودية أن يقحم نفسه، ويقحم هذه المؤسسة الدينية فى قضية لا ناقة لدار الإفتاء فيها ولا جمل، عندما قال إن المحطات التليفزيونية التى تذيع مسلسل "نور" التركى هى محطات "تحارب الله ورسوله". هل السبب ما ذكر عن ارتفاع نسبة المشاهدة، والمسلسل يحتوى أفكارا ضد صحيح الدين، أم رأى المفتى فى المسلسل خطرا على السلام الأسرى بعد أن تسبب فى ارتفاع نسب الطلاق؟

أفهم من ذلك أننا أمام احتمال من الاثنين: إما أن المفتى كان يتابع المسلسل، حتى وجد أن فيه ما يستدعى استصدار فتوى بالتحريم، على أمل أن ينصرف الناس عن متابعة المسلسل، الذى أصاب العالم العربى من المشرق إلى المغرب بحالة هوس، الاحتمال الثانى أن فضيلة مفتى السعودية "قالوله" إن المسلسل يتضمن أفكارا ومشاهد تحض على الرذيلة، وتعد من قبيل محاربة الله سبحانه وتعالى. وكلا الاحتمالين أمر لا يليق.

وأنا هنا لا أريد أيضا أن أبدو وكأننى أهاجم مؤسسة الفتوى فى السعودية، بقدر حرصى على أن تنأى بنفسها وبالقائمين عليها عن الدخول إلى هذا المعترك، فالفضائيات تقدم كل شىء وأى شىء لمن يريد والحلال بين والحرام بين، وليس من المنطقى أن تخرج علينا دار الإفتاء مع كل مسلسل، وتقول لنا إن ملابس البطلة فى المسلسل الفلانى كانت خليعة، والأولى أن تستتر أو أن يتم منع المسلسل .. الكل يعلم أن القتل حرام والزنى حرام والعرى حرام، ولسنا فى حاجة إلى مزيد من الفتاوى، فحلالها حلال وحرامها حرام . أفهم أن يخرج أحد النقاد لينتقد محتوى المسلسل، وما قد يدعو إليه من أفكار هدامة تدعو، إلى الانحلال مثلا، وقد أتفهم أن ينتقد هو أو غيره نوعية الملبس والتحرر، أما أن أقابل عملا فنيا وفكريا بفتوى دينية فهو ما لا أرضاه لمؤسساتنا الدينية، لأن هذا الأمر ينال من هيبتها.

ولو حسبنا رصيد المكاسب والخسائر من هذه الفتاوى وأمثالها، سنجد أن المردود كان فى مجمله سلبيا، والدليل على ذلك كم الردود التى علقت على الخبر، فهذا مواطن مصرى لخص الأمر بقوله "كالعادة نفاجأ برد فعل علماء الدين فى الخليج، على أمور أقل ما يمكن أن توصف بأنها تافهة، بينما لا نسمع لأحدهم ولو تنويها على قضايا فى صلب مصلحة الأمة الإسلامية، تجد أحدهم يصف سماع مسلسل بأنه حرب ضد الله ورسوله، ولكنه يصاب بالخرس التام عندما يسأل عن القواعد الأمريكية بالقرب من مكة المكرمة والمدينة المنورة، لذا أدعو الله تعالى ألا أسمع أى من فتاواهم مرة أخرى، حتى لا أصاب بالشلل أو أموت بارتفاع الضغط.!".. وهذا آخر يقول "إنى أتساءل كيف أفتى مفتى السعودى هذه الفتوى .. هل تابع المسلسل على الشاشة؟

هل أتوقع أن تعرض سيناريوهات المسلسلات قريبا على السادة مفتيى الدول العربية، قبل عرضها على الشاشة، تفاديا لاستصدار فتوى دينية لاحقة، تدخل من يشاهدها النار؟!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة